مطالبات شعبية لواشنطن بسحب سفيرتها من عمان

تصاعدت حملة الانتقادات والتعليقات والادانات الحزبية والنيابية والاعلامية الغاضبة، لتصرفات السفيرة الامريكية في عمان السيدة أليس جي ويلز التي تجاوزت الاعراف الدبلوماسية، وانتهكت الخطوط الحمراء التي تحظر على الدبلوماسيين الاجانب التدخل في الشؤون الداخلية للدول المعتمدين لديها.
فمنذ تسلمها منصب سفير الولايات المتحدة لدى الاردن، منتصف العام الماضي، دأبت السيدة ويلز التي تتقلد منصب ”سفير” لاول مرة في حياتها، على التصرف باسلوب فوقي واستعلائي غير معهود من قبل سفراء امريكا السابقين الذين كانوا حريصين على مراعاة اللياقات السياسية والدبلوماسية مع وزارة الخارجية الاردنية، رغم كل ما كانوا يتمتعون به من وزن ونفوذ كبيرين عند صناع القرار الاردني.
السفيرة ويلز لم تتردد عن ”اختراع” دبلوماسية جديدة وفريدة من نوعها تتيح لها التدخل في عمق القضايا المحلية الاردنية، والتواصل مع مختلف الفئات الشعبية والنخبوية، والاستخبار عن ادق المواضيع واكثرها حساسية لدى الاردنيين، بل الانخراط في نشاطات وتحركات غريبة على المجتمع الاردني وعاداته وتقاليده كان ابرزها المشاركة في ملتقى للمثليين بعمان.
ورغم ان السفارة الامريكية لا تني، بين فترة واخرى، عن اصدار البيانات المتكررة التي تحذر الرعايا الامريكيين من مخاطر التحرك في المناطق الاردنية، وتطالبهم بقصر مشاويرهم على ما هو ضروري فقط، بذريعة الاعتبارات الامنية.. الا ان السفيرة ويلز لا تكف عن ”السياحة” شبه اليومية، ليس بين احياء عمان وجبالها فحسب، بل في سائر المدن والبلدات الاردنية شمالاً ووسطاً وجنوباً.
”المجد” كانت اول من اشار – قبل اسبوعين- الى غياب الكيمياء الشخصية والدبلوماسية بين السفيرة ويلز، وبين ناصر جودة، وزير الخارجية الذي بلغ به الضيق من تصرفات وتصريحات هذه السفيرة حد التوجه لها بتهمة انتداب نفسها للعب دور ”المندوب السامي”، وليس دور السفير المعتاد في الاردن.. فيما ذكرت يومية ”القدس العربي” اللندنية، ان قسماً مختصاً في وزارة الخارجية بات يتابع فعاليات وتحركات السفيرة ويلز باعتبارها تصرفات ”شرسة” تستوجب ”المراقبة”.
وتضيف ”القدس العربي” في تقرير لها نشرته يوم الثلاثاء الماضي قائلة : ان دوائر اعمق من وزارة الخارجية تسلط الأضواء بقوة على السفيرة أليس ويلز، ويتنامى الشعور بأنها تلعب دوراً غامضاً أو غير ودي تجاه المصالح الرسمية والحكومية، أو في أفضل التفسيرات لا تبدو مريحة أو متعاونة.
توتر علاقة السفيرة ويلز لا يقتصر على وزارة الخارجية، بل يمتد – ربما- الى الدوائر الامنية، ذلك لان بياناً نشرته السفارة الامريكية وطلبت فيه من المواطنين تزويدها باية معلومات تتعلق بالارهاب، واية تهديدات للمصالح الامريكية مقابل مكافأة مالية.. لا بد ان يكون قد اثار حفيظة الاجهزة الاستخبارية الاردنية، بمثل ما اثار حنق الرأي العام الاردني، حيث اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليقات الحادة على هذا الاعلان، واعتبرته عرضاً سافراً لتجنيد عملاء ومخبرين للسفارة الامريكية والمخابرات المركزية، وطالبت هذه المواقع بمحاكمة كل اردني يستجيب لهذا الاعلان بتهمة التخابر مع جهات اجنبية، كما رأت فيه استفزازاً للاجهزة الامنية، وتطاولاً على السيادة الوطنية الاردنية.
وكان الموقع الرسمي للسفارة الأمريكية قد نشر إعلانا عن تخصيص مكافأة مالية لكل من يبلغ عن معلومة تتعلق بـ(الإرهاب)، ضد مصالح الولايات المتحدة الأمريكية.
وجاء في الإعلان : ( هل لديك معلومات عن الإرهاب، أو تهديدات أخرى؟؟ حكومة الولايات المتحدة الأمريكية تبحث عن معلومات تتعلق بالإرهاب، أو تهديدات أخرى ضد المواطنين أو المصالح الأمريكية).
وتابع الإعلان: لقد تمت مكافاة الاشخاص الذين قدموا معلومات ساعدت في القبض على إرهابيين أو ردع تهديدات أخرى.
كما خصصت السفارة الأمريكية بريداً الكترونياً بهذا الخصوص، وخاطبت المعنيين بالقول : ستبقى هويتك والمعلومات التي ستدلي بها سرية.
دوائر النخب ومواقع التواصل الاجتماعي استذكرت، في هذا السياق، هجمة الوزير جودة على السفير السوري الدكتور بهجت سليمان، وبيانات الوزير المتكررة ضد هذا السفير الذي سرعان ما تقرر ابعاده عن الاردن، اواخر شهر ايار من العام الماضي، رغم انه لم يرتكب سدس ما ترتكب سفيرة واشنطن في عمان.. فهو لم يذرع الاردن شمالاً وجنوباً بل ظل قابعاً في سفارته، وهو لم يخرق الاعراف والتقاليد الاردنية بحضور مؤتمرات المثليين، وهو لم يطلب علناً تجنيد جواسيس وعملاء اردنيين، وهو لم يشكك في سلامة اوضاع الدينار، وهو لم يعتبر الاردن بانه يسيء استخدام المعونات المالية المقدمة اليه من الدول المانحة.. الخ.
بعض هذه النخب ومراكز التواصل الغاضبة طالبت الحكومة بابعاد هذه السفيرة، او على الاقل دعوة الخارجية الامريكية الى سحب سفيرتها طوعياً من عمان.. ولكن العين بصيرة واليد قصيرة !!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى