مؤشرات واضحة على فتور المشاركة بالانتخابات النيابية المقبلة

رغم ان برهة زمنية قصيرة- اقل من شهرين- باتت تفصلنا عن موعد الانتخابات النيابية الذي تحدد يوم العشرين من شهر ايلول المقبل، الا ان حالة واضحة وواسعة من الفتور والعزوف وقلة الاهتمام ما زالت تسود الشارع الشعبي والمحافل العامة، ازاء هذه الانتخابات العتيدة التي سوف تجري وفقاً لقانون جديد يخلو من سلبيات ”الصوت الواحد”.
وفيما تجهد الهيئة المستقلة للانتخابات، كل الجهد، لاطلاق اضخم حملة سياسية واعلامية بغرض تشجيع سائر القطاعات الشعبية على الانخراط في العملية الانتخابية، ترشيحاً وتصويتاً، الا ان الحصيلة المتحققة حتى الآن ما زالت دون الحد الادنى، وذلك لاول مرة في تاريخ الدورات الانتخابية النيابية، منذ استئناف الحياة البرلمانية عام 1989.
هذا الفتور الانتخابي لا يقتصر على العاصمة وحدها، ولا ينحصر في المدن الكبرى، كما جرت العادة احياناً، بل يمتد ليشمل معظم الانحاء الجغرافية والقطاعات السكانية، بما في ذلك البوادي والعشائر والمخيمات والمحافظات البعيدة التي طالما اشتدت فيها الحماسة والعصبية وحمى المنافسة الانتخابية في الدورات السابقة.
يضاف الى هذا الزهد الشعبي في التسجيل والاستعداد للمشاركة في الانتخابات، زهد من نوع آخر يمارسه وتمارسه النخبة السياسية وطبقة رجال الدولة والشخصيات الوازنة والمخضرمة، وذلك بابتعادها عن الترشح لهذه الانتخابات، او تبني وتشكيل قوائم ممثلة لها او حتى مقربة منها.. الامر الذي لم يسبق حدوثه بهذا الشكل السافر والمباشر في اوقات ودورات انتخابية سابقة.
وفي هذا الخصوص، نقل موقع عمون الالكتروني، امس الاول، عن طاهر المصري، رئيس الوزراء والنواب والاعيان السابق قوله، بان ”كبار السياسيين والبرلمانيين” يحجمون عن المشاركة في الانتخابات العامة خشية من ”التزوير ضدهم” او من تحولهم إلى ”شهود زور”.
كما اعتبر المصري ان بعض كبار المسؤولين في الماضي قد أقروا علناً بحصول تزوير في الانتخابات النيابية، مشيراً الى ان كبار البرلمانيين لديهم خوف من العبث والتزوير فيما لديهم خوف ايضا من الضغط عليهم في البرلمان لتمرير تشريعات لا علاقة لهم بها مما سيحولهم إلى شهود للزور.
وعلمت ”المجد” ان ظاهرة التراخي الشعبي في التعاطي الانتخابي باتت محل بحث واهتمام من قبل الدوائر الرسمية المعنية، ولدى بعض الاحزاب السياسية المحسوبة على الخط الحكومي، حيث يجري التداول حول انجع الوسائل والاساليب لتشجيع المشاركة الشعبية، وانعاش الموسم الانتخابي، مخافة ان يحدث كما سبق وحدث في انتخابات مجلس الشعب المصري الاخيرة التي لم يشارك فيها سوى 25 بالمئة من الناخبين.
وقالت اوساط في ائتلاف احزاب المعارضة ”للمجد” انها تعاني من البلبلة والارتباك وعدم التأكد من اجراء هذه الانتخابات في موعدها المحدد، بعدما برزت عدة عقبات ومعيقات على طريق هذه الانتخابات، لدى البدء في تنفيذ القانون الجديد الحافل بالتناقض والغموض.
ورداً على سؤال ”للمجد” حول اسباب هذا الزهد الشعبي في التعاطي الانتخابي، قالت هذه الاوساط ان السبب الاول والرئيس لهذا الزهد والعزوف، هو قانون الانتخاب الجديد الذي نسف القواعد الانتخابية المعروفة منذ عشرات السنين، حين ابتدع ما يعرف ”بالقائمة المغلقة” التي يتنافس اعضاؤها فيما بينهم، وليس بينهم وبين اعضاء القوائم الاخرى، وهو ما يؤدي الى صعوبة تشكيل هذه القوائم، فضلاً عما يكتنف عملية فرز الاصوات من احصاء للبواقي والكوتات وحسابات معقدة اخرى اقرب ما تكون الى ”اللوغرتمات” التي تستغرق وقتاً طويلاً من شأنه اثارة شكوك المرشحين حول اعمال تلاعب وتزوير في صناديق الاقتراع.
واشارت هذه الاوساط الى اتساع ”المال الاسود” في المعترك الانتخابي المقبل، وذلك من خلال ”توظيف” مرشحين ضعفاء في القوائم بقصد ”سد خانة” مقابل مبالغ مالية ثمناً لرسوبهم المؤكد في الاقتراع.
ولم تنس هذه الاوساط ان تشير الى حالة الاحباط العامة التي يشعر بها المواطنون كافة من اداء المجلس النيابي الاخير المخيب للآمال الشعبية، والمذعن لكل الاملاءات والرغبات الرسمية دون تردد او اعتراض، بدءاً من التعديلات الدستورية اياها، وانتهاء بسلق قانون صندوق الاستثمار الاخير بذريعة التهيؤ والاستعداد لاستقبال المليارات السعودية العاجلة والموعودة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى