اسباب وتداعيات تعثر اللقاء بين الملك واوباما
تعرضت العلاقة الاردنية- الامريكية الى نكسة سياسية ودبلوماسية علنية، الاسبوع الماضي، جراء اعتذار الرئيس الامريكي باراك اوباما عن لقاء الملك عبدالله الثاني في البيت الابيض، بدعوى انشغاله بخطاب ”حال الاتحاد” الذي القاه يوم الثلاثاء الماضي امام الكونغرس.
ورغم ان الرئيس الامريكي حاول تدارك هذا التقصير المعيب من خلال لقاٌّء مقتضب بينه وبين الملك في قاعدة اندروز الجوية العسكرية قرب واشنطن، فضلاً عن اللقاء الملكي مع جو بايدن نائب الرئيس، وجون كيري وزير الخارجية، واشتون كارتر وزير الدفاع، الا ان هذه المحاولات الترقيعية لم تنجح في محو مشاعر المرارة والغضب التي عاد بها الوفد الاردني الى عمان صباح الخميس الماضي.
وقد انشغلت صالونات عمان السياسية ومحافلها الاعلامية بهذه الانتكاسة في العلاقة بين القيادة الاردنية وبين ادارة اوباما التي كثيراً ما خرجت عن مألوف السياسات الامريكية لدى الادارات السابقة، واغضبت العديد من ”حلفاء الامس” الذين فوجئوا بتباعدهم عنهم وتقاربها مع خصومهم.
هذه الصالونات والمحافل التي لم تنطل عليها حكاية انشغال اوباما، انطلقت في تحليل وتعليل اسباب هذه الجفوة الاردنية – الامريكية المباغتة، وما يمكن ان يترتب عليها من نتائج وعواقب يمكن ان تمتد حتى نهاية ولاية اوباما في مثل هذا الشهر من العام المقبل.
معظم الاراء عزت الاسباب الى تحفظ ادارة اوباما على عدد من السياسات الداخلية والمواقف الخارجية الاردنية.. ففي المجال الداخلي اعربت هذه الصالونات عن قناعتها بان تقارير السفارة الامريكية وغيرها من اوكار الملاحظة في عمان، تتضمن الكثير من الملاحظات السلبية حول تراجع وتيرة الحريات العامة والاصلاح السياسي، وعودة القصر للاستئثار بصنع القرار واختزال باقي السلطات والمؤسسات الرسمية، وسوء ادارة وتمويل مخيمات وتجمعات اللاجئين السوريين ومنع استقبال المزيد منهم الذي يتكدس عند الحدود.
اما على صعيد المواقف الاردنية الخارجية، فتلفت هذه الصالونات الانظار الى قلق ادارة اوباما من تنامي العلاقة السريع بين عمان وموسكو، بل من توطيد الصداقة الشخصية بين الملك والرئيس بوتين الذي اصر على استقبال الملك واقامة حفل غداء تكريمي لجلالته يوم اقدام الجيش التركي على اسقاط طائرة السوخوي المقاتلة الروسية اواخر شهر تشرين الثاني الماضي.
وفيما يبدو انه رد علني على تقصير اوباما في لقاء الملك، بادر جلالته بعد ساعات قليلة فقط من مغادرة واشنطن، لاجراء مكالمة هاتفية مع بوتين للتباحث في شأن الجهود الدولية لمحاربة الارهاب، ومتابعة مستجدات الازمة السورية ومحاولات ايجاد حل سياسي شامل لها.. الامر الذي فسرته صالونات عمان ومحافلها على انه رسالة موجهة الى ادارة اوباما تفيد بان الاردن ماضٍ في تقاربه مع روسيا حول الموضوع السوري وغيرها، ولو كره اوباما واردوغان وبعض عربان الخليج.
بعض رواد هذه الصالونات انحوا باللائمة على اعوان الملك ومستشاريه لانهم لم يعدوا مسبقاً للقائه مع الرئيس الامريكي، ولم يتأكدوا على وجه الدقة من حصول هذا اللقاء حال وصول الملك الى واشنطن، بل تركوا الامر مفتوحاً على عواهنه، وقابلاً لاكثر من احتمال، وهو ما ادى بالتالي الى هذا الوضع المحرج لكل الاطراف.
وعلى صعيد النتائج والتداعيات التي يمكن ان تترتب على هذه النكسة الدبلوماسية، قلل بعض اصحاب الصالونات من اهميتها، واعتبروها نكسة مؤقتة، او حتى زوبعة في فنجان سوف تهدأ قريباً، وتجد نهايتها لدى اجتماع الملك والرئيس الامريكي المعلن عنه في شهر شباط المقبل.. مؤكدين ان الاردن يستطيع توسيع وتنويع خياراته وتحالفاته، ولكنه لا يستطيع، لاسباب سياسية واقتصادية وعسكرية، الذهاب بعيداً في مناكفة واشنطن.
وخلصوا الى القول ان صانع القرار الاردني يعرف جيداً مدى التحولات الاخيرة في الاستراتيجية الامريكية التي اختلفت كثيراً عن السابق حتى باتت تقدم التفاهمات الجديدة مع روسيا وايران على التحالفات القديمة مع تركيا والسعودية وتوابعها الخليجية !!