المحقق الامريكي مع صدام يعترف انه زعيم مبهر ومؤثر
عكف جون نيكسون منذ التحاقه بجهاز المخابرات الأمريكية عام 1998، على دراسة شخصية الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.
وكلفت المخابرات المركزية الأمريكية نيكسون بالتحقق من هوية صدام حسين حين اعتقله الجيش الأمريكي في كانون الاول 2013، واستجوابه.
وبحسب تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، فإن نيكسون كان دوره في الاستخبارات توفير خلفية وافية عن عدد من زعماء العالم، وتحليل الأسباب وراء “تحولهم إلى طغاة”، وفقا لتصريحات أدلى بها رجل المخابرات المركزية السابق.
وبحسب هذه التصريحات التي عرضها برنامج “فيكتوريا ديربيشاير” على قناة “بي بي سي”، فإن صانعي القرار في أمريكا يلجؤون إلى الاستخبارات”عندما تبدأ أي الأزمة، للحصول على إجابات لأسئلة مثل؛ من هؤلاء (الزعماء)؟ وماذا يريدون؟ ولماذا يفعلون ذلك؟”.
وروى نيكسون أنه كان في العراق عندما تمكنت القوات الأمريكية من التوصل إلى مكان الرئيس العراقي السابق في خندق صغير تحت الأرض، بجوار منزل ريفي في مسقط رأسه تكريت.
وكانت مهمة نيكسون حساسة جدا، إذ انتشرت شائعات آنذاك بأن هناك أكثر من شبيه لصدام حسين، قال: “لم يكن لدي أدنى شك، فبمجرد أن رأيته، تأكدت أنه هو”.
وروى رجل الاستخبارات الأمريكي أنه “عندما بدأت التحدث إليه، رمقني بنظرة كتلك التي كانت في عينيه في صورة غلاف كتاب كان على مكتبي لسنوات. كان مشهدا يفوق السريالية”.
وبحسب “بي بي سي”، فإن نيكسون تولى أول تحقيق مطول مع صدام حسين، الذي استمر لأيام طويلة.
وعبر نيكسون عن مفاجأته حينما كلف بتولي التحقيق مع “أخطر رجل مطلوب في العالم”، وفق تعبيره.
وقال إن “الأمر كله بدا “هزليا”.
وقد ألف نيكسون كتابا تحت عنوان “استجواب الرئيس”، ويقصد به صدام حسين، ووصف الرجل بأنه كان “كتلة من التناقضات”.
وقال إن الجانب الإنساني من صدام حسين يختلف تماما مع ما انتشر في وسائل الإعلام الأمريكية.
وأوضح أنه كان “من أكثر الشخصيات المؤثرة التي قابلتها في حياتي، وكانت لديه القدرة على أن يكون مبهرا، ولطيفا، ومضحكا، ومهذبا عندما يريد ذلك”.
وأفاد نيكسون بأن صدام كان يتحول إلى النقيض من كل ما سبق، موضحا أنه كان يتحول إلى شخص ” متغطرس، ومرعب عندما يفقد السيطرة على أعصابه”.
وقال إن تصرفات صدام حسين كانت “جامحة إلى حد ما”، مضيفا أن الظروف المحيطة لم تساعده على الانسياق في ذلك، إذ كانت الغرفة التي تجري فيها التحقيقات ضيقة، وتفتقر إلى النظافة، ويجلس فيها على مقعد معدني قابل للطي.
وأضاف انه لم يكن في الغرفة سواه بالإضافة إلى مسؤول تشغيل جهاز كشف الكذب، ومترجم.
وروى نيكسون أنه في نهاية الجلسة الأولى من جلسات التحقيق، حاول أن يشيع الألفة بينه وبين الرئيس السابق، ما دفع صدام حسين إلى التأكيد على أنه استمتع بالحوار معه.
وأرجع نيكسون ذلك إلى أن “اختباء صدام لأشهر عدة حرمه من التحدث لفترة طويلة”.
ووصف أن هذه كانت بداية إيجابية بينه كمحقق والرئيس العراقي السابق، لكن صدام حسين بدا أكثر تشككا في كل من حوله في اليوم التالي، وفقا لنيكسون.
