اساليب تسريب المخابرات للمعلومات والاكاذيـب
بقلم : صلاح المختار
تعد وظيفة تسريب معلومات كاذبة من بين اهم وسائل التضليل المخابراتي فمن بين واجبات المخابرات الخداع والتضليل من اجل خدمة مصالح دولتها ، ومن بين ابرز ما نشر في السنوات الاخيرة وكان معدا جيدا جدا لدرجة ان البعض من المثقفين قد ارتبك امام مانشر او صدقه مع انه يتناقض مع قناعاته ومعلوماته لمجرد ان النشر تم ضمن معلومات اغلبها صحيح وواقعي وتحت غطاء اعترافات عميل سابق او مذكراته . ومن بين ابرز ما ظهر كتاب عنوانه ( القاتل الاقتصادي للامم ) مؤلفه ضابط مخابرات تقاعد اسمه جون بيركنز وهو يصف نفسه بانه قاتل اقتصادي يورط الدول في خطط اقتصادية ترهنها لمن قدم القروض او غيرها دس فيه السم بالعسل ، اما الكتاب الثاني فهو لضابطة مخابرات امريكية اخرى هي سوزان لانداور الفت كتابا بعنوان “تحيز متطرف : القصة المرعبة لقانون الباتريوت والتكتيم عن أحداث 9/11 والعراق” تطرقت فيه وفي مقابلاتها الى اقامة صلات بعراقيين وليبيين وظهر بين ما قالته كلام مسرب وكاذب .
فما هي قصة هؤلاء ؟ ومن يحركهم ويرتب معلوماتهم وكيفية تسريبها ؟
بيركنز قدم معلومات كثيرة صحيحة عن كيفية توريط حكومات بالتزامات اقتصادية تستخدم لاخضاعها لامريكا ولكنه دس بينها معلومة تخصنا في العراق حيث سرب قصة مفبركة عن الرئيس الشهيد صدام حسين قال فيها انه جند من قبل المخابرات الامريكية حينما كان لاجئا في مصر بن عامي 1959و1963 ووصفه بأنه كان وقتها قياديا في حزب البعث لكنه ناقض نفسه باعترافه بان صدام حسين اتبع سياسة رفضتها الولايات المتحدة الامريكية لدرجة شن الحرب عليه وغزو العراق .
وكان اول رد عليه جاء من شخصية مصرية احتلت مركزا قياديا في مصر هو السيد سامي شرف السكرتير الخاص للرئيس الراحل جمال عبدالناصر للمعلومات والذي كان يطلع على كافة اعمال المخابرات المصرية والمواقف السياسية لمصر بحكم وظيفته اذ قال بان اتهام صدام حسين بانه جند اثناء وجوده في مصر كذبة مفضوحة لاننا لم نكن نسمح للمخابرات الامريكية بالعمل في مصر ولم تحصل هذه الحادثة ابدا . ولعل خير دليل اخر على كذبه هو ان الشهيد صدام حسين لم يكن وقتها قياديا في الحزب كما ادعى بيركنز رغم انه اشتهر وقتها بسبب اشتراكه في محاولة اغتيال الديكتاتور قاسم .فما الذي جعل بيركنز يدس هذه المعلومة الكاذبة وسط عشرات الحقائق التي ذكرها في كتابه ؟
اما سوزان لانداور فقد ذكرت معلومات وهي منفعلة وتفتقر للرزانة في مقابلة مع قناة روسيا اليوم قدمها خالد الرشد منها ان من اتصلت بهم من الدبلوماسيين العراقيين في الامم المتحدة اكدوا لها بان العراق مستعد لاي شيء تطلبه امريكا منه مقابل رفع الحصار, وكان كلامها يوحي بامكانية تبعية العراق لامريكا ، رغم انها كشفت معلومات مهمة جدا عن حادثة لوكربي والتي اسقطت فيها طائرة واتهمت بها ليبيا مع انها لم تقم بها .
هذه المعلومات الكاذبة التي سربها بيركنز ولانداور ليست الا من غربال المخابرات الامريكية وهنا ولكي يعرف الرأي العام حقيقة ما حاولت لانداور تشويهه اشير الى موقف العراق وقتها وانا اعرفه بحكم عملي رئيسا لتحرير جريدة الجمهورية ورئيسا لمنظمة الصداقة والسلم والتضامن وهي واجبات مكنتني من التزود بكافة مواقف الدولة وبالاخص شروطنا او عروضنا لرفع الحصار وكنت احضر اجتماعات الرئيس الشهيد صدام حسين مع رؤوساء التحرير ونستمع اليه ونسأله بحرية ونعبر عن رأينا بحرية اكبر بل كان سيادته يسألنا ابداء الرأي ، وكنت اتجول احيانا شهريا مع وفد في دول العالم بما في ذلك واشنطن لاجل طرح مواقفنا .
وما قالته محرف تماما فقد كان موقفنا اننا مستعدون للتعاون المخابراتي لكشف الارهابيين وعرضنا عليهم عقودا نفطية لشركاتهم بما في ذلك اعادة تأهيل البنية التحتية للصناعة النفطية وقلنا لهم يمكن للنفط ان يكون وسيلة للتعاون بدل استخدامه وسيلة للحرب كل تلك العروض مقابل رفع الحصار كليا ، ولكننا لم نقدم عرضا مفتوحا بالتعاون مع امريكا وعمل كل ما تطلبه فهذا تلفيق كامل وبعيد عن اصل موقفنا وهو تحرير العراق من الحصار دون التفريط بسيادتنا واستقلالنا ، ما الذي جعل سوزان لانداور تقدم هذا الانطباع عن العراق والحكم الوطني فيه ؟ وهل كان ذلك مجرد حالة انفعال وتسرع ام انه كان ثمرة تلقين وتكليف ؟ للاجابة على هذه الاسئلة من الضروري التذكير ببعض المعلومات الاساسية :
1- كشفت تحقيقات فضيحة ايران غيت التي اجرتها لجنة رسمية امريكية بان ضباطا من الموساد تقاعدوا لكن الموساد كلفتهم بالقيام بتأسيس شركات تجارية في دول امريكا اللاتينية وغيرها من اجل شراء الاسلحة لايران اثناء شنها الحرب على العراق وبالفعل قام ضباط الموساد بشراء تلك الاسلحة وارسالها لخميني رغم انهم كانوا متقاعدين وتلك سميت بفضيحة ايران غيت ، فكيف حصل ذلك ولماذا الاعتماد على متقاعدين ؟
2- المتقاعد من ضباط المخابرات ليس مثل اي متقاعد اخر يترك حرا ليقضي بقية سنواته بلا واجبات بل هو ملزم مسبقا وطبقا لعقد العمل مع المخابرات بالمحافظة على الاسرار التي يطلع عليها بحكم عمله وعدم افشاءها والا تعرض لعقوبات قانونية في حالة ان ما كشف عنه غير حساس اما المعلومات الحساسة فان كل عميل مخابرات يعرف مسبقا واحيانا يبلغ بانه اذا افشى معلومات خطيرة سيصفى جسديا لا محالة ، ولهذا نلاحظ ان ضباط المخابرات الذين عرفوا بحكم عملهم معلومات حساسة يتجنبون الكشف عنها وان اخطأ الحسابات احدهم يصفى جسديا وتلفق قصة موته بطريقة محكمة ولا يتجرأ اي محقق على الغوص فيها .
كما ان هناك قوانين عادية تمنع كشف معلومات تضر بالامن القومي الامريكي وتعرض من يقوم بذلك للسجن ولا يكشف عنها الا بعد مرور فترة نصف قرن او ربع قرن ، فكيف قامت سوزان لانداور بكشف كل تلك المعلومات التي تدين امريكا ومخابراتها وحكومتها دون عقاب صارم وتم الاكتفاء باعتقالها – وعلى الاغلب هو جزء من اللعبة لاخفاء الحقيقة – لمدة عام فقط ثم اطلق سراحها ؟ وكذلك بيركنز كشف معلومات وان كانت معروفة ولكنها ايضا تقدم ادلة تدين امريكا بتهمة التأمر المتعمد على الشعودب الاخرى ولكن هذا الكشف عما يعرفه المطلع لا يشكل تهديدا لامن امريكا بل يساعد عن تشويه صورة من تستهدفه امريكا وتحاول شيطنته بهذه الطريقة .
3- تلجأ اجهزة المخابرات الى استخدام من يتقاعد لتسريب معلومات كاذبة بواسطته سواء عن طريق كتابة مذكرات كما هي حالة لانداور وبيركنز ، او الهروب المدبر مسبقا من قبل نفس المخابرات وكشف معلومات سرية كما هي حالة صاحب الويكيليكس جوليان اسانج او ادورد سنودن الموظف في وكالة الامن القومي الامريكي اللذان لم يهربا بقرار شخصي بل بقرار مركزي كما نرجح لتحقيق اهداف مخابراتية بعيدة ومهمة جدا ولهذا يكون كشفهم معلومات مهمة وصحيحة جزء من الطعم المعروض على من يصدقهم ويتعامل معهم بلا تحفظ او شكوك عميقة ولا يبحث عن اسباب مخفية لما قاموا به . وهنا يجب ان نشير الى ان المخابرات المتقدمة تقدم معلومات صحيحة اما لاجل حرق جهة ما او احراجها او الضغط عليها او ان المعلومات الصحيحة لم تعد سريتها ضرورية فتكشف عنها بطريقة مدبرة لايقاع من لا يتحسب في فخها او لمعرفة رد فعل المستهدف بعد معرفة المعلومات .
4- في امريكا والكثير من دول الغرب كثير من اجهزة المخابرات المتخصصة وليس جهازا واحدا او اثنين فحتى وزارة الخارجية لديها جهاز مخابرات خاص ، بل ان الشركات العادية الكبرى لديها جهاز مخابرات خاص بها يقوم بجمع المعلومات السرية عن الشركات المنافسة والدول فالامر ليس فقط مقتصرا على الدول ولهذا فان ظاهرة تسريب معلومات جزء من اعمال دول وشركات دون ان تكون تلك المعلومات دقيقة او صحيحة حتى وان تضمنت جزء كبيرا غالبا صحيحا والا كيف يقع حتى الاذكياء في فخ تصديق ما يسرب لو لم يكن فيه جزء او اكثر صحيحا ؟
5- العراق في ظل الحكم الوطني وبعد تأميم النفط وانتهاج سياسة وطنية وقومية راسخة اغلقت كافة الابواب في وجه لصوص الغرب والصهيونية وكافة المنظمات المعادية للعرب ، ولهذا اصبح العراق هدفا اساسيا لكافة اجهزة المخابرات الغربية والصهيونية ووصل الامر ان الحملات التي شنت على العراق والحكم الوطني تجاوزت بخطورتها وتأثيرها بمراحل اي حملات سابقة في العصر الحديث بما في ذلك الحملات ضد النازية والشيوعية وهما العدوان اللذان شغلا الغرب لكن الحملات الاعلامية والمخابراتية ضد العراق فاقت في خطورتها واساليبها والاجهزة التي استخدمت فيها كافة الحملات التي سبقتها .
ولكي نستبعد فكرة المبالغة يجب ان نذكر بان حملات الغرب والصهيونية ضد العراق المستقل استخدمت وسائل لم تكن متاحة في العصر الذي وجدت فيه الانظمة الشيوعية والنازية مثل الانترنيت والبث الفضائي وعمليات غسيل الدماغ المتطورة واستخدام نظريات علم النفس والبايولوجي في شن حملات تشويه صورة العراق وهذه الوسائل كانت اما غير موجودة اثناء شن الحملات ضد الشيوعية والنازية او ان بعضها كان بسيطا جدا ولا يمكن مقارنته بتعقيد وتأثير الحملات ضد النظام الوطني في العراق ولهذا استخدم الغرب وليس نحن مصطلحا واضح المعنى جدا وهو ( شيطنة ) العراق و ( شيطنة ) رئيسه صدام حسين . وكانت ساعات البث التلفازي الفضائي وقبله الاذاعي اكثر من 500 ساعة في اليوم في عام 1991 وكلها تضخ معلومات مدروسة هدفها شيطنة العراق ونظامه وقائده والبعث . فهل يستطيع اي محايد ان ينكر انها حملات فاقت بكثير خطورة الحملات ضد النازية والشيوعية ؟
ماذا نتوقع من اجهزة المخابرات الغربية ان تعمل لتحقيق هدف الشيطنة خصوصا بعد ان فشلت كلها في احداث ثغرة داخل العراق وبقي العراق محصنا وعصيا على الاختراق المخابراتي حتى غزوه ؟ بل انه بعد الغزو وبدلا من تقديم صورة سلبية عن النظام الوطني وقائده لانعدام اي دليل على الفساد والانحرافات اصبح الغزو وما سبقه من حملات تشويه واكاذيب في حالة عجز كامل عن تبرير حملاته . وكان موقف قادة العراق خصوصا الشهيد صدام حسين اثناء محاكمتهم مشرفا بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى لهذا كانت الضرورة تفرض اللجوء لوسائل شيطنة اخرى غير ما سبق ولم تجد المخابرات الامريكية والصهيونية افضل من تلفيقات يكلف بها ضباط مخابرات متقاعدون وهو تكليف ملزم بحكم طبيعية عمل المخابرات . لهذا فما سربته سوزان لينداور وجون بيركنز واخرين عمل مخابراتي هدفه تحقيق ما عجز الاعلام العادي على تحقيقه .
اما السيد خالد الرشد مقدم البرنامج فقد لاحظنا اكثر من مرة بانه يتحمس لكل موقف او معلومة فيها ادانة للنظام الوطني في العراق ويتطوع لتقديم كلمات او تعابير لمساعدة الضيف حينما يعجز عن اختيار كلمات مناسبة .
كلام صحيح وفي محله لكن ماذنبنا نحن العامه ’ تكميم الافواه والاذان من قبل حكوماتنا جعلتنا نصدق كل مايكنب ’ نعم نحن بالغالب جهله لماذا لاتزرع بنا حكوماتنا معلومات عن كل مناحي الحياة منذ نعومة اظافرنا وخاصه مايخص بلد كل واحد منا ماذكرته عن عمل اجهزة المخابرات صحيح فهناك اناس قائمين عليها لديهم كل الامكانيات من علم ومال واعلام لتمريرهكذا معلومات ولاننا جهله او متخاذلين نصدق ما يكتب او يقال لا اصدق ان احد من شعوبنا لديه ذره من كرامه يقدم معلومه تضر بلده الا اذا كان قد فقد كل امل باصلاح ما يعنيه من امور بلده الغالبيه العظمى من الشعب تحبذ مد اليد لتعيش مستورة الحال على ان تقدم مايخدم الاعداء ضد البلد لنرجع اذا للاسباب التي تمكن هذه الاجهزه من اختراق كياننا بالاعيب كاذبه