هكذا فشل الانقلاب التركي ولكن الجمر ما زال تحت الرماد

كشفت مصادر استخباراتية تركية أن رئيس جهاز الاستخبارات هاكان فيدان، قد عقد اجتماعاً سرياً مع رئيس هيئة الأركان العامة خلوصي أكار، والرئيس الثاني في الهيئة يشار غولار، وقائد القوات البرية، يوم الجمعة الماضي، عقب توصل جهاز الاستخبارات إلى معلومات تفيد بوجود محاولة انقلاب، في نفس اليوم.

وأوضحت ذات المصادر لـوكالة “الأناضول” الرسمية, أن جهاز الاستخبارات قد حذر السلطات المختصة من وجود محاولة انقلاب، وذلك وفق الترتيب التالي:

* الساعة 16.00 (13.00 تغ): جهاز الاستخبارات يتوصل إلى معلومات حول وجود خطة انقلابية.

* الساعة 16.30 (13.30 تغ): رئيس جهاز الاستخبارات يبلغ الرئيس الثاني في هيئة الأركان العامة بوجود تحركات داخل الجيش التركي.

* الساعة 17.30 (14.30 تغ): نائب رئيس جهاز الاستخبارات يتوجه إلى مقر هيئة الأركان العامة، ويزود الرئيس الثاني في الهيئة بتفاصيل خطة الانقلاب.

* الساعة 18.00 (15.00 تغ): رئيس جهاز الاستخبارات يتوجه إلى مقر هيئة الأركان العامة، ويعقد اجتماعاً سرياً مع الرئيس الثاني في الهيئة، وقائد القوات البرية، لبحث اتخاذ تدابير ضد خطة الانقلاب.

* الساعة 18.30 (15.30 تغ): عقب الاجتماع يصدر رئيس هيئة الأركان العامة التعليمات التالية إلى كافة الوحدات بالجيش:

1- إغلاق المجال الجوي للبلاد كاملاً أمام حركة الطيران.

2- عدم إقلاع الطائرات العسكرية بأي شكل من الأشكال.

3- منع تحرك الوحدات والدبابات.

4- إرسال قائد القوات البرية إلى مدرسة الطيران التابعة للقوات البرية لتفتيش أنشطتها.

* الساعة 21.00 (18 تغ): بدء الانقلاب بشكل رسمي, مع تقديم موعد انطلاقه عقب انكشافه، بعد أن كان من المقرر بدؤه الساعة 03.00 من فجر اليوم التالي، وجرى احتجاز رئيس هيئة الأركان العامة، والرئيس الثاني في الهيئة، وقائد القوات البرية.

ورغم سيطرة اجهزة الدولة على الانقلابيين, الا ان تبعات هذا الانقلاب العسكري ما زالت مستمرة حتى الآن, حيث أن عمليات الاعتقال ما زالت جارية بشكل موسع في جميع أنحاء تركيا، وهي لم تقتصر على السلك الأمني والعسكري، بل شملت كل مناحي الدولة التركية، بما فيها جهاز القضاء. وقد سُجل حتى الآن اعتقال اكثر من ستة آلاف عسكري يشتبه بتورطهم في الانقلاب العسكري, كما تم تسريح حوالي ثلاثة آلاف قاض, وهو ما يشكل ثلث جهاز القضاء في تركيا، كما  عزل 30 محافظاً من مختلف الولايات التركية، الأمر الذي أثار العديد من الانتقادات المحلية والدولية التي اتهمت أردوغان بتنفيذ إنقلاب مضاد, وطالبت الدولة التركية التحلي بضبط النفس والتزام الدستور في التعامل مع تداعيات الانقلاب.

وعلى الرغم من كل هذه التدابير والاحترازت، فالواضح أن خطر الإنقلاب لم يتلاش تماماً، وذلك بالرغم من تجاوز الدولة التركية للمرحلة الحرجة منه بفضل نزول الشعب إلى الشارع ومساندة القسم الأكبر من الجيش، حيث أكد وزير الدفاع التركي “فكري إيشق” فجر امس الإثنين نجاحهم في “دحر الانقلاب”، إلا أنه نفى زوال خطره بشكل كامل، وطلب من المتظاهرين في اسطنبول البقاء في حالة من الجهوزية التامة، وعدم مغادرة الميادين.

شواهد ودلائل عديدة تشير إلى أن خطر الانقلاب مازال قائماً، وهو ما يفسر حالة الاستنفار المشهودة في مفاصل الدولة التركية، نذكر منها:

* ما تزال العشرات من المروحيات التابعة للجيش مفقودة، فيما تستمر عمليات البحث عنها على قدم وساق من قبل الجيش التركي، وقد أعلن الضابط في الجيش التركي ” تونجر” على قناة “سي ان ان تورك” أن ما لا يقل عن 42 مروحية تركية قد اختفت بعد الانقلاب العسكري ما ينذر باستمرار المحاولة الانقلابية في تركيا. وقد أكد مصدر في مكتب إردوغان على حظر إقلاع المروحيات العسكرية في اسطنبول تحت طائلة اسقاطها، ما يدل على أن عددا منها مازال خارج السيطرة.

* أصدر الرئيس التركي أردوغان أمرا خاصا بإرسال مقاتلات من نوع “اف-16” للقيام بطلعات دورية في أجواء تركيا للحفاظ على أمن البلاد من أي أخطار محتملة قد تظهر من قبل بقايا اتباع الانقلاب العسكري، وفق صحيفة “ديلي صباح” التركية. وقال مصدر أمني تركي أن طائرات “اف-16” (فالكون) التركية قد تلقت أوامر مباشرة بضرب الحوامات المفقودة متى عثر عليها، ولهذا الغرض فقد تم تزويد الطيارين بهويات هذه الحوامات.

* أوردت وكالة الأناضول، أنه قد تم نشر 1800 عنصر من القوات الخاصة في إسطنبول، وذكرت الوكالة أن القوات الخاصة انتشرت في الشوارع والمنشآت الاستراتيجية بالمدينة، كما تم نقل مزيد من المعدات العسكرية الخاصة إلى المدينة، واتخاذ إجراءات أمنية طارئة.

* شدد الرئيس أردوغان، أمس الاول الأحد على ضرورة مواصلة المواطنين مواقفهم الداعمة للشرعية وبقائهم في الميادين خلال الأسبوع الجاري، قائلاً: “هذا الأسبوع بالذات يعد مهماً للغاية، لن نغادر الميادين، فأنتم من سيملؤها، وسنواصل طريقنا بشكل حازم”.

* أمر حزب الحرية والعدالة جميع طواقمه في أنحاء تركيا بالاستعداد لجميع الاحتمالات, والدفاع عن مقار الحزب والحكومة.

* قال “شرف مالكوج” مستشار الرئيس التركي أن من المحتمل أن يتم توزيع الأسلحة على المواطنين الاتراك لمواجهة بقايا العناصر الانقلابية التي لم تستسلم بعد.

* بقاء الرئيس أردوغان في اسطنبول وعدم عودته إلى أنقرة.

لا تبدو فرصة الانقلابيين كبيرة في العودة الى المربع الأول، بعد نزول القطاعات الشعبية التركية إلى الشارع، إلا أن هذا لا ينفي أن حالة الخطر ما تزال قائمة، كما أن إفراط أردوغان في اعمال الانتقام، من شأنه أن يولد ردات فعل تؤثر على الاستقرار الداخلي، وقد تجر تركيا إلى حرب اهلية دامية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى