مبادرة وشيكة للمقاربة بين الحكومة وجماعة الاخوان
كتب ساطع الزغول
علمت ”المجد” ان مبادرة سياسية سرية تستهدف المقاربة والتجسير بين دوائر الحكم، وبين جماعة الاخوان المسلمين- الام، سوف تنطلق قريباً، بعد صدور عدة اشارات تلميحية ورسائل شبه صريحة وعلنية تفيد برغبة هذه الجماعة في التفاهم والمصالحة وفتح صفحة جديدة مع الحكومة تجبّ ما قبلها من خلافات وتعارضات ادت الى حالة قطيعة بين الجانبين.
وقال ”للمجد” مصدر حسن الاطلاع على الجاري في كواليس مجلسي الاعيان والنواب، ان صاحب هذه المبادرة الذي يرفض تسميتها ”بالوساطة”، سوف يبدأ في الايام القليلة المقبلة عملية استطلاع وجس نبض لدى الحكومة والجماعة، للوقوف على مدى جاهزيتهما واستعدادهما للتفاهم والتوافق، قبل ان ينخرط في صلب مبادرته التي يعرف مسبقاً انها محفوفة بالمصاعب والتعقيدات.
وقد رفض هذا المصدر الافصاح عن اسم صاحب ”المبادرة العتيدة” التي ما زالت تمهيدية في اول مراحلها، ولكنه قال انه شخصية تمثيلية وتوفيقية مرموقة تحظى بثقة واحترام الدوائر الحكومية والامنية من جهة، والحركة الاسلامية بعموم اطيافها من جهة اخرى.
ولم يخف المصدر مخاوفه من عرقلة هذه المبادرة وافشالها ووضع العصي في دواليبها، ليس من قبل المتشددين في الصف الامني والحكومي فقط، بل ومن لدن المنشقين عن الجماعة الاخوانية ايضاً، وفي مقدمتهم جمعية ذنيبات المرخصة التي تدعي انها صاحبة الولاية الاخوانية الشرعية والقانونية، وتعتبر ان اي انفتاح او تحاور وتفاهم رسمي مع فريق الصقور المهيمن على الجماعة الام (جماعة همام سعيد) يشكل مكافأة لهذا الفريق المتطرف والمعارض الشرس للحكم، ويسدد طعنة في الصميم للفئات والشخصيات الاخوانية المعتدلة والمنسجمة مع السياسات الرسمية والتوجهات الحكومية.
غير ان صاحب المبادرة – يقول المصدر- الذي يدرك حجم المباعدة بين الجهات الحكومية وبين صقور جماعة همام، يراهن في سعيه لانجاح مبادرته على طرفين وازنين وراغبين في المقاربة والتفاهم، اولهما القصر الملكي المعني بتحقيق اوسع توافق وطني ومشاركة شعبية في الانتخابات النيابية المقبلة، بما في ذلك كل اطياف وتشكيلات الحركة الاسلامية.. وثانيهما ”حكماء الاخوان” وعقلاء حزب جبهة العمل الاسلامي، من امثال عبداللطيف عربيات، وحمزة منصور، وسالم الفلاحات، واسحق الفرحان الذين يرحبون بهذه المبادرة ويعتبرونها فرصة لتعديل ميزان القوى داخل الجماعة الام، وسيتخذون منها سلاحاً للاستقواء على ”صقور همام” الذين ما عادوا في افضل حالاتهم واوقاتهم، بقدر ما باتوا نسبياً في موقف ضعف، وجنحوا جزئياً الى الاعتدال، وتهيأوا مبكراً للمشاركة في الانتخابات النيابية القادمة، واطلقوا بهذا الخصوص عدة اشارات ورسائل الى من يهمه الامر.
وقد كشف قيادي بارز في هذا الفريق الصقوري، عن قبول المكتب التنفيذي الذي يهيمنون عليه بالمبادرة التي تقدمت بها مجموعة الحكماء والعقلاء التي تنتمي لجناح الحمائم بهدف طي ملف الخلاف في صفوف الجماعة.
وتقوم المبادرة على أساس حل المكتب التنفيذي الحالي للجماعة مع الإبقاء على منصب المراقب العام، والتوافق على مكتب جديد يقود مرحلة انتقالية بقيادة المراقب العام للجماعة همام سعيد.
وقال هذا القيادي الصقوري، في حديث لوكالة ”قدس برس”، ان ”الجماعة وافقت على المبادرة فيما يخص صلاحيات المكتب التنفيذي”، في إشارة إلى أن حزب ”جبهة العمل الإسلامي”، خارج نطاق الاتفاقات والتفاهمات التي تجري بين أصحاب المبادرة وقيادة الجماعة الحالية.
وأضاف يقول أن المكتب التنفيذي قد أرسل رداً خطياً الى اصحاب المبادرة، موضحاً أن الرّد يتضمن الموافقة على حلّ المكتب التنفيذي، وإعادة تشكيل مكتب جديد بقيادة المراقب العام الحالي؛ لإدارة مرحلة انتقالية يتم التفاهم على تفاصيلها لاحقاً.
وأكّد هذا القيادي أن المكتب التنفيذي ينتظر من أصحاب مبادرة ”الشراكة والإنقاذ”، الرّد على رسالته الخطية، التي أكد فيها موافقته عليها فيما يتعلق بالمكتب التنفيذي فقط، مبيناً أن الحزب وتشكيلته القيادية خارج تلك التفاهمات، مشيراً إلى أن الحزب ”كيان مستقل عن الجماعة مالياً وإدارياً”، وان على اصحاب المبادرة الذهاب للحزب والتفاهم معه فيما يخص الأمور المتعلقة به، باعتبار ان المكتب التنفيذي للجماعة ليس له أي صلاحيات على الحزب، وقيادة الحزب هي من تقرّر الموافقة على المبادرة من عدمها”.
على صعيد متصل وصف قيادي آخر صقوري مبادرة ”الشراكة والإنقاذ” التي تقدّمت بها بعض الشخصيات الإخوانية، جاءت متأخرة، وهي تهدف للسيطرة على الحزب استعداداً للإنتخابات البرلمانية القادمة”، مضيفاً أن الجماعة تجاوزت المرحلة الحرجة التي كانت تستهدف شرعية وجودها في الأردن، وأن على تلك الشخصيات تغليب ”مصلحة الجماعة”، مؤكداً حرص الجماعة على وحدة الصف، واستيعاب جميع الآراء والمبادرات المطروحة.
وتضمّنت المبادرة التي جاءت تحت عنوان ”الشراكة والانقاذ” وحملت تواقيع 30 قيادياً حمائمياً، المطالبة بحل القيادة الحالية خلال شهرين من تاريخ إرسال نص المبادرة وهو السابع من أيلول الماضي، وإلا فإنها ستشكل إطاراً تنظيمياً جديداً للخروج من الأزمة وإجراء إصلاحات فورية في قيادتي الجماعة والحزب.
اخيراً وليس آخراً فقد ابلغ ”المجد” احد زوار الشيخ زكي بني ارشيد، نائب المراقب العام للاخوان المسلمين الذي يقبع في سجن ماركا، ان الرجل مؤيد من حيث المبدأ لمشاركة الحركة الاسلامية في الانتخابات النيابية العتيدة، ولكنه ما زال – شأن بقية فريقه- في انتظار صدور النظام الانتخابي، وتوفير ضمانات النزاهة الحكومية لمجمل العملية الانتخابية.