اليوم.. احياء ذكرى نكبة فلسطين التي اصبحت عدة نكبات

تصادف اليوم الأحد الموافق 15 أيار 2016، الذكرى السنوية الـ 68 للنكبة الفلسطينية التي شكّلت عملية تحوّل مأساوي في خط سير حياة الشعب العربي الفلسطيني بعد سلب أرضه ومقدراته وممتلكاته وثرواته، وما تعرّض له من عمليات قتل ممنهج وتهجير على أيدي العصابات الصهيونية عام 1948.
وتأتي ذكرى النكبة هذا العام، وسط تأكيدات شعبية على التمسّك بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي هُجّروا منها قبل نحو سبعة عقود من الزمن، في ظل دعوات لإحياء الذكرى بالنفير العام في وجه المحتل في كافة مناطق التماس داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وتشمل أحداث النكبة، احتلال معظم أراضي فلسطين من قبل الحركة الصهيونية، وطرد ما يربو عن ثمانمائة ألف فلسطيني وتحويلهم إلى لاجئين، كانوا يشكلون آنذاك حوالي نصف الشعب الفلسطيني ليتجاوز عددهم الآن قرابة الخمسة ملايين لاجئ، يعيش معظمهم في مخيمات الشتات بالضفة الغربية وقطاع غزة والدول العربية المضيفة لهم.
وبهذه المناسبة تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي، منذ صباح اليوم, تشديد إجراءاتها العسكرية في مدينة القدس المحتلة، بالتزامن مع إحياء الفلسطينيين للذكرى الـ68 للنكبة, حيث تشهد طرق ومداخل المدينة المقدسة، منذ ساعات الصباح، تشديدات على الحواجز العسكرية، تخللها إحتجازمركبات المواطنين والتدقيق في هوياتهم وإعاقة تنقلاتهم.
اما في نابلس فقد قام نشطاء فلسطينيون، بنصب مجسمات لمفتاح العودة على مداخل مخيمات المدينة الأربعة، ضمن فعاليات إحياء ذكرى النكبة.
وقد جاءت هذه الخطوة ضمن الفعاليات التي أعلنتها “اللجنة الوطنية العليا لعودة الاجئين واللجنة الوطنية لاحياء ذكرى النكبة في بنابلس، بالتعاون مع لجان مخيمات المدينة “عسكر الجديد”، و”عسكر القديم”، و”بلاطة”، ومخيم “عين بيت الماء”، حيث تم صباح اليوم نصب أربعة مفاتيح ترمز للعودة على مداخل المخيمات.
وفي السياق ذاته، قال عماد الدين اشتيوي، منسق هذه “اللجنة الوطنية العليا” في بيان له، إن وضع المفاتيح على مداخل المخيمات يأتي للتأكيد على أن رمزية المفتاح ستبقى في الذاكرة لكافة ابناء الشعب الفلسطيني، حتى تحيق حلم العودة مها طال الزمن”.
وكانت اللجنة قد دعت، خلال مؤتمر صحفي عقد مؤخرا، لأوسع مشاركة في فعاليات الذكرى الـ68 للنكبة، حيث من المقرر أن تتنوع الفعاليات بين أمسيات ثقافية وشعرية، ومسيرات كشفية، على أن تكون الفعالية المركزية اليوم الأحد، على دوار “الشهداء” وسط مدينة نابلس.
وفي اطار احياء هذه الذكرى, انطلق نشطاء فلسطينيون من ذوي الإعاقة في مدينة نابلس صباح اليوم، على كراسيهم المتحركة باتجاه مدينة طولكرم، في فعالية رمزية تؤكدً على حق العودة.
وأوضح منظم الفعالية، رائد الحويطي، أنها تأتي في سياق مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة لجميع شرائح الشعب الفلسطيني بإحياء ذكرى النكبة، خاصة أنهم تعودوا المشاركة بكافة المناسبات الفلسطينية المختلفة.
وأضاف الحويطي يقول، أن عدة نشطاء قد شاركوا في هذه الفعالية التي ستجتاز عدة حواجز إسرائيلية، وحملوا معهم رموزا تعكس قضية اللاجئين الفلسطينيين ومن بينها مفاتيح العودة، ومن المقرر أن يصلوا مدينة طولكرم لاحقا والمشاركة في المهرجان المركزي هناك لإحياء ذكرى النكبة.
وفي غزة جدّدت حركة “حماس”، موقفها بعدم الاعتراف بالاحتلال الإسرائيلي أو التنازل عن ذرة تراب من الأرض الفلسطينية, وذلك في بيان صحفي اصدرته الحركة اليوم ، بمناسبة ذكرى النكبة.
وقالت الحركة في بيانها : “في مثل هذا اليوم خاض شعبنا معركة الدفاع عن أرضه وعن وجوده وعن مقدساته، ودفع الثمن غالياً من دماء أبنائه، بل دفع فوق هذا الثمن أثماناً باهظة ما كان له أن يدفعها لو كانت العدالة شعار العالم, ولو كانت النخوة شعار الأمة، ولو كان باليد حيلة، فأُجبر شعبنا على الرحيل عنوة من دياره، وتشتت في مخيمات لجوء شاهدة على البؤس والمعاناة”.
وأضافت : “لقد كان هدف عدونا الهيمنة على أرضنا ومقدساتنا، وعلى تاريخنا ووجودنا وشخصيتنا، مستعيناً بكل أدوات القوة المادية والدعاية الكاذبة والخداع والغدر والإرهاب، غير أن كل ذلك لم يكن ليحقق له انتصاراً لولا أنه وجد نفوساً مريضة وزعامات أقل ما يقال فيها إنها متواطئة، فاستطاع أن يدجنها، وأن يسقطها في براثن المصالح الحزبية والفئوية والشخصية لتكون أداة طيعة في يده”.
وناشدت الحركة، كل الأنظمة العربية رفع يدها عن اللاجئين من أبناء الشعب الفلسطيني، وأن تكرم وفادتهم حتى يوم عودتهم، وأن لا تضطرهم إلى المزيد من اللجوء والتشرد.
كما رحّبت حركة حماس ومعها حركة الجهاد الإسلامي بالدعوات الوطنية لتفعيل الانتفاضة الشعبية في الضفة المحتلة وعلى حدود قطاع غزة.
ودعت الحركتان في بيان مشترك، كل الشباب الفلسطيني في الضفة والقدس والقطاع للانخراط في هذه الفعاليات إحياءً لذكرى النكبة وتفعيلاً للانتفاضة، وتعبيراً عن فشل كل المؤامرات لإجهاضها.
ومن جانبه احيا اتحاد الجاليات والمؤسسات والفعاليات الفلسطينية في أوروبا هذه المناسبة, وقال في بيان اصدره اليوم الاحد : يحيي شعبنا الفلسطيني في هذه الأيام، الذكرى الثامنة والستون لنكبة فلسطين، حيث سُجلت في مثل هذه الأيام أكبر عملية تطهير عرقي في العصر الحديث، حدثت في العام 1948 حين أقدمت العصابات الصهيونية مدعومة بقوات الانتداب البريطاني على تهجير وتشريد سكان 530 مدينة وقرية في فلسطين، بالإضافة إلى سكان 662 ضيعة، وهي السنة التي طُرد فيها شعبنا من بيته وأرضه وفقد وطنه لصالح إقامة الدولة اليهودية “إسرائيل”، حيث تقاطعت مصالح الدول الإمبريالية الاستعمارية آنذاك على إقامة وطن قومي لليهود على أرض فلسطين.
واضاف الاتحاد يقول في بيانه : لقد شملت أحداث النكبة المشؤومة، إحتلال معظم أراضي فلسطين من قبل الحركة الصهيونية، وطرد ما يربو عن 750 ألف فلسطيني وتحويلهم إلى لاجئين مشردين في شتى أصقاع العالم، كما شملت الأحداث عشرات المجازر والفظائع وأعمال النهب ضد شعبنا الفلسطيني وهدم أكثر من 530 قرية وتدمير المدن الفلسطينية الرئيسية وتحويلها إلى مدن يهودية، وطرد معظم القبائل البدوية التي كانت تعيش في النقب ومحاولة تدمير الهوية الفلسطينية ومحو الأسماء الجغرافية العربية وتبديلها بأسماء عبرية وتدمير طبيعة البلاد العربية الأصلية واستحداث حضارة طارئة تلغي الحضارة العربية المتجذرة في أرض فلسطين منذ ألاف السنين.
وجاء في بيان اتحاد الجاليات ايضاً : اليوم وبعد مضي ثمانية وستين عاما على ارتكاب النظام الإمبريالي الاستعماري وصنيعته الحركة الصهيونية، لجريمة، كانت وما زالت، من أبشع جرائم العصر الحديث، جريمة اقتلاع معظم أبناء شعبنا الفلسطيني من أرض وطنه ودياره، وإحلال الصهاينة، مكانه بقوة السلاح والإرهاب وتزوير حقائق التاريخ، بعد كل هذه السنين بما حملته من عذابات وآلام لشعبنا، ما تزال عقيدة التشبث بالأرض والإرتباط بتاريخ فلسطين العريق الذي صنعه الأجداد والآباء، هي منبع الصمود والتحدي والإصرار على مواصلة مسيرة النضال الطويلة التي يخوضها شعب فلسطين العظيم بكل مكوناته وأطيافه وفي شتى أماكن تواجده.
لقد أخطأ المحتل الصهيوني حين توهم بأن الكبار يموتون والصغار ينسون ما حل بوطنهم وكيف شرد وقتل أجدادهم وأبائهم، وكيف دمرت مدنهم وقراهم، في لحظة تخاذل من العالم المتحضر، نعم أخطأ المحتلين القتلة ولم يفهموا أو يدركوا أن القضية ليست رواية تاريخية مجردة تُدرس للأجيال، بل هي تاريخ عريق لهذه البلاد وشعبها الضارب في جذور الأرض منذ القدم، بل يدرك المحتل الصهيوني أن كل رواياته وأكاذيبه التي ملأ بها الدنيا، وضلل بها العالم، فُضحت وسقطت، ويكفي الإستماع لطفل فلسطيني ليحكي قصة فلسطين وشعبها الجبار، الذي رفض الغبن والذل وضحى وما زال يضحي بأغلى ما يملك في سبيل حريته وعودته.
واضاف اتحاد الجاليات يقول في بيانه : إننا اليوم وفي أجواء هذه الذكرى الأليمة على شعبنا، نؤكد في إتحاد الجاليات والمؤسسات الفعاليات الفلسطينية في أوروبا على تمسك شعبنا في شتى أماكن تواجده بحق العودة إلى أرضه ودياره التي شُرد منها، ولن تستطيع قوة في العالم أن تنزع عن شعبنا هذا الحق التاريخي المشروع، وستبقى بوصلة شعبنا الوطنية هي التمسك بحقوقه الوطنية المشروعة حتى زوال الإحتلال والعودة والحرية، وبناء دولتنا الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس العربية.
كما أننا ندعو مكونات شعبنا وقواه الحية، وقيادة السلطة الوطنية ومنظمة التحرير إلى العمل الجاد لطي صفحة الإنقسام وتعزيز وحدتنا الوطنية، طريقنا الأنجح والأقصر لمجابهة الإحتلال والوقوف أمام مخططاته وجرائمه اليومية بحق أبناء شعبنا، وفي هذا الإطار ندعو لضرورة الالتزام بقرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية بوقف التنسيق الأمني ووقف المفاوضات العبثية، ووقف العمل بإتفاقية باريس الإقتصادية المذلة التي وضعت قرارانا السياسي رهناً لاموال المانحين.