داوِ جرحك لا يتسع

يعيش الأردن بأجواء من القلق والتوتر على جميع المستويات  الرسمية والشعبية، بسبب أعمال الإرهاب التي طالت جزءاً عزيزاً من الوطن وراح ضحيتها عدد من الشهداء والجرحى. وبهذه الأعمال الإرهابية التي أعلنت عن قيامها حركة التنظيم الإرهابي داعش يكون الأردن هدفا ً مباشرا ً للإرهاب .

ولم يكن الأردن منذ بداية الأزمة في العراق والأزمة في سوريا بمعزل عن المواجهة، حيث لا يزال عضوا ً في التحالف الدولي المقاوم للإرهاب الذي تقوده الولايات المتحدة، لأن مواجهة الإرهاب كما صرح كبار المسؤولين تتطلب تكاتفاً وتنسيقا ً إقليميا ً ودوليا ً.

يزداد قلق الأردن من تزايد الدعم للمنظمات المسلحة التي يقاتل معها عدد كبير من المواطنين الأردنيين ، كما يبدي عدد من المواطنين معارضتهم مشاركة القوى الأمنية والمسلحة الأردنية في الحملة التي تستهدف المنظمات الإرهابية.

لم تكن الهجمات الإرهابية الأخيرة بمعزل عن المحيط الملتهب حول الأردن. فالذين يقومون بهذه العمليات المستنكرة والمدانة قد التحق معظمهم في القتال مع داعش والنصرة والتنظيمات الإرهابية الأخرى في سوريا وفي العراق.

تأتي هجمات داعش الأخيرة وتتحرك وتتمدد برغم الحرب المعلنة على التنظيم، والحصار المفروض عليه وهذا يؤشر إلى الإستراتيجية التي يتبعها للحفاظ على وجوده، وإثبات أنه قادر على الرد أما في الأردن فيجب أن يطرح الموضوع الإرهابي بجدية قبل أن يستفحل أمره ويصبح من المتعذر تطويقه، أو ملاحقته والقضاء عليه.و قبل أن يشكل تهديداً  لأمن الوطن والمواطن. بالأساليب الوحشية التي يمارسها بحق المواطنين الذين يستهدفهم.

سيبقى الأردن والدول العربية عُرضة لهجمات الإرهاب ما دام الوضع العربي الحالي منهكا ً وضعيفا ً وتابعا ً ولا يملك قراره السيادي. وستبقى الأرض العربية ساحة صراع يتصارع عليها قوى الغرب ودول الإقليم، وسيبقى الوطن العربي هدفا ً للتقسيم والتجزئة وستظل الهويات الفرعية من طائفية وإقليمية وعنصرية هي السائدة والمسيطرة على عقول المواطنين . ولمواجهة هذه التحديات وقوى الإرهاب لا بد من تعميق ثقافة الديمقراطية وإشاعة أجواء الحرية والحقوق الاجتماعية.

لقد نهج الأردن مع المسلحين الذين كانوا يعودون من سوريا والعراق سياسة الحوار . وأخرج العديدين من السجن بعد التفاهم والتعهد من قبلهم، ولكن ماذا كانت النتيجة، الجحود والاستمرار بالعمل ، والالتزام بتعليمات التنظيم، وأعتقد أن هناك قيادة داخل الأردن تقوم بالتعبئة وتوسعة القاعدة مستغلة الوضع المتردي الذي يعيشه المواطن، وبخاصة وضع الطلبة الذين لم يحالفهم حظ النجاح بالتوجيهي حيث أن عددهم حسب تقرير وزارة التعليم العالي أكثر من 400 ألف طالب.

إن هذا الوضع الشاذ الذي يعاني منه المواطن الأردني بما فيه من فقر وبطالة واسعة يشكل بيئة مناسبة للتنظيمات الإرهابية. كما أن ثقافة المذاهب والطوائف التي دخلت في عقول المواطن صار لها تأثير كبير على توجهه المستقبلي.

إننا ونحن نعيش هذه الأجواء المحزنة على شهداء شعبنا، لا بد أن نعي مخاطر الأزمة، ونساهم جميعا ً في بلورة رؤى وبرامج وتوجهات ، مؤسسات الدولة، ومنظمات المجتمع المدني، وأشخاص ومواطنين على امتداد الوطن، من خلال فتح حوارات يناقش فيها الجميع نقاشا ً تشاركيا ً يؤدي إلى وضع ميثاق عمل وطني يرسم معالم المستقبل على قاعدة الحفاظ والتمسك بالمصالح الوطنية العليا للأردن.

رحم الله الشهداء والدعاء بالشفاء العاجل للجرحى وحفظ الله الوطن.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى