استهداف الفكر القومي العربي
بقلم : فـؤاد دبور
تأتي ضرورة نشر الفكر القومي العربي بين جماهير الأمة, رداً على استهدافه من قبل القوى المعادية للأمة وفي المقدمة منها الجماعات التكفيرية والقطرية ، حيث يكثر الحديث هذه الأيام عن هزيمة هذا الفكر القومي من قبل أعداء الأمة في الداخل والخارج، وبخاصة العدو الصهيوني والامبريالية، حيث يخططون لمشاريع شرق أوسطية لتقسيم أقطار الوطن العربي على أسس مذهبية وطائفية وعرقية, ويعادون الفكر القومي لأنه يجمع الأمة ولا يفرقها، ومن هنا تستهدف سورية العربية كونها الحامل الرئيس لهذا الفكر الجامع.
كما يحاول أعداء الفكر القومي الاستفادة من الأوضاع العربية الشاذة القائمة، والمتمثلة في صراعات عربية – عربية ، والمراهنة على موت الفكر القومي وبالتالي موت مشروع الوحدة العربية المستند إلى هذا الفكر، متجاهلين أن الوحدة العربية تحتاج إلى نضال طويل وشاق, وتأتي تتويجا لمراحل تبدأ بالتضامن العربي والتعاون والتنسيق والتكامل الاقتصادي، بمعنى أن بلوغ التوحد العربي أو الوحدة العربية ، يحتاج إلى سلوك الطريق الموصل إليها في نهاية المطاف, وان طال الزمان، لان الوحدة العربية ضرورة وحق من حقوق جماهير الأمة.
نعترف أن المشكلة في عدم الوصول إلى وحدة العرب ليست في الفكر القومي، ولكن في طيف واسع من حاملي هذا الفكر، وكذلك في فهم هذا الفكر ومكوناته ومرتكزاته وأساليب العمل السليمة ووعي أبعاده التاريخية والجغرافية ، كما ان المشكلة تتمثل في التمسك بالقطرية التي لا يمكن أن تكون بديلا عن القومية، حيث لا يمكن لأي قطر عربي الادعاء بأن القطرية تشكل بديلا عن التعاون والتنسيق والتكامل السياسي والاقتصادي اللازم لأمن هذا القطر أو ذاك, وتحقيق مصالحه الوطنية في النمو والتطور والازدهار.
واستنادا إلى هذا الفهم تبنى حزب البعث العربي الاشتراكي, والذي يعتبر حزبنا.. حزب البعث العربي التقدمي جزءا فكريا وعقائديا وسياسيا منه ؛ النظرية القومية والعربية وان الأمة العربية لها الحق الطبيعي في بناء دولتها العربية الواحدة التي تحقق مصالح جماهير الأمة في الحرية والاستقلال والكرامة واستغلال ثرواتها, وبناء القوة السياسية والعسكرية والاقتصادية, وبناء الأمن القومي العربي أمام هجمات أعداء الأمة الذين يستهدفون سيادتها وثرواتها وقرارها المستقل، بمعنى أن الوحدة العربية هي التي تحقق كل المصالح القومية العليا للأمة العربية.
وعليه, فإن أمتنا العربية هي الآن أحوج ما تكون إلى التمسك بالفكر القومي العربي, باعتباره المرتكز الأساس لبناء المشروع النهضوي اللازم للتقدم على صعيد كل قطر عربي وعلى صعيد الأمة بكاملها.
وما يؤكد أهمية هذا المشروع اليوم، تعرض الوطن العربي لمحاولات شرسة لتطبيق المشاريع الصهيو أمريكية – الاستعمارية بهدف إضعاف العرب عبر المزيد من التجزئة ، ما يجعلهم يفقدون أسباب القوة, ويتحولون إلى أدوات تخدم هذه المشاريع ، إضافة إلى القضاء على الثقافة القومية وروح المقاومة والعزة والكرامة والاستقلال.
طبعا نحن ندرك بأن المشروع النهضوي العربي لا يمكن أن يحققه حزب واحد ولا قطر عربي واحد ، بل يكون هذا الحزب وذاك القطر قاعدة الانطلاق نحو التعاون مع الأحزاب المؤمنة بالفكر القومي, وكذلك الأقطار العربية المؤمنة بالعروبة، وعليه فإننا نؤكد على قضية حماية الفكر القومي العربي وتطويره ليصبح قادرا على الاتساع كي يستوعب تيارات الأمة العقائدية والسياسية والفكرية التي تهدف إلى الدفاع عن الأمة ، واستعادة حقوقها والدفاع عن سيادتها واستقلالها وثرواتها عبر بلورة مشروع حضاري نهضوي في إطار جامعٍ لكل القوى الحية المناضلة من اجل حماية مصالح الأمة العربية.
كما نؤكد على ضرورة التكامل بين الفكر القومي العربي والإسلام, بعيدا عن القوى التي تدعي بأنها حامل الإسلام، وهي في الوقت نفسه تشوه الإسلام ومبادئه السمحة عبر قيامها بالقتل والإجرام كطريق دموي للوصول إلى السلطة، وهي بسلوكها هذا الطريق إنما تخدم أعداء الأمتين العربية والإسلامية.
ونؤكد على أن الخطوات الضرورية لتطوير الفكر القومي العربي يجب أن تستند إلى عملية تعميق مضامين الوعي العربي على أساس الهوية القومية العربية, وفهم ابعاد وأهداف النضال الجامع للعرب لحماية الأمة وتحقيق مصالحها القومية وصيانة وجودها وإعادة دورها التاريخي وجعلها تتبوأ مكانتها اللائقة في رسم الحضارة العالمية.
كما نؤكد ان استهداف الفكر القومي العربي من قبل أعداء الأمة، يعود الى انه فكر جامع للأمة, ويمثل قاعدة الارتكاز لبناء قوة عربية تواجه المشاريع الأمريكية والصهيونية التي تستهدف وجود الأمة ، كـ الكيان الصهيوني المحتل لأرض فلسطين العربية وأراض عربية محتلة في سورية ولبنان.
مرة أخرى نعود لنؤكد بأن الوقوف مع سورية العربية إنما هو دفاع عن الفكر القومي العربي وحماية للأمة ومصالحها, لأن سورية هي – بحق- الشعلة التي تنير طريق الوحدة والحرية والاشتراكية.