«نيويورك تايمز» تؤكد تفاقم الصراع بين حكام السعودية

اكدت صحيفة «نيويورك تايمز» ان صعود محمد بن سلمان, ولي ولي العهد السعودي يحطم عقودا من التقاليد الملكية السعودية الراسخة, وقالت ان هذا الأمير البالغ من العمر 31 عاماً، يحاول الآن قلب التقاليد، وتغيير شكل الاقتصاد وتوطيد سلطته.. ففي أقل من عامين، أثبت أنه الشخص الملكي الأكثر ديناميكية في أغنى دولة عربية، وأصبح منافساً قويا على العرش.

واضافت “نيويورك تايمز” تقول : ان لدى هذا الأمير يد وبصمة في كل سياسات السعودية تقريبا، من حرب اليمن التي كلفت المملكة مليارات الدولارات وأدت إلى انتقادات عالمية بسبب مقتل مدنيين، إلى الدفع باتجاه تغيير عادات الإنفاق الحر في السعودية لكبح جماح إدمان النفط، كما بدأ حزمة من إجراءات تخفيف القيود الاجتماعية التي تكبل الشباب.

لقد حطم صعود الأمير عقودا من التقاليد الملكية، التي ظلت لوقت طويل تحترم الأقدمية وتشاركية السلطة. فلم يتمتع من قبل ولي ولي عهد سعودي بهذا القدر من السلطة الواسعة على حساب ولي العهد، وهذا بالتأكيد يغضب الكثيرين في الأسرة الحاكمة.

وقد دفع ذلك الوضع لاعتقاد الكثير من السعوديين والمسؤولين الأجانب أنّ طموح الأمير لا يقتصر على تحول السعودية، ولكن يصل إلى الرغبة في الإطاحة بابن عمه البالغ من العمر 57 عاما، ولي العهد «محمد بن نايف»، ليصبح هو الملك القادم..

ويتمتع «ابن نايف»، وهو وزير الداخلية وقائد الحرب على الإرهاب منذ وقت طويل، بروابط قوية مع واشنطن، ودعم العديد من أفراد الأسرة الحاكمة الأكبر سنا. لكن العديد من السعوديين والأمريكيين يقولون بأن الأمير «ابن سلمان» قد اتخذ خطوات واسعة لإضعاف الأمير «ابن نايف».

هذا ما جعل الأمريكيين يلعبون على الحبلين باقامة علاقات مع كلا الرجلين بسبب عدم التأكد أي منهما سيعتلي العرش في النهاية. حيث رأى البيت الأبيض علامة مبكرة في أواخر عام 2015 تظهر طموحات كبيرة للأمير الشاب، الذي قام بكسر البروتوكول ووجه انتقادا لفشل السياسة الخارجية الأمريكية، خلال لقاء بين أبيه الملك والرئيس أوباما.

واستطردت “نيويورك تايمز” قائلة : مبكرا هذا العام، وأثناء عطلته بالجزائر، تصرف الأمير «محمد بن نايف» على نحو مختلف. فقد اختفى لأسابيع، ولم يرد على الرسائل أو الهاتف، ولم يستطع المسؤولون المحليون أو الأجانب الوصول إليه. حتى «جون برينان» مدير المخابرات الأمريكية والذي يعرفه منذ عشرات السنين فقد وصل إليه بصعوبة.

ويعاني «ابن نايف» من مرض السكري، كما يعاني آثار محاولة اغتيال من قبل جهادي فجر نفسه بالقرب منه في عام 2009. لكن غيابه في هذا الوقت الحساس مع انخفاض أسعار النفط والفوضى في الشرق الأوسط وحرب اليمن، جعل عددا كبيرا من المسؤولين الأمريكيين يعتقدون بان الأمير «ابن نايف» يتجنب الاحتكاك مع ابن عمه, حيث أصبح يرى أن فرصته في اعتلاء العرش في خطر.

ومنذ اعتلى الملك «سلمان» العرش، مرر الكثير من السلطات لابنه، حتى تلك التي كانت مرتبطة منذ وقت طويل بالأمير «ابن نايف».

واحدة من المبادرات الشائكة للأمير «ابن سلمان» كانت الحرب التي قادتها السعودية في اليمن، والتي فشلت منذ بدأت في دحر الحوثيين أو إخراجهم من العاصمة اليمنية. وتسببت الحرب في انتقادات كبيرة للسعودية بقتل آلاف المدنيين وكلفت خزينتها مليارات الدولارات.

وقد أبرزت الحرب الطويلة في اليمن التوترات بين الأمير «ابن سلمان» والأمير «ابن نايف»، ففي بداية الحرب ظهر «ابن سلمان» في الواجهة، وتم تصويره في زيارة للجنود والقادة، ولكن ما أن تحولت الحملة إلى ورطة، حتى أصبح هذا الظهور نادرا.

وواصلت “نيويورك تايمز”  مقالها بالقول : بينما كان كل ملوك السعودية وأولياء العهد هم أبناء مؤسس السعودية، أصبح الأمير «ابن نايف» هو أول شخص يشغل هذا المنصب من خارج تلك الدائرة. وأشاد الكثيرون بتلك الخطوة لأن الأمير قد نجح في حربه ضد القاعدة، ولأنه لديه بنات فقط، وهو ما يجعلها خطوة لاختيار المناصب بالجدارة وليس بالتوريث. ولكن المفاجأة كانت في اختيار الملك لابنه «ابن سلمان» ليشغل منصب ولي ولي العهد، وكان عمره في ذلك الوقت 29 عاما، ولم يكون معروفا لأقرب حلفاء المملكة. وهذا ما أغضب العديد من أفراد الأسرة المالكة، والذي رأى الكثيرون منهم أن هناك من هم أكثر منه خبرة وحنكة في عديد القطاعات، ولكن ظل هذا الغضب داخل جدران القصر.

ومنذ ذلك الوقت، بدأ الأمير «ابن سلمان» التسويق لنفسه خارجيا وداخليا في صورة الرجل المحوري للمملكة. وداخليا، أعلن في نيسان عن خطته الطموحة لتحويل الاقتصاد بعيدا عن إدمان النفط تحت عنوان (رؤية 2030), غير ان بعض مبادراته قد اتسمت بالحماقة. ففي كانون الأول الماضي، أعلن عن التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، في الوقت الذي أعلنت فيه دول ذكرت في البيان عدم علمها بالأمر، وأعلنت دول أخرى أنها لازالت تدرس أمر الموافقة على الانضمام أو لا.

وبينما لا يستطيع داعمو هذا الأمير ضمان حفاظه على أدواره التي يلعبها بعد موت والده، يحارب الأمير الزمن من أجل تثبيت وترسيخ سلطته، ويسارع في ذلك الشأن بترويج نفسه من خلال الرحلات الخارجية لواشنطن ودول أوروبا والشرق الأوسط وبلاد أخرى في آسيا. وهو ما جعل إدارة «أوباما» تعتقد في قدرته على تخطي ولي العهد الأمير «ابن نايف» والوصول للعرش. وأدى ذلك على إحداث توازن في تحركات الأمريكيين الذين لا يريدون خسارة أي من الرجلين.

وختمت “نيويويك تايمز” بالقول : ان مستقبل الأمير «ابن سلمان» يعتمد على طول الفترة التي سيعيشها والده، وفقا لدبلوماسيين يتابعون الموقف السعودي.

فإذا مات الملك في وقت قريب، يصبح الأمير «ابن نايف» هو الملك، ومن المحتمل أن يطيح بابن عمه لكيلا يهدد سلطته، ولإرضاء أعضاء الأسرة الموالين له. بينما إن طال عمر الملك، ستكون فرصة لـ«ابن سلمان» لترسيخ قدميه في السلطة وإبعاد الأمير «ابن نايف» خارج الصورة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى