مطالعات الدورة الجديدة للمؤتمر الناصري العام بالقاهرة

 

اصدر المؤتمر الناصري العام في ختام دورته الحادية عشرة التي عقدها في القاهرة البيان التالي :

– عقد المؤتمر الناصري العام دورته الحادیة عشر خلال الفترة 26- 28 كانون ثاني الماضي بالقاھرة بحضور ومشاركة ساحات مصر والسودان والأردن وفلسطین وسوریة ولیبیا. وقد استعرض المؤتمر المشھد السیاسي في الوطن العربي وناقش مجمل التحدیات التي تواجھه من قوى البغي والعدوان المتمثل بالاستعمار والصھیونیة والامبریالیة ونظم الاستبداد في المنطقة التي رھنت إرادتھا للمخططات المعادیة والھادفة لتنفیذ مخطط التقسیم والتفتیت.

ویعقد المؤتمر دورته ھذه على أرض مصر العربیة التي تعود لتمارس دورھا القومي والإقلیمي في مواجھة الإرھاب ومؤامرات التفتیت والتقسیم، والتي تعاني من مخططات خارجیة وداخلیة تستھدف إبقائھا مكبلة بأغلال التبعیة، دائرة في فلك نفس التوجھات والسیاسات التي ثار علیھا الشعب العربي في مصر بثورتیه في 25 ینایر/كانون الثاني و30 یونیو/حزيران، فأجھض مشروع الشرق الأوسط الجدید المتمثل بالفوضى الخلاقة، وواجھ جماعات الإسلام السیاسي، وسجل بذلك انتصاراً لأمتنا العربیة على المشروع الصھیوأمریكي، لیس فقط في مصر ولكن أیضا على امتداد الوطن العربي. وحیث یعقد ھذا المؤتمر في الذكرى التاسعة والتسعین لمیلاد الزعیم الخالد جمال عبد الناصر، فإن النضال لابد أن یتواصل لتحقیق المشروع الناصري للتنمیة الشاملة المستقلة، وأن یلمس المواطن إجراءات واضحة ومحددة لإنجاز العدالة الاجتماعیة والاستقلال الوطني والانحیاز إلى قوى الشعب، واستعادة مجتمع الكفایة والعدل، والقضاء على الفساد والاستبداد.

وإذ یحیي المؤتمر النضال البطولي للشعب العربي في فلسطین المحتلة، وحیث یضرب الشباب الفلسطیني مثلا رائعاً في مقاومة المحتل الصھیوني بصدورھم العاریة وحجارتھم وسكاكینھم التي أثارت ذعر جنود الاحتلال وقطعان مستوطنیه، ولأن القضیة الفلسطینیة ھي القضیة المركزیة للأمة العربیة، فإن خیار المقاومة ھو الخیار الإستراتیجي لتحریر الأرض من الماء إلى الماء. كما أن دور الشعب العربي في فلسطین ھو دور رئیسي في عملیة التحریر وھو طلیعة الأمة العربیة ولكنه لیس بدیلا عنھا. وحیث یخیم على الشارع العربي الصمت الرھیب، وحیث یستمر النظام الرسمي العربي في حالة السقوط التي أعقبت توقیع اتفاقیات العار مع العدو الصھیوني، وحیث یستمر في استجداء سلام ھو في حقیقته استسلام ، إلا أن الجماھیر العربیة تؤكد على تحقیق الوحدة الوطنیة في فلسطین، على قاعدة المواجھة والمقاومة، وبمشاركة كل الفعالیات الوطنیة وقوى المقاومة من فصائل وحركات. إننا نتطلع إلى الوعي الشعبي العربي الذي لابد وأن یأخذ دوره في مساندة طلائع الثورة على أرض فلسطین الأبیة وأن ینفض عن نفسه موجة الانھزامیة التي رانت على نظم الردة، وأن یستمر في رفضه ومقاومته للتطبیع ، وأن یواجه تصریحات الإدارة الأمریكیة الاستعماریة الجدیدة بشأن نقل سفارتھا إلى القدس، وأن یؤكد على أن ما أخذ بالقوة لا یسترد بغیرھا.

