سقوط هيلاري يريح الاردن سياسياً وفوز ترامب يزعجه اقتصادياً

كتب ساطع الزغول

بمزيج من الارتياح السياسي والقلق الاقتصادي، استقبلت الدوائر الاردنية الحاكمة فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب بمنصب رئيس الولايات المتحدة، وهزيمة المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون التي كانت الاستطلاعات السياسية كافة ترجح انتصارها على منافسها اليميني المتطرف.
وكما فوجئت دول العالم اجمع بهذه النتيجة الغريبة والمباغتة، فوجئت الدوائر الاردنية ايضاً، ولكنها لم تنزعج جراء ذلك، بل شعرت بالارتياح وتنفست الصعداء لغياب السيدة كلينتون التي طالما طالبت السلطات الاردنية بالاصلاح السياسي، والانفتاح الديموقراطي، ومحاربة الفساد، كما سبق لها ايام كانت وزيرة للخارجية الامريكية ان صرحت ”بان الوقت قد حان لكي ينتخب الاردن رئيس وزرائه”، ثم ما لبثت ان اعلنت في وقت آخر ”ان من الصعب على قادة امريكا الاعتراف بان النظام الفردي في الاردن، هو صاحب توجهات ديموقراطية”.
المراقبون السياسيون في عمان سبق ان اعتبروا الغاء قانون الصوت الواحد، واجراء انتخابات نيابية شبه نزيهة، والسماح لجماعات الاخوان المسلمين بالمشاركة الانتخابية والفوز بعدة مقاعد نيابية، بمثابة اوراق اعتماد، وجوائز ترضية مقدمة للسيدة كلينتون حتى قبل وصولها الى رحاب البيت الابيض، ولكن هزيمتها امام ترامب قد اعفت الدوائر الاردنية من تقديم المزيد من الاصلاحات السياسية، خصوصاً وان جدول اعمال ترامب الخارجي لا يحفل كثيراً بالاصلاحات السياسية والمسارات الديموقراطية في العالم، قدر احتفاله بمناهضة المنظمات الارهابية والجماعات الاخوانية.
احد هؤلاء المراقبين المطلعين على دخائل الامور قال ”للمجد” ان اسباب قلق السلطات الاردنية من وصول ترامب الى الرئاسة الامريكية، يعود الى العامل الاقتصادي وليس السياسي، ويتصل مباشرة بحجم المعونات المالية والعينية التي تقدمها واشنطن الى الاردن.. ذلك لان ترامب قد دأب طوال حملته الانتخابية على توجيه الانتقادات للادارات الامريكية المتعاقبة، بدعوى الافراط في تقديم المنح السخية والخدمات المجانية لدول العالم على حساب المواطن الامريكي، وهو لم يتردد في الاعلان عن عزمه تقليص هذه المعونات والخدمات الى ادنى الحدود، بل ومطالبة الدول الخليجية تحديداً بدفع ”الجزية” لامريكا ما دامت توفر لها الامان والاطمئنان بدماء جنودها.
واضاف هذا المراقب العتيق يقول ”للمجد”، ان الاردن الذي يجتاز مصاعب مالية واقتصادية جمة، ويفتقد الكثير من الدعم الخليجي المعتاد جراء انخفاض اسعار النفط، هو اكثر ما يكون حاجة هذا الاوان للمعونات الاجنبية، وتحديداً الامريكية التي تتجاوز المليار دولار سنوياً.
وكشف هذا المراقب عن ان اليس ويلز، السفيرة الامريكية في عمان التي طفقت تستطلع آراء النخب الاردنية في فوز ترامب الانتخابي، قد سمعت من الجميع تخوفهم من لجوء ادارة ترامب المقبلة لتقليص معوناتها المالية والعينية للاردن الذي ينهض بدور مهم في مناهضة الجماعات الارهابية، وينسجم في هذا الامر مع رؤية ترامب ورغباته في قطع دابر هذه الجماعات الغاشمة.
ولفت هذا المراقب الانظار الى مقابلة الملك عبدالله مع محطة (اي بي سي) التلفزيونية الاسترالية التي اعلن فيها جلالته ان ادارة ترامب سوف تغير قواعد اللعبة في العديد من قضايا الشرق الاوسط، وقال هذا المراقب ان الدوائر الاردنية تستعد هي الاخرى لتغيير بعض القواعد والمعادلات الداخلية والخارجية، وفقاً للمتغيرات الامريكية وبالتالي الدولية والاقليمية، وفي مقدمتها الموقف الحازم من الجماعات الارهابية والاخوانية، وليس قضايا الاصلاح السياسي والمجتمعات المدنية.
واعرب هذا المراقب المطلع عن خشيته من انتهاء حالة المهادنة بين الدوائر الامنية والحكومية، وبين الجماعات الاصولية والاخوانية التي فقدت، بفوز ترامب، ظهيرها الامريكي الذي طالما تولى حمايتها ورعايتها في غير دولة عربية واسلامية طوال ادارة اوباما ووزيرة خارجيته الست هيلاري.. والشواهد والوقائع كثيرة ومعروفة على نطاق واسع.
نبدأ من السيدة هوما عابدين، مديرة مكتب هيلاري كلينتون، وهي امريكية من اصل باكستاني ترعرعت في المملكة العربية السعودية، حيث كان والدها مديرا لمجلة أكاديمية، شغلت ”هوما” فيها لسنوات عديدة وظيفة أمينة التحرير، وكانت تنشر فيها آراء الأخوان المسلمين بشكل منتظم.
أما والدتها، فترأس الجمعية السعودية للنساء الأعضاء في جماعة الأخوان المسلمين، وكانت تعمل مع زوجة الرئيس المصري المخلوع محمد مرسي.
السيدة هوما عابدين ليست العضو الوحيد في إدارة أوباما المرتبط بجماعة الأخوان المسلمين، أبونغو مالك أوباما، الأخ غير الشقيق للرئيس باراك أوباما، هو أيضاً عضو في الجماعة، وأمين صندوق العمل الدعوي للإخوان في السودان.
أخونجي آخر، هو مهدي الحسني، عمل عضواً في مجلس الأمن القومي، أعلى هيئة تنفيذية في الولايات المتحدة، من عام 2009 إلى عام 2012.
وهناك أخونجي ثالث، هو رشاد حسين، عمل سفيراً للولايات المتحدة لدى المؤتمر الإسلامي، فيما عمل الاخونجي السوري لؤي صافي، العضو الحالي في ”التحالف الوطني السوري”، مستشاراً في وزارة الدفاع الأميركية.
في نيسان 2009، وقبل شهرين من خطابه في القاهرة، استقبل الرئيس أوباما سراً، وفدا من جماعة الإخوان في المكتب البيضاوي. وقد سبق له أن دعا إلى حفل توليه مقاليد الحكم، إنغريد ماتسون، رئيسة جمعية الأخوة والأخوات المسلمات في الولايات المتحدة.
ومن جانبها، عيًنت مؤسسة كلينتون جهاد الحداد كمسؤول عن مشروعها ”المناخ”، وهو واحد من القادة العالميين لجماعة الإخوان، فيما كان والده واحدا من مؤسسي جماعة الإخوان المسلمين في عام 1951 أثناء إعادة إنشائها من قبل وكالة المخابرات المركزية، والمخابرات البريطانية ام16.
وقد غادر جهاد مؤسسة كلينتون عام 2012، الى القاهرة ليتولى مهمة الناطق الرسمي باسم ”المرشح الاخواني” آنذاك، محمد مرسي، ومن ثم الناطق الرسمي العالمي باسم الأخوان المسلمين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى