حملة شعبية مصرية ضد السعودية

واصل سياسيون وإعلاميون ونواب مصريون، هجومهم الحاد على المملكة العربية السعودية، جراء زيارة وفد ملكي سعودي إلى إثيوبيا، يوم الجمعة الماضي، أثارت غضبا عارما لدى النخب المصرية كافة, بلغ حد التهديد المباشر للسعودية وقيادتها، بعدد من الأمور المثيرة.

فقد فجر طارق فهمي، أستاذ الدراسات السياسية والاستراتيجية بالجامعة الأمريكية، مفاجأة مدوية وهو يخاطب المذيعة عزة مصطفى، مقدمة برنامج “صالة التحرير”، عبر فضائية “صدى البلد”، عندما قال: “بعد قليل ستسمعين أن لدينا إمكانات التدخل في الشأن الخليجي، ودعم ومساندة بعض الأمراء المعترضين على السياسات السعودية في الوقت الحالي”.

وأردف فهمي: “مصر لديها أوراق ضغط كثيرة لم تستخدمها، ولم تلوح بها، وإذا أرادت أن تستخدمها في هذا التوقيت ستستخدمها”.

وهدَّد: “إذا وصلت الأمور إلى ملفات خاصة تتعلق بالأمن القومي المصري فلن تكون هناك خيارات دبلوماسية أو خيارات توافقية”.

وقال مخاطبا السعوديين: “عليهم أن يدركوا في هذا التوقيت أن بال وصبر مصر لن يكون مفتوحا، ولن نعطي شيكا على بياض لأحد، وإذا استمرت هذه الأمور فهناك أساليب رادعة”.

كما وصف زيارة مستشار ملك السعودية لسد “النهضة” بأنها “تأتي ضمن أسلوب المكايدة السياسية الذي اختارت المملكة أن تتعامل به مع مصر، ومحاولة نقل رسائل مباشرة لمصر تتعلق بملف سد النهضة، ومناكفة لمصر تتعلق بأمنها القومي”، مشددا على أنه “لا بد من التعامل الجاد مع هذه الأمور”.

وفي تهديد اخر للقيادة السعودية، قال الإعلامي محمد علي خير: “أتمنى أن تراجع السعودية نفسها في مواقفها، وإلا لا تلومن إلا نفسها”.

وأشار “خير إلى أنه “لا ينبغي للدولة المصرية أن تستمر في ضبط أعصابها بهذا الشكل”، مؤكدا أن “الذي يلعب في منطقة سد النهضة.. ده بيهددني تهديد أمني مباشر”.

وأردف، لدى تقديمه برنامج “المصري أفندي”، عبر فضائية “القاهرة والناس”: “الكلمة الآن للسعودية، وننتظر أن يكون هناك حكماء في الجانب السعودي”.

واعلن “خير” أن السعودية تحاول الضغط على مصر على مدار 40 عاما؛ حتى لا تقيم علاقات مع إيران برغم أن هناك دولا خليجية لديها علاقات مع إيران.

وأضاف: “مصر فضلت شارية خاطر السعودية، والمملكة تكيد كيد سياسي أطفالي لبلادنا”، على حد قوله، مردفا: “العلاقات المصرية -السعودية فيها مشكلة منذ تولي الملك سلمان الحكم”.

وتساءل: “لماذا تقوم السعودية بهذه الاعمال العدائية مع مصر؟ هل لازم أتفق معاك في الحرب ضد النظام السوري؟ وهل لازم أساعدك وأبعت جنود تحارب معاك في اليمن في حرب لا علاقة لي بها؟”.

وفي تهديد آخر لجأ إليه خالد صلاح، رئيس مجلس إدارة وتحرير صحيفة “اليوم السابع”، وصل إلى حد التلويح بالحرب، قال في برنامجه “على هوى مصر”، عبر فضائية “النهار one”، إن “الإعلام المصري يحافظ حتى الآن على هدوئه واتزانه تجاه السعودية إدراكا منه أن ما يحدث قد يكون “سحابة صيف ومفيش حاجة وحشة بين الطرفين”.

واستطرد: “يا رب ما يكونش فيه حاجة وحشة، طيب افرض فيه حاجة وحشة.. دا إحنا حاربنا إسرائيل وأمريكا وحاربنا العالم، وهما (السعوديون) المفروض يقرأوا الرسائل اللي حصلت الفترة اللي فاتت، لما منعوا البترول.. المصريين لم يجروا في الشوارع يصوَّتوا”.

وأضاف صلاح: “أكلم الإدارة السعودية التي نكن لها كل التقدير، وأرجو أن يؤخذ كلامي بمحمل حرية الرأي مش بمحمل العدوان، لأننا لا نريد العدوان”.

وخاطب الملك سلمان قائلا: “كيف أفهم هذا (زيارة إثيوبيا) خاصة أنك.. علاقات وضيَّقت.. وبترول ومنعت.. واستثمارات ووقفت..؟ فيحق لنا أن نسأل: ما مصير علاقتنا مع السعودية في ظل ما يحدث؟”.

وتابع تساؤلاته للملك سلمان: “أنت ليه بتعمل معايا كده؟ ليه مستضعفنا كده؟ اليمن لم تحقق انتصار، وسوريا لم تحقق انتصار، طيب أنا ذنبي أنك خسرت؟ هل أنا ذنبي أنك مش خبير في الصراعات العسكرية”.

وتابع: “مصر ما غامرتش بموقف سخيف مثلا، وما قلناش مش شغالين في حراسة باب المندب في موضوع اليمن، ولم تبدأ الصحف المصرية تنشر حتى التقارير اللى بينشرها الأمريكان عن الحرب في اليمن، واللى بيعمله إسماعيل ولد الشيخ، المبعوث اليمني اللي بيثبت مكان الحوثيين، وهو ما يعني أن كل الفلوس اللي صرفتها السعودية وكل الشهداء في المملكة لم يكن لهم مردود إذا ظل الحوثيون على حالهم، وبالتالي لم تكن هناك جدوى من الحرب”، حسبما قال.

ولم يغب الإعلامي أحمد موسى، عن المشهد، إذ هددَّد السعوديين والخليجيين الذين يستثمرون في إثيوبيا، بأن استثماراتهم سوف تضيع في مياه النيل.

وقال، في برنامجه “على مسؤوليتي”، بفضائية “صدى البلد”، إن “عمر سد النهضة ليس طويلا، ومن الممكن أن يحدث بركان في أي وقت، واللي بيفكر يستثمر بالمليارات هناك بيضيَّع فلوسه، وهيطلع كله على فاشوش”.

وقال، ملمحا إلى الدول الخليجية، وبالأخص السعودية: “الدول دي لازم تخلي بالها قبل ما تروح ترمي مليارات الدولارت، لأن الفلوس دي هتضيع، وهم  كده بيرموا فلوسهم في النيل، لأن السد ده مش هيكمل كتير”.

وتابع بأن سد النهضة يقع في منطقة صعبة ومعرضة دائما لثوران البراكين، وأنه لا محالة سيقع بركان هناك عاجلا أم آجلا، مستطردا: “ماحدش هيقدر يمنع عن مصر حقها التاريخي فى المياه، ومش هنتنازل عنه”.

في السياق نفسه، قال الكاتب الصحفي، عبد القادر شهيب، إن السعودية دعمت مصر ماليا؛ لأنها تعلم أنه إذا سقطت مصر ستسقط كل عروش دول الخليج، زاعما أن مواقف السعودية من مصر تثير غضب المصريين.

وكشف، في لقائه ببرنامج “صالة التحرير”، عبر فضائية “صدى البلد”، أن مصر رفضت طلبا سعوديا بإرسال قوات برية إلى اليمن، لأن قناعتها هي أن الحل في اليمن سياسي، وليس عسكريا، مردفا بأن الخلافات مع السعودية سياسية، وأن الإعلام بريء من توتر العلاقات.

وقال: أن السعودية تتحالف مع قوى قريبة من جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا وسوريا، وهذا عكس توجه الدولة المصرية، وأن مصر مع بقاء الدولة السورية والجيش العربي السوري، وبقاء الدولة الليبية الموحدة والسورية الموحدة، وهذا عكس ما يهدف إليه الموقف السعودي.

واتهم المملكة السعودية بأنها “انتهجت نفس السياسة القطرية خلال الفترة الحالية”، مدعيا أن “بيان مجلس التعاون الخليجي بشأن حادث الكنيسة الكاتدرائية يحمل نيات غير طيبة”.

والى جانب الإعلاميين السابقين، انضم عدد من السياسيين المصريين إلى مسلسل الهجوم الكاسح على السعودية، والتهديد المبطن، وغير المباشر لها, حيث قال وزير الموارد المائية والري الأسبق، محمد نصر الدين علام، في تصريحات صحفية: “ما تقوم به السعودية تحرك خاطئ، وسيكون له ردود فعل غير إيجابية، وسيزيد من حدوث التفرقة بين الدول العربية”.

وأضاف أبو زيد أن قادة السعودية السابقين لهم تاريخ أبيض مع مصر، والشعب المصري، مستدركا: “لكن ما تقوم به حاليا يعد من “المواقف السوداء” التي لن ينساها التاريخ، ما لم يتم تداركه فورا”.

وتابع: “أي خلافات بين الحكومة المصرية والسعودية أو القيادتين في البلدين لا يجب أن تنعكس في تصرفات “غير مسؤولة” تهدد مصالح الشعبين، من خلال التلويح بالتعاون مع دولة تهدد الأمن المائي للمصريين”، مطالبا بمراجعة هذه المواقف لأنها “ستكون ضد الشعب المصري، وليست ضد الرئيس فقط”، وفق قوله.

ورأى أبو زيد أن زيارة الوفد السعودي لإثيوبيا “تشكل سابقة خطيرة، وتُعد ردا على الخلافات الحالية بين مصر والسعودية، واستكمالا لمسلسل التراجع عن الالتزامات السعودية بتوفير الإمدادات البترولية لمصر بموجب اتفاق تعهدت به شركة “أرامكو” السعودية الحكومية”.

وغير بعيد، واصل أعضاء في مجلس النواب المصري هجومهم على السعودية، على خلفية الزيارة نفسها, حيث استنكر عضو لجنة الشؤون العربية بمجلس النواب، جمال محفوظ، ما وصفه بأنه “زيارة الوفد السعودي لتفقد الأعمال بسد النهضة الإثيوبي”، متسائلا: “لماذا تفعل السعودية الشقيقة ذلك؟”.

وشدَّد على أن هذه الزيارة خطيرة، حيث تؤكد دخول مصر والسعودية مرحلة جديدة من العلاقات غير الجيدة، معلنا أن السعودية بهذه الخطوة قد تخطت حدود علاقة الأشقاء المتينة، بالوقوف إلى جانب إثيوبيا ضد مصر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى