صناعة الخزف ما زالت صامدة في القدس

ما زالت صناعة الخزف حاضرة في الأسواق الفلسطينية، فهي مهنة، توارثها الأبناء من الآباء والأجداد، ويأبون أن يكون مصيرها الاندثار.

ففي جميع أسواق البلدة القديمة بالقدس، يكاد لا يخلو محل تجاري من بيع الخزف بأشكاله وألوانه المختلفة، إلّا أن اللون الأزرق هو الذي يُلفت الناظر إليه بشكل جذّاب.

وما إن تقترب من القطعة، حتى ترى الفنون الجميلة من زخارف، وأشكال هندسية، وورود، ومقدّسات، وطيور، تقدّم لك في النهاية تحفة فنيّة مميّزة.

ما بين باب العامود في وسط القدس، وحتى شارع الواد، طريق تسمى بـ”طريق الآلام”، وفيها بيت أشبه بمصنع صغير لصناعة الخزف، يعود عمره لمئات السنوات، وهو مملوك لعائلة “كركشيان” الأرمنية.

وفي زيارة أجرتها “قدس برس” للبيت، يقول يعقوب كركشيان، إن والده قد بدأ العمل منذ عام 1964 في صناعة الخزف، التي ورثها عن جدّه، وكان قد اكتسب الخبرة الكاملة التي تؤهّله لافتتاح المشغل.

ويُضيف أن عائلات فلسطينية كانت تعيش في هذه الغرف الصغيرة داخل البيت، وبعد مدّة زمنية بدأوا يخرجون منها، لكنّ والد يعقوب استفاد منها ليجعلها محلّاً تجارياً ومشغلاً وفُرنًا ومخازن.

بدأ يعقوب فعلياً في هذه المهنة في العشرينيات من عمره (منذ عام 1996)، وهو يعمل مع عمّه بدوام جزئي، إضافة إلى السيّدتين ليلى بحبح وعايدة أجرب، اللتين تعملان في هذه المهنة منذ عشرات السنوات.

على طاولة مستطيلة الشكل، يجلس يعقوب وليلى وعايدة، أمامهم ألوان متعدّدة وقطع من الفخّار المعدّة للرسم، وأخرى جاهزة للتلوين، في هدوء شبه تام، ما عدا بعض الكلمات القليلة التي تغيّرُ الأجواء وتُلطّفها.

تقول ليلى لـ”قدس برس”، إنها تعمل في هذه المهنة منذ أكثر من 40 عاماً، أمّا عايدة فمنذ أكثر من 30 عاماً، وفي الوقت الذي تفكّران فيه بالتوقّف عن العمل، تجدان نفسيهما قد عادتا إليه بعد وقت قصير أو عقب الانتهاء من الأمور التي كانت تشغل وقتهما، فهو بالنسبة لهما ليس عملاً وحسب، وإنّما هواية وشغف.

وتقول ليلى وعايدة إنّ هذه الحرفة تحتاج إلى أكثر من مرحلة، فالأولى تكمن في الرسم على الفخار من الداخل ثم تلوينه، والمرحلة الثانية الرسم على الفخار من الخارج وتلوينه، أمّا المرحلة الثالثة فتكمن في تغطيس قطعة الفخار في “ماء الزجاج”؛ حتى تكتسب القطعة طبقة تُحافظ على الرّسم والألوان من الزوال، اما المرحلة الأخيرة فهي إدخال القطع في الفُرن وتبريدها عقب ذلك، لتصبح جاهزة للعرض.

ويُفيد يعقوب لـ”قدس برس” بأن إقبال السيّاح على هذه القطع المميّزة كبير، لأنّهم يقدّرون هذا الفن الذي يُصنع بشكل يدوي، إلّا أن السكان المحليين لا يستطيعون شراءها، لأن أسعارها باهظة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى