نحو تعزيز أمننا الوطني

بقلم : د. زيد أحمد المحيسن

يعتمد الأمن الوطني الأردني اعتماداً كبيراً على منعة المجتمع المحلي, وعلى تعزيز عوامل قواه الذاتية, وهو جزء من الامن القومي العربي يؤثر فيه ويتأثر به سلباً وايجاباً, مما يؤكد ان صمود الاردن هو حماية لأمننا القومي العربي, وقد يكون من المفيد القول ان الاردن الآن هو في أشد الحاجة الى جهود أبنائه المخلصين أصحاب القامات الشامخة والهمم العالية والنظرة الشاملة لعوامل نهوضه وتقدمه.

ان تصليب جبهتنا الداخلية مسؤولية الجميع, فالاردن اليوم يعيش في حالة حرب مع خوارج هذا العصر, وهو مستهدف مدنيا وعسكريا في ظل محيط ملتهب.. فالحرائق والفتن تحيط به من كل الجوانب, اضافة الى العدو السرمدي الكيان الصهيوني الذي يتربص بنا المنون كل ثانية للانقضاض على الارض والانسان فيها, تارة بالترغيب وتارة اخرى في الترهيب.

الجميع في بلدنا يعي خطورة هذه التحديات الجسام, والحادث الاليم في عين الباشا يشكل جزءا من مخرجات هذا الجوار الجغرافي المأزوم, علاوة على تحديات الوضع الاقتصادي المتردي, فالمديونية تنقض على معظم مكونات الناتج القومي, وشح موارد المياه نتيجة لعدم توفر مصادر مياه جديدة ومتجددة, ومشكلة الطاقة المكلفة واعتمادها على النفط ومشتقاته, وحركة اللجوء السوري اليومي للاردن واثرها وتاثيرها على الديموغرافيا الوطنية وعلى برامج التنمية لمحافظات الاطراف, علاوة على الخطاب غير الحضاري الذي نسمعه بين الحين والاخر والذي يحض على الكراهية وعدم قبول الرأي والراي الاخر, اضافة الى سوق الاشاعات التي تزخر به الموقع الالكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي.

كل هذه التحديات, اضافة الى حالة الفقر والبطالة ومشاكل الشباب والعنف الاسري, تؤكد بأن مجتمعنا المحلي مأزوم ويعاني من مشاكل اجتماعية وسيكولوجية بحاجة الى دراسة وتحليل قبل ان تقع الفأس في الرأس, فعمليات الانتحار التي بدأنا نشاهدها بين الفترة والاخرى خير دليل على صدق هذا التحليل الاجتماعي لواقعنا المعاش  الذي اصبح يهدد دعائم مرتكزات امننا الوطني .

المطلوب في هذا الوقت وفي هذه المرحلة تضافر جهود القوى الحية في المجتمع افرادا ومنظمات مجتمع مدني واهلي وشخصيات وطنية مستقلة وكتاب وادباء ومثقفين العمل معا على توجيه البوصلة الوطنية لوأد هذه الاخطار الخارجية و الداخلية  التي تهدد امن بلدنا داخليا وخارجيا, وذلك من خلال الترفع عن الصغائر والخلافات الجانبية, وتكثيف الجهود والنشاطات الثقافية للتوعوية باهمية توحيد المواقف والعمل بيد واحدة لتصليب الجبهة الداخلية – فعلا قويا – وسلوكا راشدا – يشعر من خلاله جنودنا الساهرون على ثغور الوطن بالاطمئنان التام من ان خلفهم جبهة قوية تسند روحهم وظهورهم وتشد من عزائمهم ومعنوياتهم العالية, خاصة في هذا الشهر الفضيل الذي حل ضيفا عزيزا علينا .

فالتاجر مطلوب منه هذه الايام ان يقبل بهامش الربح البسيط في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها الجميع فقراء وطبقة الوسطى .

وعلى المعلم في مدرسته القيام بواجباته التعليمية والتربوية تجاه الطلبة اعدادا وتعليما دون النظر الى مخرجات الدروس الخصوصية وعوائدها المالية التي اصبح المواطن العادي لا يتمكن من تلبيتها .

وكذلك على المزارع و الفلاح ان يتكل على الله وهو يبذر الحب – ومع كل حبة خير يزرعها في الارض ويسهر على رعايتها و سقايتها حتى يوفر رغيف الخبز و الامن الغذائي للمواطن.

فالوطن كما يقول وينستون تشرتشل :” شجرة طيبة لا تنمو الا في تربة التضحيات وتسقى بالعرق والدم “, والدفاع عن الوطن هو جزء من عقيدتنا وشريعتنا السمحة, ولا احد من ابناء شعبنا الوفي اخال يتخاذل او يتباطئ في القيام بواجبه تجاه وطنه.

فهذا الوطن امانة في اعناقنا علينا المحافظة عليه تشييدا وتعميرا وزراعة.. وتحيه لكل يد تبني وتعمر ارض الاردن, مزارع ومصانع ودور علم وثقافة وعبادة, وقبل هذا وذاك كلمة طيبة.. الكلمة التي توحد ولا تفرق .. تضيء ولا تحرق.. والرحمة والمغفرة لشهداء الوطن في الواجب وفي ميادين الرجولة والفداء ولشهداء جيشنا العربي الذين عمدوا مسيرة الوطن بدمائهم الطاهرة الزكية دفاعا عن الاقصى وفلسطين وعن كل ذرة من الثرى العربي الطهور, والعزة لله ولرسوله ولشعبنا العربي الاردني المعطاء صاحب انبل رسالة واشرف وحدة قومية انسانية صاغها على ارضه عبر تاريخنا الحديث.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى