المجد لبشار الاسد.. مالئ الدنيا وشاغل الناس

لو ان الشاعر النادر ابا الطيب المتنبي ما زال على قيد الحياة، لما تردد لحظة في التنازل عن لقب ”مالئ الدنيا وشاغل الناس” الى الرئيس المناضل بشار الاسد الذي تحول الى ”رقم صعب” اثار اهتمام العالم وانقسامه طولياً وعرضياً ما بين مؤيد له وحاقد عليه.
ففي سائر المحافل واللقاءات والمشاورات الدولية التي كان آخرها مؤتمر فيينا المنعقد يوم الجمعة الماضي والمدجج بسبع عشرة دولة وازنة، لا حضور طاغياً ومهيمناً الا للغائب عن تلك اللقاءات، وهو الرئيس الاسد الذي استحق بجدارة صفة ”الغائب الحاضر” في كل مكان وميدان على سطح هذا الكوكب.
لو لم يكن هذا القائد الصامد شديد الاهمية والعظمة والفاعلية، لما اختلف فيه الخلق، وتضاربت حوله المواقف والآراء، ولما اجتمع حوله كل هذا الحشد من الانصار والاصدقاء، كما اجتمع ضده كل هذا القطيع من المناهضين والاعداء.. شأنه في ذلك شأن كل العظماء والزعماء الكبار، بدءاً من لينين وتيتو وسوكارنو وعبدالناصر وكاسترو وبن بيله، وانتهاء بصدام وشافيز.
ففي اجتماع فيينا أصرت كل من السعودية وقطر وتركيا على رحيل بشار الأسد سواء تم ذلك بحل سياسي أو من خلال عمل عسكري، وعبرت الدول الثلاثة عن هذا الموقف الوقح خلال ذلك الاجتماع الذي شاركت فيه 17 دولة إلى جانب الأمم المتحدة والاتحاد الأوربي.
وقد أكد وزير الخارجية السعودي (الغلام) عادل الجبير، في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية، أن الرياض تتمسك برأيها بأن الأسد يجب أن يتنحى عن منصبه بسرعة، وأضاف ”سيغادر إما من خلال عملية سياسية أو سيتم خلعه بالقوة”.
في المقابل شهد الاجتماع تمسك كل من روسيا وإيران والصين ببقاء الأسد في أي حل يتم التوصل إليه مؤتمر فيينا، فيما قال وزير خارجية ألمانيا فرانك فالتر شتاينماير إنه لم يكن هناك اتفاق بشأن مصير الرئيس السوري بشار الأسد في نهاية عملية انتقال سياسي، وأضاف للصحفيين عقب المؤتمر ”لم يحدث أي تقدم بعد لكن لم يكن هذا متوقعا أيضا”.
وفي بيان مشترك عقب المحادثات قال المشاركون إن ”خلافات كبيرة لا تزال قائمة” رغم اتفاقهم على ضرورة ”تسريع كل الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب”.
وجاء في البيان أن المشاركين في المحادثات يطلبون من الأمم المتحدة أن تجتمع مع ممثلي الحكومة السورية والمعارضة لتدشين عملية سياسية تؤدي إلى ”تشكيل حكومة جديرة بالثقة وغير طائفية ولا تقصي أحدا يعقبها وضع دستور جديد وإجراء الانتخابات”.
من جهة أخرى أظهرت محادثات فيينا استمرار التباعد في المواقف بين الولايات المتحدة الأمريكية من جهة وروسيا وإيران من جهة أخرى بشأن مستقبل الأسد، إذ أعلن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري استمرار الخلافات بين أمريكا وروسيا وإيران بشأن مصير بشار الأسد.
وقال كيري خلال مؤتمر صحافي في ختام اللقاء الدولي في فيينا إن الدول الثلاثة، روسيا وإيران والولايات المتحدة، ”اتفقت على ألا تتفق” حول مصير الأسد.
غير ان صحيفة ”وول ستريت جورنال” الامريكية سرعان ما نقضت كلام كيري وقالت: ان إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما مستعدة لإعادة النظر في موقفها من الرئيس السوري والقبول ببقائه على رأس السلطة لفترة المرحلة الانتقالية.
وحسب الصحيفة فان هذا هو موقف الممثلين الأمريكيين في مباحثات التسوية بفيينا، وقالت الصحيفة أن واشنطن غيرت موقفها بعد بداية القصف الروسي لمواقع الإرهابيين في سوريا، الأمر الذي عزز مواقع الحكومة السورية ورئيسها الاسد.
ومن جانبها قالت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية إن ”الوفد الايراني المشارك في اجتماع فيينا، قد نفى نفيا قاطعا الأخبار التي أشيعت حول موافقة إيران على رحيل الرئيس السوري خلال ستة اشهر”.
وكانت وسائل الاعلام المقربة من السعودية والمعارضة السورية، قد نقلت عن مساعد وزير الخارجية الايراني في الشؤون العربية الأفريقية حسين اميرعبداللهيان، ان ايران توافق على رحيل الرئيس السوري بشار الاسد عن السلطة خلال ستة اشهر.
وقد بق الدكتور ابراهيم الجعفري، وزير خارجية العراق البحصة عندما اعلن ان اجتماعي فيينا، الرباعي والموسع، قد فشلا في التوصل الى اتفاق على دور الرئيس الاسد في اي عملية سياسية مقترحة للخروج من الازمة السورية، لسبب بسيط، يتلخص في ان هناك من يريد هذا الدور، بينما هناك من يعارضه ويرفضه، ولا توجد حلول وسط، او بالاحرى، لم يتم التوصل اليها، لان كل طرف يرفض التزحزح عن موقفه، وتقديم تنازلات، يمكن ان تصب في مصلحة ”انتصار” خصومه.
وفي مؤشر على رفضه المضمر لاسقاط نظام الرئيس الاسد، قال حاكم دبي ورئيس وزراء دولة الإمارات، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، إن بداية التدهور الكبير والفوضى في منطقتنا كانت مع غزو العراق وإسقاط نظام صدام حسين.
وأضاف يقول بن راشد، في حديث لمجلة نيوزويك الأمريكية، نشر امس الاول: ”إن حل جيش صدام حسين قد فتح المجال لخطاب وجماعات طائفية إقصائية، ثم رد فعل تكفيري إرهابي، ثم فوضى تقودها أحزاب وجيوش صغيرة امتد تأثيرها لأكثر من مكان”.
وتابع: ”إن النظرة الشاملة للمنطقة، التي تراها كجسم واحد رغم اختلاف الأعضاء، هي التي توضح رؤية دولة الإمارات إلى أن أي خلل جسيم في الجغرافيا السياسية في المنطقة، لا تكون عواقبه الوخيمة فردية”، فبعد غزو العراق ادركنا أن مأساة هذا البلد العربي، ستحدث أضراراً لكل المنطقة قد لا يمكن الخلاص من آثارها حتى بعد عشرات السنين”.
ويعد تصريح الشيخ محمد حول غزو العراق هو الأول من نوعه لزعيم في المنطقة يشير إلى أن إسقاط نظام صدام حسين هو ”خطأ فادح”.
وسبق تصريح حاكم دبي بأيام تصريح مماثل للمرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأمريكية، تيد كروز، الذي قال إن الشرق الأوسط كان سيصبح أكثر استقراراً بوجود حكام مثل العراقي صدام حسين، والليبي معمر القذافي، داعياً في الوقت ذاته إلى عدم الإطاحة بنظام بشار الأسد، وإلى المزيد من الدعم لنظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
الجدير بالذكر في هذا السياق ان نتائج استطلاعات رأي أجرتها صحيفة ”لي فيغارو” الفرنسية قد اظهرت أن أغلب قرائها يعارضون استقالة الرئيس الأسد، فقد أجاب 72% ممن شاركوا في الاستطلاع على سؤال ”هل يجب على القوى العظمى الإصرار على المطالبة باستقالة الأسد” بـ ”لا”.
وتصر الدول الغربية على ضرورة تنحي الرئيس الأسد من منصبه منذ بداية الأزمة السورية، إلا أنه يتزايد في الآونة الأخيرة عدد المعتقدين بأنه ليس من الممكن التوصل إلى حل للأزمة بدون مشاركة الرئيس الأسد في عملية تسوية النزاع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى