في الواقعة الباريسية

وقامت قيامة فرنسا الحرة الديمقراطية وحقوق الإنسان، وحتى الآن لم تقعد. وجنت براقش على شعبها بسياساتها الخرقاء، فسارعت انتقاما إلى ضرب الرقة، أي إلى مواقع داعش، كما تدّعي. فإذا كانت تحارب داعش بالأساس، لماذا لم تضرب تلك المواقع من قبل؟ لا نشمت بأحد، لأن الذين تضرروا من هذه الواقعة هم أبرياء ولكنهم ضحايا لسياسة حكومتهم بعقليتها التي ما تزال استعمارية بحقّ منذ الإبادات الجماعية في بلد المليون شهيد. فقد أكدّ وزير الدفاع الفرنسي السابق في حكومة ساركوزي، جيرارد لونغيت، أن فرنسا لا تشعر بالندم على فترة احتلال الجزائر، وأن سبب فشل الاستعمار الفرنسي فيها هو أن الفرنسيين استعبدوا سكان هذه الدول(شمال إفريقيا) بدلا من إبادتهم. ثم، ندري كلنا بأن داعش صناعة أمريكية بحتة، وهي توجّه عملاءها ليضربوا في أي موقع تريده، فهي إذن مسؤولة عن هذه الواقعة، كما هي مسؤولة عن كل الجرائم التي ارتكبت ضد البشرية.

أما أن تخرج مظاهرات تطالب بطرد المسلمين من فرنسا، والاعتداءات على كل مواطن يشك فيه، فهذا منتهى الغباء، إذ تبرز الروح الانتقامية والحقد الذي تراكم عبر السنين تجاه العرب والمسلمين. ( وهنا فتش عن الصهيونية ).

عقدة أمريكا وحلفائها وكل الدول المتآمرة، هي سورية الصامدة. ويخرجون علينا، كلما دقّ الكوز بالجرة، بقصة البراميل المتفجرة، التي تطال الأطفال والنساء، ويذرفون الدموع على حقوق الإنسان، رغم أن المناطق التي تطالها هذه البراميل، هي مناطق خالية من السكان، كما أكدّ لي الكثير من السوريين الذين التقيتهم.

العقدة هي سورية، الشوكة العالقة في حلوقهم. وقد أكدّ هذه الحقيقة السيناتور الأمريكي ريتشارد بلاك، سيناتور فيرجينيا، حيث قال في رسالة إلى الرئيس بشار الأسد :” إن الحرب السورية لم يكن سببها اضطرابات داخلية، كانت حربا غير قانونية لعدوان من قبل قوى خارجية صمّمت على فرض نظام عميل بالقوة. لقد كشف الجنرال ويسلي كلارك، القائد السابق الأعلى لقوات الحلفاء في أوروبا، أنه في عام 2001 طوّرت القوى الغربية خططا لقلب نظام الحكم في سورية. ومع ذلك، وبعد 15 عاما من أعمال التآمر العسكرية، فإن حلف الناتو والسعودية وقطر لم يتمكنوا حتى الآن من تحديد قائد واحد للثوار يتمتع بدعم شعبي بين الشعب السوري”.

ويضيف:” قبل بداية الحرب، كان لدى السوريين أكبر حرية معتقد ومساواة للمرأة من أي شعب عربي. الكثير من الأمريكيين مندهشون لمعرفة أن الدستور السوري ينص على حرية الانتخابات وحرية المعتقد وحقوق المرأة وحكم القانون… لقد بدأ الناس يدركون أن الإرهابيين في سورية مدعومون عسكريا من حلفائنا، تركيا السعودية وقطر. وبالفعل، فإنه لا يوجد داعم أكثر ولاء لداعش من تركيا التي تعتبر القناة الرئيسية للجهاديين، والأسلحة، والمساعدات الطبية والتجارة. إن تركيا لم تقدم أي شيء مهم لأداء التحالف الباهت، على الرغم من أنها ضمن التحالف ضد داعش..”.

أما عن بقاء أو رحيل الرئيس بشار الأسد، فقد أصبحت هذه النغمة باهتة من اسطوانة مشروخة حملها أعداء سورية أينما حلوا. فمن هم، وبأي حق يقررون من يحكم سورية، وهل تتدخل سورية في انتخاب أي رئيس من دولهم الاستعمارية. ويا سبحان الخالق، كل الدول التي يغضون الطرف عنها، تتمتع بديمقراطية وحقوق إنسان يحسدها عليها الغرب. فحلوا عن الرئيس بشار الأسد، فقد تمّ انتخابه من قبل شعبه، وصمد مع شعبه وجيشه صمود الجبابرة خلال السنوات الخمس الماضية بعد أن تكالبت عليه كل شياطين الأرض.

” أدخل صحن الجامع الأموي/ أسلّم على كلّ من فيه/ بلاطةً.. بلاطه/ حمامةً.. حمامه/ أتجوّل في بساتين الخط الكوفيّ../ وأقطف أزهارا جميلة من كلام الله../ وأسمع بعينيّ صوت الفسيفساء../ وموسيقى مسابح العقيق/ تأخذني حالة من التجلّي والانخطاف/ فأصعد درجات أول مئذنةٍ تصادفني مناديا : حيّ على الياسمين حيّ على الياسمين.

عائدٌ إليكم/ وأنا مضرّجٌ بأمطار حنيني/ عائدٌ لأملأ جيوبي/ عائدٌ إلى محارتي/ عائدٌ إلى سرير ولادتي/ فلا نوافير فرساي عوّضتني عن مقهى النوفره/ ولا سوق الهال في باريس عوّضني عن سوق الجمعه/ ولا قصر باكنغهام في لندن عوّضني عن قصر العظم/ ولا حمائم ساحة سان ماركو في فينيسيا أكثر بركةً من حمائم الجامع الأموي/ ولا قبر نابليون في الأنفاليد أكثر جلالا من قبر صلاح الدين الأيوبي/ قد يتهمني البعض بأنني عدت إلى السباحة في بحار الرومانسية/ إنني لا أرفض التهمه/ فكما للأسماك مياهها الاقليميه فإن للقصائد مياهها الاقليمية/ وأنا- كأي سمكةٍ تكتب شعرا-… لا أريد أن أموت اختناقا.”( نزار قباني: الوضوء بماء العشق والياسمين).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى