إستكمال المشروع الصهيوني
بقلم : مصطفى إبراهيم
إنشغل الإعلام العربي والفلسطيني في الموقف المحرج الذي تعرض له رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو وإنتظاره نحو نصف دقيقة أمام بوابة مقر رئاسة الوزراء حيث لم يجد أحدا في استقباله، لعقد لقاء مع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، وفي مساء اليوم ذاته صوت نتانياهو مع اقتراح قانون التسوية التي صوت الكنيسيت الإسرائيلي على تشريعه لمصادرة أراض فلسطينية خاصة في الضفة الغربية بهدف شرعنة الإستيطان عليها، وهو في الأساس قانون ضم الضفة الغربية ودعوات رئيس البيت اليهودي نفتالي بينيت المتكررة بذلك.
وهو ليس سوى نقطة في بحر المشروع الإستيطاني الصهيوني منذ نكبة فلسطين في العام 1948، وهو أخطر من نقل السفارة الأمريكية للقدس، وما الانتقادات المسخة من المجتمع الدولي والتي ركزت على أن القانون يقوض حل الدولتين، ما هي إلا تصريحات صحافية وإنتقادات جوفاء من دون معنى حقيقي طالما لم تتخذ قرارات يصاحبها ممارسة ضغط على الحكومة الإسرائيلية وهذا لن يحدث.
حتى تصريحات المسؤولين الفلسطينيين التهديدية هي أكثر مسخاً من تحذيرات نتانياهو لوزرائه من حزبه الليكود والخشية من الوصول إلى المحكمة الجنائية الدولية نتيجة المصادقة على قانون التسوية، ومن الأبعاد الدولية التي ستأتي في أعقاب الاستمرار في إجراءات المصادقة على اقتراح القانون، وعلى رأسها إغضاب الرئيس الأميركي الجديد قبل أن يلتقي معه.
نتانياهو قام بزيارة إلى لندن إستمرت يوماً إلتقى رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي ووزير خارجيتها بوريس جونسون بهدف بلورة جبهة تأييد أوروبية لإسرائيل، وأخرى تضم لندن وواشنطن وتل أبيب لدعم الرئيس دونالد ترامب أمام الحملات المستمرة ضده.
ونقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن رئيس الائتلاف الحكومي في الكنيست النائب دافيد بيطان قوله في محاضرة أمام يهود في لندن، إن نتانياهو يريد من لقائه ماي “بلورة جبهة تأييد أوروبية جديدة لإسرائيل”، في أعقاب التطورات السياسية الدراماتيكية في القارة الأوروبية، من بينها انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والانتخابات الوشيكة في فرنسا “المتوقع أن تأتي بحكومة يمينية مريحة لإسرائيل”. وأضاف أن نتانياهو “يريد استغلال الوضع الناشئ في أوروبا بهدف خلق جبهة تأييد لإسرائيل تعتمد على الدول الكبرى في القارة: بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا”.
وأن نتانياهو يريد أيضاً تأسيس جبهة واحدة مع الولايات المتحدة وبريطانيا كي لا يبقى الرئيس ترامب وحيداً في ضوء الانتقادات الشديدة لسياسته في العالم.
وفي تعليق محلل الشؤون الحزبية في صحيفة ‘هآرتس’، يوسي فيرتر، على موافقة نتانياهو على قانون التسوية قال، أنه فقد السيطرة وبات دمية بيد حزب البيت اليهودي ورئيسه نفتالي بينيت، وفي عشرات المحادثات التي أجراها نتانياهو، مع وزرائه، حذر من الوصول إلى المحكمة الجنائية الدولية نتيجة المصادقة على قانون التسوية.
وبحسب محلل الشؤون الحزبية فإن أداء نتنياهو في قانون التسوية يعكس فقدانه لصوابه وفقدانه القدرة على التحكم، فهو لا يبادر إلى إخفاء كونه دمية يحركها نفتالي بينيت والبيت اليهودي، وإن التحقيقات الجنائية ضد نتنياهو أضعفت الجهاز المناعي والسياسي والائتلافي لديه.
ربما هذا صحيح فيما يخص الخلافات السياسية الحزبية والتنافس وضعف نتانياهو خاصة بعض التحقيقات الجنائية معه، غير أن نتانياهو أكثر يمينية وتطرفاً وأخطر من بينيت، وهما أبناء المدرسة الصهيونية العقائدية الإستيطانية التي تعمل بكل جهد من أجل الاستمرار في البناء الإستيطاني الإستعماري الإجرامي وحدة التوتر التي سادت بين نتانياهو وبينيت هي الصراع على كسب مزيد من أصوات اليمين في الشارع الصهيوني الأكثر عنصرية وتطرفاً.
إسرائيل ماضية في إجراءات الضم ومصادرة الأراضي الفلسطينية، والسؤال ماهي خطط الفلسطينيين لمواجهة هذا الغول الإستيطاني؟ هل سيستمرون في إطلاق التهديدات والتوجه لمحكمة الجنايات الدولية والتي حذر نتانياهو وزرائه منها وهو يدرك أن العالم لن يسمح بان تقدم المحكمة على أي خطوة بهذا المجال، وأن الوقت طويل أمامها فهي محكمة سياسية وتتحكم فيها موازين القوى.
الفلسطينيون لا يزالوا في حالة الإنتظار والتعويل على تغيير توجهات ترامب، ووعود أوروبا ومطالبتها بحل الدولتين، لم يعد وقت أمام الفلسطينيين وحان الوقت وتسمية الأشياء بمسمياتها والعودة إلى أصل الرواية وبدايتها وأننا أبطال الرواية الذين تجمعوا لتقويض المشروع الإستيطاني مجتمعين وليسوا متفرقين وأن الشعب الفلسطيني يكافح من اجل الحرية وله حركة تحرر وطني وليست حركة تحركات دبلوماسية فقط.