التحقيقات تؤشر على تورط اخوان مصر ومخابرات تركيا وقطر باسقاط الطائرة الروسية
رغم مسارعة تنظيم داعش الارهابي للاعتراف بمسؤوليته عن تفجير الطائرة الروسية فوق صحراء سيناء، نهاية الشهر الماضي، ثم قيام مجلة >دابق< الناطقة باسمه بنشر صورة توضيحية لما زعمت انها القنبلة التي اطاحت الطائرة.. الا ان مجرى التحقيقات الروسية والمصرية في هذه الجريمة يتجه يوماً بعد يوم نحو ارجحية تورط جماعة الاخوان المسلمين المصرية في اقتراف هذه الجريمة، تحت اشراف غرفة العمليات المشتركة بين المخابرات التركية والقطرية.
وتتركز التحقيقات المصرية بالدرجة الاساس على موظفي مطار شرم الشيخ الذين يعتقد ان جماعة الاخوان قد اخترقتهم بحكم تواجد الكثير من اعضائها السريين الذين ما زالوا على رأس اعمالهم داخل اجهزة الدولة المصرية، وذلك بعكس الاوضاع لدى تنظيم داعش الذي ما زال بعيداً عن التغلغل في صلب الجهاز الاداري المصري وتجنيد عناصر فاعلة فيه.
ولم يستبعد المحققون للحظة ان يكون تنظيم داعش هو المسؤول الفعلي عن هذه الجريمة، ولكنهم لا يستبعدون ايضاً وجود علاقة خاصة بين هذا التنظيم الارهابي وبين جماعة الاخوان، سواء بشكل مباشر او عبر غرفة عمليات المخابرات التركية والقطرية المعروفة برعاية وتمويل جناح وازن من الاجنحة الداعشية المرتبط معظمها باجهزة استخبارية اقليمية ودولية.
وكان الفريق ضاحي خلفان، نائب رئيس شرطة دبي، اول من اعلن ان الطائرة الروسية قد جرى تفجيرها عمداً، وان جماعة الاخوان تقف خلف هذه الجريمة لضرب الاقتصاد المصري وخلخلة نظام الرئيس عبدالفتاح السيسي.
بعد تصريحات الفريق ضاحي التي جاءت في تغريدة له على موقع تويتر باكثر من اسبوع، اعلنت الاستخبارات الروسية أن قنبلة يدوية الصنع كانت وراء تفجير الطائرة المنكوبة فوق سيناء وابلغت ذلك للرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي توعد مدبري تفجير طائرة الركاب الروسية بانتقام رادع وقوي لا مفر منه، وأوعز بوتين للاستخبارات الروسية بالتركيز على البحث عن المتورطين في تفجير الطائرة والجهات التي دعمتهم ومن ورائهم، وحذر الجميع الذين قامو بمساعدة الإرهابيين من أنهم ”سيتحملون كامل المسؤولية عن انعكاسات ذلك” دولا او اشخاصاً.
مراقبون للاحداث وخبراء امنيون اكدوا ان جريمة تفجير الطائرة الروسية فوق سيناء وراءها امكانات دولة ارادت من هذه العملية ضرب الاقتصاد المصري، انتقاماً من الرئيس السيسي الذي سيطر على الحكم في مصر بعد اسقاط حكم الاخوان الذين توزعت قياداتهم الهاربة ما بين تركيا وقطر.
ولعل ما يؤكد ضلوع دولة ما في هذه الجريمة قد جاء ضمن تصريحات للمتحدثة باسم وزارة الخارجية البريطانية لوكالة ”نوفوستي” الروسية يوم الثلاثاء الماضي قالت فيها ان لندن قدمت لشركائها، بما في ذلك روسيا، المعلومات المتوفرة لديها بشأن تحطم الطائرة الروسية فوق سيناء، مشيرة إلى أن جزءا من هذه المعلومات يحمل ”طابعا حساسا” ، حيث وصف المراقبون عبارة ”طابعا حساسا” انه تورط دولة او دول في العملية لان هذه العبارة لاتطلق حينما يوجه الاتهام لتنظيمات ارهابية، فحساسية المعلومات تؤشر الى خطورة ردود الفعل الروسية، خصوصا وان التهم تحوم حول دول داعمة للتنظيمات الارهابية.
عيون الاستخبارات الروسية وامكاناتها متوجهة، كما يشير المراقبون، الى قطر وتركيا تحديدا، حيث وضعت كل الامكانات الامنية والاستخبارية الروسية والحليفة لها لرصد الجهات والدول التي تقف وراء هذه التنظيمات الارهابية والتي تدعمها، ودراسة الرد المناسب على هذه التنظيمات في سيناء والدول الداعمة لها، وقد جاء تهديد الرئيس الروسي بوتين باستخدام حق الرد دفاعا عن النفس وفق المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة التي تنص على حق الدول في الدفاع عن نفسها ليؤكد ان الرد على قطر وتركيا اذا ما ثبت دعمها لهذه التنظيمات سوف يكون مزلزلاً.
وقال مراقبون ان هذه التصريحات الجديدة لبوتين تعني الرد على دول وليس تنظيمات بعينها لان القوة الروسية تضرب التنظيمات منذ عدة اشهر ولا تحتاج الى المادة 51، ولم تنتظرها حينما ضربت الارهاب في سوريا وكل مكان، بينما التهديد الجديد يؤشر الى حدوث تطورات جديدة في الموقف، وان الايام القادمة حبلى بالتطورات الدراماتيكية لان دائرة الشبهات تحوم حول دور الغرفة التركية- القطرية المشتركة في جريمة اسقاط الطائرة الروسية.
وقد أجرى بوتين، الاسبوع الماضي محادثة هاتفية مع الرئيس السيسي تناولا خلالها، بحسب بيان للكرملين، ”جهود البحث عن مجرمين ضالعين في العمل الإرهابي الذي استهدف الطائرة”، حيث اتفقا على تنسيق وثيق بين أجهزة استخبارات البلدين.
وأكد الكرملين في بيان صادر عنه أن ”هذا يعني ان إجراءات إضافية ستتخذ بهدف ضمان أمن الرحلات بين البلدين تمهيداً لاستئنافها”.
من جهتها، ذكرت رئاسة الجمهورية المصرية، أن ”الرئيسين توافقا خلال الاتصال على ضرورة تعزيز التعاون الدولي في مواجهة الإرهاب”، مشيرة الى أن ”المرحلة الحالية تفرض أكثر من أي وقت مضى أهمية تضافر جهود البلدين معا من خلال مقاربة دولية شاملة تضمن اتخاذ إجراءات حاسمة ورادعة ضد قوى التطرف والإرهاب التي باتت تستهدف كل دول العالم من دون تفريق”.
وأعلنت مصر، ”تعزيز” إجراءات الأمن في مطاراتها بما فيها التعاون مع خبراء من بلدان وممثلي شركات الطيران لضمان ”أقصى مستوى من الأمن”، برغم تأكيدها عدم التوصل بعد الى نتيجة نهائية في التحقيق حول الطائرة.
وفي اشارة ذات مغزى عميق، وجهت روسيا تهديداً صريحاً ومباشراً وعنيفاً إلى كل من السعودية وقطر وتركيا، بتهمة انخراط هذه البلدان في تنظيم ورعاية الهجمات الإرهابية، ولوحت روسيا بإمكانية شن هجوم على السعودية وقطر تحديداً، تحت سقف قانوني مستمد من ميثاق الأمم المتحدة.
جاء ذلك في تقرير نشرته صحيفة ”برافدا” اهم الصحف الروسية واوسعها انتشاراً التي قالت امس الاول : ”ان الهجمات الصاروخية الاخيرة التي نفذتها روسيا في سوريا باستخدام القاذفات الاستراتيجية والغواصات تعطي إشارة تحذير للدول التي تدعم الإرهابيين”.
وجزمت الصحيفة في تقريرها أن ”قطر هي واحدة من منظمي العمل الإرهابي في سيناء”، وقالت : ”في قطر والمملكة العربية السعودية، يوجد هؤلاء الذين ينظمون ويرعون الهجمات الإرهابية، إنهم أناس معروفون هناك بإدارتهم الأنشطة الإرهابية في سورية والعراق”.
وأبدت ”برافدا” استغرابها الشديد من بقاء السعودية ”بلا عقاب”، رغم أنها واحدة من منظمي هجمات 11 سبتمبر، قائلة ”لم يعد يمكن لروسيا بعد الآن تجاهل الحقيقة التي تقول أن الصراع في سوريا والعراق يؤثر على مصالح موسكو الحيوية، ولا يمكن لروسيا السماح للإرهابيين بقتل المواطنين الروس، وخلال توسيع عملياتها الخاصة داخل وخارج سوريا، يجب أن تؤكد روسيا على بناء تحالف مفتوح”.
ورأت الصحيفة في ختام تقريرها أنه حان الوقت لرفع قضية في الأمم المتحدة من أجل ”إنشاء محكمة دولية تقاضي حكومات تركيا وقطر والسعودية لتورطها في الإرهاب”.