البعث وصياغة المشروع الوطني البديل في العراق
بقلم : اسماعيل أبو البندورة
الوقائع والحقائق المؤكدة والبعيدة عن الافتخارية تشير إلى أن حزب البعث العربي الاشتراكي ومعه القوى الوطنية العراقية التي أسهمت في بناء العراق في الماضي وشاركت في مقاومة الاحتلال في العراق منذ الغزو الأمريكي – الصهيوني له عام 2003 هي القوة والكتلة السياسية – التاريخية الوحيدة والمؤهلة لصياغة المشروع الوطني البديل وبناء صور الحاضر والمستقبل في العراق ، ذلك أن الحزب كان ولا يزال مكوناً سياسياً أساسياً في الحياة السياسية العراقية وله تجربة ميدانية نموذجية مشهودة في قيادة الدولة وفي البناء والتنمية والتطوير وله صلات حميمة وعضوية بالجماهير العراقية على اختلاف مشاربها السياسية والعقيدية ، ويعرف الناس قدرة رجاله وتضحياتهم وتصديهم لكل محاولات النيل من عروبة العراق وتاريخه وحضارته وعنفوانه القومي .
المشروع الوطني البديل الذي نتحدث عنه قدمه وطرحه الحزب في أكثر من مناسبة واحتوى على عناوين تجمع عليها القوى الوطنية التي تناهض الاحتلال وامتداداته الطائفية العميلة ، وتناهض محاولاته السياسية في بناء صورة مشوهة وتلفيقية لدولة عصبوية – زبونية – طائفية – قاصرة – ضد عروبية وبلا سيادة وبتكوينات مبتذلة تقوم على الفكر الطائفي واستباحة المجال السياسي وهدمه ، وإزاحة القوى الرئيسة المكونة للمجتمع العراقي والتنكيل بها ، والتبعية للمركز الطائفي والولي الفقيه المستأسد على العرب في طهران .
وعناوين المشروع الوطني البديل الذي طرحه الحزب وأكد جبهويته وجماعيته وتمثيله لرؤية وطنية جمعية وعدم انحصاره في رؤى الحزب وخياراته الخاصة يقوم على عملية متكاملة لإعادة البناء ولا يخوض في تفاصيل متعددة وخلافية قد تعرقل اكتماله وقبوله الشمولي .
وتتمثل العناوين في معناها وجوهرها العام والرئيس في الدفاع عن سيادة العراق والمحافظة على وحدة ترابه الوطني وصون عروبته واستقلاله وحريته ورفض مشاريع التقسيم والانفصال والتوزع الطائفي وطرد بقايا ومخلفات وقررات الاحتلال وذيولة وامتداداته ومطالبته بتعويضات عن جريمة الابادة الجماعية البشعة التي ارتكبها في العراق ، وإسقاط العملية السياسية التي تدار من واشنطن وطهران ومحاسبة رموزها التي تتقاسم المغانم والمناصب ولا تعطي بالا للتنمية وللإنسان العراقي المقهور ، والدعوة الى مرحلة انتقالية يصاغ فيها مشروع دستور عراقي جديد ويدعى الشعب الى اجراء انتخابات ديموقراطية حرة لاختيار من يرونه ممثلا لمشروعهم الوطني ومن يعبر عن كافة طموحاتهم وأشواقهم الوطنية والقومية .
تجاوز الحزب في أطروحته الجديدة ومشروعه المقترح فكرة الواحدية والحزب الواحد وأكد في الكثير من المناسبات على عدم رغبته في العودة الى الاستئثار بالسلطة أو حتى بالعودة إليها ، وقدم في مشروعه كل ما يؤكد على الجبهوية ومشاركة جميع القوى الوطنية التي أسهمت في المقاومة الباسلة لطرد الاحتلال وضرورة مشاركتها في العهد المستقبلي الجديد لبناء عراق وطني عروبي ديموقراطي يأخذ مكانه ومكانته بين الشعوب والأمم .
وقد يكون هذا المشروع الذي طرحة الحزب غب إنطلاق المقاومة وأجمعت عليه معظم القوى الوطنية العراقية ، هو ما أثار مخاوف طبقة العملاء بشقيها الأمريكي والايراني وجعلها تسارع إلى ابتداع طرق وقائية لإبعاد هذا المشروع عن خيال وواقع الجماهير العراقية بعد استنفاد قرار الاجتثاث والمسائلة والعدالة والقتل المباشر للكثيرين من أعضاء الحزب الذين تجاوز عددهم مئة وستين ألفاً وأزيد ، والمسارعة إلى إصدار قرار الحظر الجديد الذي عبر عن أحقاد وثارات وشذوذات ” الأنا الدنيا لطبقة العملاء ” وعن الخوف من الآتي بعد أن انكشف طابق العملاء وأصبحت سرقاتهم ومخازيهم وابتذالاتهم عناوين لهتافات ولافتات المواطنين العراقيين التي انطلقت في كافة أنحاء العراق .
الصورة واضحة وناصعة وفاضحة الآن والمقارنة جائزة وضرورية في كل الأحوال بين ماضي العراق أيام الحكم الوطني وحاضرة الظلامي الموحش في عهد الاحتلال والعملاء ، والصراع الآن لكل من يريد أن يبصر ويفهم ويسهم في بناء مستقبل العراق هو بين مشروع وطني يريد التأسيس لعراق وطني ديموقراطي تعددي وجديد بحق ، وبين مشروع ما قبل الدولة الطوائفي التفكيكي وكل رؤى الخراب والتوحش والابتذال التي يقارفها أناس أتوا من قاع التاريخ وعتماته أو أتي بهم من قبل قوات الاحتلال ليكونوا عناوين ورموزاً لهذا الخراب الجاري في العراق .