وأكد أنه في ذلك الوقت، بلغ صدام حسين درجة من الشك دفعته إلى الإجابة على كل سؤال يوجه له بسؤال.
وأشار المحقق الأمريكي إلى أن المخابرات المركزية الأمريكية كان لديها القليل لتدفع به حسين نحو التحدث مع المحقق.
وتابع: “لذا كان علينا اللجوء إلى ما يتوافر لدينا من خلفية تاريخية عنه مع ما كنا ننتظره من تسجيلات أدلى خلالها بآرائه بمعرفة أكبر قوى العالم”.
وقال: “كانت هناك موضوعات محددة استهدفت المخابرات المركزية الأمريكية التعرف على تفاصيلها من خلال التحقيق مع صدام حسين، استثناء ذلك، كان له مطلق الحرية في الحديث فيما شاء”، وفقا لنيكسون.
وأشار المسؤول المخابراتي إلى أنه كان عليه آنذاك أن يحاول إيجاد أجوبة لأسئلة أثارتها المخابرات.
وقال: “كونك تعمل لدى الوكالة، فقد تعلمت كيف تستجوب المصادر وتستغلها لخدمة التحقيقات”.
لكنه لفت إلى أنه لابد أن يتوخى مسؤول المخابرات الحذر أثناء هذه العملية حتى لا يخاطر بقدرته على استخلاص أكبر قدر ممكن من المعلومات من خلال الحديث مع المصادر.
ووفقا لنيكسون، فإن الموضوع الأهم على الإطلاق في التحقيق كان أسلحة الدمار الشامل، التي كانت الذريعة التي استخدمتها الولايات المتحدة وبريطانيا لتبرير غزوهما العراق، إذ كانتا تروجان لمزاعم وجود هذا النوع من الأسلحة في العراق.
وقال نيكسون إن “هذا هو كل ما أرادت الإدارة الأمريكية معرفته”، لكنه توصل -بعد حديث ممتد مع صدام حسين ومستشاريه، وعمليات بحث ذات صلة بالقضية للتحقق من مدى ثبوت أو نفي هذه المزاعم- إلى نتيجة تشير إلى أن الرئيس العراقي السابق أوقف البرنامج النووي لبلاده منذ سنوات عدة قبل سقوطه في أيدي القوات الأمريكية، وأنه لم يكن يعتزم في أي مرحلة من ذلك الوقت استئنافه ثانية.
واعتبر نيكسون وزملاؤه في المخابرات المركزية الأمريكية النتيجة التي توصلوا إليها من التحقيق مع صدام “فشلا في التحقيقات”.
وكشف المحقق الأمريكي أنه لم يطلع الرئيس السابق جورج بوش الابن على نتائج التحقيقات إلا بعد خمس سنوات من تحقيقاته مع صدام في 2008، بعد ظهور نتائج منفصلة لتحقيقات مكتب المباحث الفيدرالية.
وبالنسبة لمحقق المخابرات المركزية الأمريكية نيكسون فإنه “استمتع أكثر بلقاء صدام أكثر من لقائه الرئيس جورج بوش الابن.
ونيكسون كان من القلائل الذين يعدون على أصابع اليد الواحدة الذين حظوا بفرصة لقاء الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن والرئيس العراقي السابق صدام حسين.
ووصف نيكسون بوش الابن بأنه كان “معزولا عن الواقع”، ويجلس وسط مستشارين دائمي الإيماء برؤوسهم، في إشارة إلى الموافقة على كل ما يقوله.
وقال المحقق المخابراتي: “اعتدت أن أقول إن ما تتوصل إليه المخابرات المركزية الأمريكية مهم، وأن الرئيس سوف يسمعنا، لكن ثبت لي أنه ليس مهما بما يكفي، وأن السياسة تتفوق على المعلومات المخابراتية في النهاية”، وفق قوله.
وفي معرض حديثه، أعرب محقق الاستخبارات الأمريكي عن إحساسه بالأسف لما حدث في العراق منذ الإطاحة بصدام حسين في 2003.
وقال إن إدارة بوش الابن لم تفكر فيما قد يحدث في العراق بعد إسقاط حكم صدام حسين.
ورجح نيكسون أن المنطقة كان من المتوقع أن تشهد أوضاعا أفضل في حال بقاء حسين في السلطة في العراق.