تعقيدات جديدة على حياة المدين
بقلم: علاء القصراوي
في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يَمُر بها المواطن الأردني داخل حدود المملكة، وفي ظل كساد الأسواق التجارية، وعدم زيادة الرواتب للموظفين في القطاعين العام والخاص، وغلاء المعيشة وارتفاع أسعار كل المواد الضرورية للعيش بحياة كريمة؛ جاء قانون التنفيذ الأردني رقم 25 لسنة 2007 (المُعدَّل عن القانون رقم 36 لسنة 2002) ليَصُب الزيت على النار، لينتقل بحياة المواطن الأردني المُتعثِّر ويجعل حياته من صعبةٍ إلى جحيم.
المادة 22/أ تنص على: “يجوز للدائن أن يطلب حبس مدينه إذا لم يسدد الدين أو يعرض تسوية تتناسب ومقدرته المادية خلال مدة الاخطار، على أن لا تقل الدفعة الأولى بموجب التسوية عن 25% من المبلغ المحكوم به”.
وعليه فإن المدين قد يمضي عقوبة الحبس مدى الحياة فيما إذا كان مدينا لنفس الجهة أو لأربع جهات مختلفة، حيث يُعاقَب بالحبس بما لا يتجاوز الثلاث شهور عن “كل دين”، ففي نص المادة 22/ج: “لا يجوز أن تتجاوز مدة الحبس 90 يوماً في السنة الواحدة عن دين واحد ولا يحول ذلك دون طلب الحبس مرة أخرى بعد انقضاء السنة”.
وكما جاء في المادة 22/د: “يمكن استمرار الحبس بعد انقضاء مدته من أجل دَين آخر، وذلك بناءً على طلب الدائن نفسه أو دائن آخر”، بمعنى آخر، فإن النصوص السابقة تقضي بعقوبة الشخص المدين بحكم ٍ أكبر وأشد من عقوبة جريمة القتل أحياناً ! فإذا كان الشخص بالأصل مُتعثراً مالياً؛ فكيف له أن يُسدِّد أو يعمل على تسويةٍ ضمن قدراته ؟!
إنّ استمرار الحبس وتكراره لكل عام، يتناقض مع المادة 14/7 من العهد الخاص بالحقوق السياسية والمدنية التي تنص على: “لا يجوز تعريض أحد مجدداً للمحاكمة أو للعقاب على جريمة سبق أن أُدين بها أو بُرّئ منها بحكم نهائي”، فالقانون يُكرِّر العقوبة كل عام في حال تَعذَّر المدين عن سداد دينه ! فكيف لإنسانٍ يقضي عقوبة الحبس أن يعمل على تأمين الحد الأدنى من متطلبات الحياة الأساسية لأسرته؟ وكيف له أن يمارس حقّه بتحسين ظروفه المعيشية؟ وكيف له أن يبدأ بتسديد ديونه وهو نزيل في السجن دون عمل أو مُعين؟
الأصل أنّ الذمة المالية هي التي تضمن الدّيْن وليس الجسد، وهذا ما جاء في الشريعة الإسلامية، حيث لم تُجِزْ حبس المدين المُعسر الذي لا مال له لأداء الدّيْن وإنما يُنْظَر إلى حين يُسرِه، قال تعالى: {وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ}.
وفي المادة 23/أ/1 جاء: “لا يجوز الحبس لموظفي الدولة”، حيث يُعَدُّ هذا انتهاكاً للمادة السادسة من الدستور التي تنص على: ” الأردنيون أمام القانون سواء”، فكيف للقانون أن يستثني شريحة من المواطنين من الخضوع لبعض مواد القانون، بالرغم من أي مبررات يطرحها المؤيدون؟ فالقانون من حيث المبدأ يجب أن لا يتناقض مع الدستور.
وفي الختام، أرى بأنه من الواجب تعديل قانون التنفيذ رقم 25 لسنة 2007 وتعديلاته بما يتلاءم مع العهدين الخاصين بالحقوق السياسية والمدنية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، خاصةً وأنّ العالم آخذٌ باستبدال عقوبة الحبس على خلفية ارتكاب جُنح وجنايات بعقوبات بديلة، فما هو الحال إذا كانت عقوبة الحبس لمدين ضاقت به ظروف الحال إلا إذا كان هو رافضاً لسداد دينه؟؟