وعلى صعید الأزمة في سوریة، فإن المؤتمر یؤكد على وحدتھا وعروبتھا ویرفض التدخل الأجنبي بكافة أشكاله بما في ذلك دعاوى إقامة مناطق آمنة وھي في حقیقتھا غزواً صریحاً للأرض السوریة. إننا نؤكد على الحل الذي یضمن وحدة الأراضي السوریة واستقلالھا ویضمن للشعب العربي في سوریة حقوقه في إقامة نظامه الدیمقراطي كما نحیي الشعب السوري لصموده في مواجھة مؤامرة التقسیم.

وإذ یؤید المؤتمر تقدم الجیش العراقي لتحریر البصرة، فإنه یرفض التدخل الأمریكي والاحتلال التركي ومشاركة قوى ومیلشیات طائفیة ومذھبیة بما ینذر بجولات تالیة من أجل التقسیم واقتسام الغنائم . وإننا على ثقة تامة من أن النضال الشعبي سوف یستمر في العراق من أجل القضاء على المذھبیة والطائفیة والھیمنة الأجنبیة واسترداد حقوقه المشروعة وتحقیق استقلاله ووحدته .

وبالنسبة للساحات العربیة التي تشھد صراعاً مسلحاً وحروباً بالوكالة، فإن المؤتمر یؤكد على أن الحلول السیاسیة القائمة على حقن الدم العربي والمستندة إلى الحوار الوطني الوطني ھي المخرج الحقیقي للخروج من الأزمة. إننا نطالب الأخوة في الیمن للاحتكام إلى شرعیة الحوار الوطني بعیداً عن الاقتتال الأھلي الذي یدور الآن. كما نحیي مسیرة الحوار الوطني في السودان ونتمنى أن تلتزم أطراف الحوار بالمخرجات التي نتجت عنه حتى لا تقع بانتكاسة یمكن أن تھدد وحدة السودان وسلامه الاجتماعي . ونشید بالحوار الوطني والمسؤول في تونس الحبیبة الذي أدى إلى تحول دیمقراطي حقیقي جنَب تونس شر الاقتتال والاقتسام .

كما فرض على لیبیا الوقوع في مستنقع الإرھاب وملامح التقسیم بفعل قوي الاستعمار الأوروبي والتي تمد قوى الإرھاب بالسلاح والدعم السیاسي . إن استمرار سیطرة الغرب على مجریات الأوضاع في لیبیا لن یؤدي إلا إلى تكریس حالة التقسیم واستمرار الاقتتال. إننا نثمَن المحاولات التي تقوم بھا دول الجوار العربي لممارسة دور فاعل لتغییر ھذه الحالة وإعادة لیبیا إلى مسارھا الصحیح موحدة وآمنة، في إطار من الأمن القومي العربي.

إننا نرفض الصراعات القائمة على المذھبیة والطائفیة والولاءات القبلیة والجھویة التي تخدم المصالح الاستعماریة والصھیونیة في وطننا العربي . كما نرفض الصراعات الحدودیة بین الدول العربیة باعتبارھا تكریس للتجزئة القائمة الآن على أساس من حدود صنعھا الاستعمار. وإننا ندعو إلى التكامل الاقتصادي الذي یعظم الاستفادة من كافة الإمكانیات المتاحة من ثروات طبیعیة وبشریة وتمیز للموقع الجغرافي. إن سیاسات الاقتراض من الصندوق والبنك الدولیین لن تؤدي إلا إلى تجریف الطبقة الوسطى، ونشر الفقر، وإثارة الصراع الاجتماعي، وتھدید الأمن والسلم الوطني والقومي. كما أن المیاه ھي قضیة أمن قومي لأمتنا العربیة، والعبث بھا والإضرار بمنابعھا یؤدیان إلي حرمان الشعوب من حقھا الطبیعي في الحیاة.

وفي الختام فإن المؤتمر یؤكد إیمانه الراسخ بقدرة الأمة العربیة وقواھا الحیة على التصدي لكل مشروعات التقسیم والتفتیت ومواجھة تحدیات المرحلة . إنھا أمة تستند إلى مخزون نضالي ممتد روته دماء الشھداء وھي تتقدم نحو غایتھا وفي المقدمة منھا تلك الطلیعة المؤمنة بأھداف النضال العربي في الحریة والاشتراكیة والوحدة.

المؤتمر الناصري العام

القاهرة 28/1/2017

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى