بهجت سليمان.. المقاتل، والقواعد من الرجال

لا أدعي أنني أكتب اليوم تقييما عن اللواء الركن “بهجت سليمان”، قائد سرية الدبابات في حرب أكتوبر/تشرين أول 1973م وقائد اللواء في حرب لبنان 1982م، فلقد وضعت لنفسي قاعدة منذ أمسكت قلما في مطلع التسعينيات وهي “لا يحكم قاعد على مقاتل”! لكنني أكتب اليوم لوجوب الانتصار لمن سلف له الانتصار لنا! ووفاء بحق من ذاد عن وطنه بالنار والدماء ، أن نذود عنه باليراع والإنشاء!

أكتب لأن سيلا جارفا من الهجوم على مقاتل عربي القومية عروبي الهوية قد جاوز زبى الصبر!

بدأ هذا الهجوم على استحياء منذ تعيين اللواء سليمان سفيرا لسورية في المملكة الأردنية في إبريل/نيسان 2009م! لكنه تحول إلى “هجوم تشويهي تحريضي” منذ اندلاع الأزمة السورية في 2011م! ..

فستجد مقالا في جريدة “إيلاف” بتاريخ 24 اغسطس/آب 2012م بعنوان “بهجت سليمان: سفير في الأردن أم خلية مخابراتية؟”، والمحتوى واضح من العنوان إذ كان هذا المقال من المقالات المبكرة في تحريض النظام الأردني ضد اللواء!

وهي موجة استمرت في نفس السياق لثلاثة أعوام! ولهذا علق السفير “سليمان” على قرار إبعاده من الأردن بقوله أن القرار تأخر لثلاث سنوات! أما بعد قرار الإبعاد فقد ظهرت موجة جديدة من “الهجوم التبريري”! خاصة وقرار الإبعاد قد صدر في 25 مايو/أيار 2011م عشية الاحتفال السنوي بعيد استقلال المملكة في القصر الملكي برغدان والذي دعي له السفير “سليمان”، سيما وقد اربد وجه الملك الأردني بعد مصافحته للسفير السوري، حتى أنه لم يصبر لحين نهاية المراسم أو حتى توقف كاميرات الإعلام، فاستدعى الملك مرافقه الشخصي ثم مدير المراسم ثم وزير الخارجية بوجه مكفهر بعد مصافحته للسفير “سليمان” مباشرة! ما بدا مشهدا غريبا يحتاج إلى تبرير!

ولو توقف الهجوم في 2014م لما كان هناك محل لمقالي هنا اليوم! ولكن العجب كل العجب أن الهجوم مازال مستمرا! كأن هناك ثأر شخصي بين محور المؤامرة على سورية وبين الرجل الصلب ولم ينته هذا الثأر بمغادرته عمان “مطرودا إلى وطنه بكل فخر” كما يصر السفير على تسمية إبعاده بكل اعتزاز! ففي 15 مايو/أيار 2016م نشرت نفس الجريدة النفطية مقالا بعنوان لا يمكنني تكراره هنا! فلماذا كل هذا الحقد عليه؟

التبرير القريب الذي تبنته معظم الأقلام سواء تلك التي دافعت عن الرجل أو تلك التي هاجمته هو الولاء للدولة السورية!! ولكني لا أشارك الأصدقاء ولا الخصوم هذا التفسير! ببساطة لأن هناك العشرات من رموز الدولة السورية على نفس الولاء والصلابة في الدفاع عنها! فماذا يخص اللواء “سليمان” تحديدا؟

لو كتبت في غوغل اسم اللواء بهجت سليمان وتصفحت قليلا ستجد حفاوة بالغة بخبر يتكرر كثيرا! …هو وقف مدونات وصفحات اللواء بهجت سليمان وأشهرها مدونته “خواطر أبو المجد” والتي كان ومازال منذ اندلاع الأزمة السورية يخاطب فيها الجمهور العربي بلغة عقلانية محكمة ورصينة حول الضلالات الرائجة عن الأزمة السورية!

فلماذا كل هذا الاهتمام بمدونة كبر جمهورها أو صغر؟ هنا تكمن إجابة السؤال الأول! هذه المدونة لو أضفت إليها حواراته المسجلة مثل حواره مع قناة الميادين في مايو/أيار 2014م ، ستجد أنك أمام حالة فكرية قومية اسمها “بهجت سليمان”..

فحين تسمعه تجده خطيبا مفوها لا ينقصه حماس لقضيته لكنه ليس منفلت العيار، لاذع السخرية بغير فحش، والأهم أنه يوضح في خواطره وتعليقاته خطورة المؤامرة على سورية والتي تتجاوز حدود الوطن السوري لتصبح خطرا على الوطن العربي بأسره!

وعلى الدول التي دعمت الإرهاب التكفيري في سوريا تحديدا وفي مقدمتها الأردن والسعودية وتركيا، وإذا بالأحداث تأتي دائما لتصديق تنظيراته تلك بأرض الواقع! فلك أن تتخيل وجود قامة بهذا الموقف، وتلك المقومات، وذاك التاريخ العسكري المشرف في العاصمة الأردنية، التي – رغم انحيازات سلطتها المعروفة للجميع ، والمناقضة للسياسة السورية على طول الخط – مازالت عاصمة حافلة بالقامات العربية والعروبية ..

مثل هذه الشخصية قادرة على خلق حالة جلاء رؤية في عمان، وهو جلاء مرفوض تماما! لهذا اقترن قرار إبعاده بتصريح الخارجية الأردنية برغبتها في استمرار التبادل الدبلوماسي مع سوريا، وهم لم يتوقعوا أن يكون خلفه بطبيعة الحال من المعارضة السورية مثلا! لكنهم تمنوا ألا يكون بذات جداراته المنطقية التي تصنع حالة خاصة من جلاء الرؤية حوله!

لهذا مازال اللواء الركن ” بهجت سليمان ” هدفا لأقلامهم وسلاطة ألسنتهم وفظاظة يراعهم!

” القواعد من الرجال ” من الكتائب الصحفية والإلكترونية الموالية للرجعية العربية لا زالت تستهدفه حتى اليوم ، وقد عاد لوطنه كما كانت تستهدفه وهو بعمان! .. تستهدف المقاتل الذي يذود عنا اليوم بخواطره ، كما ذاد عن وطنه في السبعينيات والثمانينيات بصدره!

فمشكلتهم معه ليست في منصب شغله! ولكن في مجرد وجوده! ليست في دكتوراة الاقتصاد السياسي التي شككوا فيها، ولا في مناصبه الأمنية والسياسية التي شنعوا عليها! مشكلتهم في أنه ” المقاتل ” بهجت سليمان .. وفي أنهم القواعد من الرجال!!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى