السعودية تتآمر على النيل !!
بقلم : شادي الشربيني
أهم سبيل في بناء أحكام دقيقة وصارمة هو القراءة الواقعية والعميقة للحوادث والأحول… وقراءة الفعل السعودي الذي ذهب إلى حد دعم بناء سد النهضة الأثيوبي، ذلك السد الذي يهدد بتجفيف شريان الحياة الأبهر في مصر.. يعني أن السعودية لا توجه ضربة إلى نظام عبد الفتاح السيسي، وليست في حالة عداء مع هذا النظام.. بل هي توجه ضربة إلى الشعب المصري بأكمله، وهي في حالة عداء صارخ وفاضح مع مصر كشعب ووطن.. فأيا كان حجم خلافها مع النظام، المجهول الأسباب حتى الآن، فذلك لا يعني بأي حال من الأحوال التآمر على الشعب المصري بأكمله إلى حد تجويع هذا الشعب وتعطيشه عن طريق قطع شريان الحياه الأول والأساسي الذي قامت عليه مصر كدولة ومبنى ومعنى وعمران بشري…
لقد قيل أن بداية الحرب السعودية على مصر هو بسبب تصويتها لمشروع القرار الروسي بشأن سوريا في مجلس الأمن الشهر الماضي، علماً بأن مصر قد صوتت أيضاً لمشروع القرار الفرنسي الذي تدعمه السعودية… لكن هناك تقارير عديدة نشرت تؤكد أن قطع إمدادات البترول السعودي لمصر قد تم قبل هذا التصويت، ثم إن مصر قد صوتت خلال الشهر الجاري لمشروع قرار كندي آخر بشأن سوريا يتبناه ويرعاه مجموعة أعداء سوريا التي تهدف إلى الإطاحة بالدولة السورية ونسقها المقاوم والوصول إلى تفكيكها، ولا يمكن تفسير تصويت مصر لصالح مشروع القرار الكندي، ذلك التصويت الذي يتنافى مع أبسط مبادئ الأمن القومي المصري، سوى أنه كان سعي ومحاولة جديدة من النظام المصري لإرضاء آل سعود على حساب الأمن القومي المصري… لكن حتى هذا لم يجدي ولم يثن آل سعود عن المضي قدماً في سياسة العداء ضد النظام المصري، التي أستفحلت ووصلت إلى حد تعطيش وتجويع المصريين…!!!!
إن هذا العداء السعودي يكشف عن كراهية عميقة يكنها آل سعود لمصر، وأن وقوف السعودية مع انتفاضة 30 يونيو ودعمها، لم يكن له دافع سوى خوف السعودية من نجاح المشروع الأردوغاني – الإخواني الذي يوعد بخلافة إسلامية مما يطيح بالمركزية الدينية للمملكة آل سعود…
لقد عملت السعودية على مدى أكثر من أربعين عاما ماضية على دعم نظام السادات/مبارك حتى تقطع الطريق على أي محاولة لعودة الوجه الناصري لمصر، وكان هذا الدعم من النوع الذي يبقي الدولة المصرية طافية فقط على السطح، بحيث لا تغرق، ولكنه بقى محدود بحيث لا يساعد تلك الدولة أن تعوم إلى بر آمن… وخلال تلك الفترة أيضاً عملت السعودية على نشر مذهبها الوهابي التكفيري داخل مصر والإستيلاء على الأزهر والدعم السخي لمختلف جماعات الإسلام السياسي وغيره, ونشر الطائفية وخطاب الكراهية بين المصريين، مما كان له أثره الواضح والبين في تخريب المجتمع المصري وضرب وحدته الوطنية، وهو مازلنا ندفع ثمنه حتى الآن دم ودموع وتفكك، ولم نعرف حتى هذه اللحظة كيف نوقف آثار هذا التخريب السعودي المتعمد…
طوال السنوات الماضية كان آل سعود يخربون مصر ومجتمعها بطرق خفية ومستترة، ويغطون مرارة التخريب الناعم بطبقة رقيقة من سكر المال حتى يبتلع المصريون هذا التخريب ولا يقاوموه وهو ما حدث… لكن الوضع تغير الآن حيث أصبح التآمر السعودي على مصر فج وأوضح من شمس الظهيرة في كبد السماء، مما يعكس ليس فقط أنفلات مشاعر حقد وكراهية آل سعود لمصر والمصريين، ولكن أيضاً، في تقديري، أن هناك أطراف أخرى تدفع السعودية دفعا إلى شن هذه الحرب الضروس ضد مصر بغرض إجبار النظام الحالي بتنفيذ أجندات تطيح بما تبقى من الأمن القومي المصري، وتدفعها في أتون الفوضى والتفكك، وبالمناسبة فإن نفس هذه الأطراف هي التي دفعت بآل سعود للتورط في حربها الضروس العدوانية الشرسة ضد سوريا واليمن.