أسرار الإنقلاب في تركيا !!

بقلم : ناجي غنام

يبدو إن النظام الديمقراطي التركي يتعثر؛ بيد إن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة بعد الإنقلاب، كانت أكثر جلداً للديمقراطية مِن تلك التي أتخذها الإنقلابيون، فأردوغان بدأ بتوجيه الإتهام لمعارضه الأقوى “فتح الله غولن”، ومن هنا سيبدأ الإنقلاب الحقيقي!

قضت تركيا نصف القرن الأخير، في دوامة مِن الإنقلابات العسكرية، بدءاً مِن إنقلاب الجيش عام 1960، الذي أطاح برئيس الوزراء “عدنان مندريس” والرئيس المُنتخب “جلال بيار”، ليعدم الأول ويسجن الثاني مدى الحياة، ومعَ هذا الإنقلاب بدأ فتيل الإنقلابات يشتعل، محققاً خمسة إنقلابات أخرها ضد أردوغان.

لقد فهم أردوغان المُحب للتأريخ اللعبة جيداً، وهو السائر بعلاقات أكثر جِدية من سابقاتها معَ إسرائيل، خاضَ إنقلابهُ الإستباقي، ما يعطيه الفرصة لضرب مُعارضيه بقوة، دونَ أن تُخدش ديمقراطيته التي يشترطها الإتحاد الأوربي، لإنضمام تركيا أليه!

تعود علاقة “فتح الله غولن” بأردوغان؛ إلى بداية ظهور حزب العدالة والتنمية التركي، وقتها ساندَ “غولن” أردوغان الحالم بالحكم، بالفعل تحقق للطرفين ما خططا له، فأردوغان أصبحَ رئيساً، و “غولن” تمكن من نشر فكره في مؤسسات الدولة التركية.

وبعدَ خلافاتٍ بسيطة لم يحتويها أردوغان، طالب “غولن” بفتح تحقيق بملفات فساد تخص حكومة أردوغان، ما جعلَ الخلاف يتصاعد لدرجة العداوة، ومعَ إن “غولن” يعيش في الولايات المتحدة، إلا أن أردوغان يعتبره الأخطر على وجوده، فهو يملك الفكر المقبول تركياً ويمتلك مقومات تطبيقها.

لقد جعلَ حلم الخلود في الحكم، أردوغان يستبق فرصة الإنقلاب، ليقود إنقلاباً شرعياً من وجهة نظر العالم، فيضرب كل معارضيه في مؤسسات الدولة، كما سيتمكن تحت غطاء شرعي من تعديل الدستور والقوانين، بما ينسجم معَ مصلحتهِ. في اليوم الأول لإنقلاب أردوغان، أطاح بمئات الضباط الكبار، وأحال مئات من القضاة إلى التقاعد، وجمدَ مسؤولين أخرين تحت ذريعة “إنقلاب غولن”!

لعبَ أردوغان لعبته الكبيرة، والعالم صَدق تلك المسرحية، والأيام حبلى بالمفاجآت، فسيأتي الدور على الأحزاب السياسية، إما يبايعون وإما تهمة الخيانة حاضرة، وسيضرب ثلاث عصافير بحجر: تقوية نفوذه، القضاء على أعدائه، وسلامٌ معَ إسرائيل!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى