على ماذا اعتمد أردوغان حتى استطال لسانه ؟

كان أردوغان الأكثر إستفادة من العلاقات مع الدولة الوطنية السورية (قبل شن الحرب عليها)  ورغم أن نحو 84 دولة شاركت في هذه الحرب على سورية بكيفيات وأشكال وأحجام متباينة ، إلا أن أردوغان كان أقذر المحاربين ضدها، والأكثر استعداداً لشن الحرب عليها  قبل حين من بدئها ، وكان الأكثر شططاً في المطالبة بإسقاط الدولة وتنحية الرئيس د.بشار الأسد ، والأكثر مراهنة على ذلك.

لكن حسابات أردوغان و( أقرانه) ذهبت سدى، رغم كل الأضرار وحجم الخسائر الهائل التي لحقت بالدولة في سورية، على الصعيد البشري والإقتصادي والمقدرات والشروخ الإجتماعية التي أحدثتها آلة الإعلام المضلل .

ولم تذهب سدى فحسب؛ المراهنات والأموال الهائلة التي أهدرت لإسقاط الدولة وتفتيت سورية وإقامة كانتونات مذهبية وطائفية وإثنية متصارعة, وإنما أيضا بدأت تنقلب على الدول الإقليمية المتورطة في الحرب على سورية والعراق واليمن وليبيا.. وهذا الإنقلاب لا يزعج واشنطن، فهي وعواصم الإستعمار القديم في أوروبا  تريد كل شيء في المنطقة، بمن في ذلك أكثر الزعماء و(الدول) تبعية وإنخراطا في المشاريع العدوانية، والفوارق هي فقط زمنية وفي الكيفية ، ولكل(حالة) أو نظام طريقة في إسقاطه كلياً، إن إستطاعوا(حتى لو كان ساقطاً وطنيا).

لكن أردوغان رغم كل (الجراح) التي أثقلت الجسد التركي بسبب حماقاته ومراهناته العثمانية الجهالية، لم يرعو، فتركيا الآن أقل أمنا مما كانت عليه وقت وصل أردوغان إلى الحكم ، وعلاقات أنقرة بدول الجوار متوترة، والإنجازات الإقتصادية التي تحققت في عهده آخذة في التلاشي (وكان لسورية فيها بعض فضل بما أتاحت من انفتاح إقتصادي وإجتماعي على تركيا كان على حساب المصالح الإقتصادية السورية، وبما ساعدت على انتقال الصادرات التركية إلى الخليج والأردن ولبنان عبرها بسلاسة ويسر، فضلا عن تعاظم أعداد السياح السوريين إليها وعبر سورية لغيرهم ).

رغم كل ذلك يتابع أردوغان حركاته الرعناء الدينكوشوتية الهوجائية ، التي لا  يمكن أن تنطلق من رجل دولة يحترم ذاته والدولة التي يجلس على أنفاسها ، فقد هدد الرئيس المصري السيسي بالقتل خلال 24 ساعة, في حال تم إعدام الإخوني مرسي العياط ، ولا شك إن هذا التهديد فضلا عن كونه ينم عن بلطجة وتدخلً في الشأن الداخلي لدولة أخرى ذات سيادة، انما يؤشر على أن لأردوغان نوايا ومطامع عسكرية خارج حدود تركيا، وفرض إرادات عثمانية على دول الإقليم.

أقول أن لسان أردوغان المغمس بشيء نجهل ماهيته ، إنطلق ايضا بمفردات لا تليق بصبي في أحد حواري العشوائيات في بلدة معظم سكانها لم يدخلوا مدرسة يوما، بما طال حيدر العِبادي فسوّد صفحته ولم يترك رذيلة الا الصقها به.

أقول لصاحب اللسان الذلق المغمس بشيء نجهله ، ان الأمجاد القديمة لآل عثمان لن تتكرر في أيامنا ولا مستقبلاً ، وأن مصالحاته سواء مع الكيان الصهيوني عدو العرب أو مع صديقتهم روسيا الإتحادية ، لن تخوله شطط الكلام أو الأفعال ، وأن الإرتدادات المتصاعدة في بلاده جراء تدخلاته في الشؤون الليبية والسورية والعراقية وربما ( يتورط أكثر ) هي مجرد بدايات ، لن تكون برداً وسلاما ، فأردوغان ليس إبراهيم النبي عليه السلام .

وأختم، (إسرائيل) التي (يتزنر) أردوغان بها لن تحميه، فهي لم تعد قادرة على حماية ذاتها بدلالة الحروب الأخيرة، أما روسيا الإتحاية فضلا عن أنها لن تبيع حلفائها كما درجت أمريكا وجماعة سايكس بيكو على بيع وخذلان (حلفائها) والأمثلة كثيرة،ستدافع عن سورية كما تدافع عن الساحة الحمراء، فهي بدفاعها هذا تدافع عن الذات فضلاً عن الأصدقاء، والشيء ذاته بالنسبة لطهران.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى