تحذير أردوغان لروسيا.. مَن الذي يخسر؟

حذّر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من أن تخسر روسيا علاقاتها الطيبة مع تركيا.

جاء هذا التحذير في أعقاب اختراق طائرات حربية روسية للأجواء التركية مرتين، حسبما قالت السلطات التركية، ومرة حسبما قالت وزارة الدفاع الروسية.

لكن مَن الذي سيتضرّر أكثر فيما لو تدهورت العلاقات الروسية التركية؟ الرئيس التركي قال إنّ روسيا سوف تخسر الكثير إذا تدهورت العلاقات الروسية التركية، ولكن، هل هذا التقدير صحيح؟

من الواضح أن علاقات تركيا، مع غالبية دول المنطقة، وحتى مع دول الاتحاد الأوروبي هي إما علاقات سيئة مثل علاقات تركيا مع سورية والعراق ومصر وليبيا، ,واما أنها علاقات فاترة، كما هي علاقات تركيا مع إيران واليونان وأرمينيا وقبرص، وبالتالي فإن أي تدهور بالعلاقات الروسية التركية لن يلحق الأذى بروسيا سياسياً، لأن تدهور العلاقات الروسية التركية ستكون نتائجه طيبة بالنسبة للدول العربية ودول المنطقة المتضرّرة من السياسة التركية، فتركيا هي التي بحاجة لروسيا وليس العكس، وبالتالي كان يمكن أن يكون تحذير الرئيس التركي جدياً فيما لو كانت علاقات تركيا مع هذه الدول العربية علاقات إيجابية، وتركيا ممرّ إجباري لإقامة علاقات مع هذه الدول، ولكن الواقع هو عكس ذلك، أي أن تركيا هي التي تعاني من عزلة سياسية، فهي عرضة لانتقادات أميركية وأوروبية على خلفية مستوى تعاونها لضبط حدودها والتنسيق والتعاون مع الحكومات الغربية في مواجهة الإرهاب، وهي متهمة من قبل دول الاتحاد الأوروبي بتشجيع الهجرة وإغراق أوروبا بالمهاجرين عقاباً على رفضها إقامة مناطق آمنة في سورية ومجاراة السلطات التركية في مواقفها، كما أن علاقاتها متوترة مع الغرب على خلفية انتهاكها لحقوق الإنسان والاعتداء على الحريات التي تنص عليها قوانين الاتحاد الأوروبي.

هذا على المستوى السياسي، أما على المستوى الاقتصادي فإن الميزان التجاري بين روسيا وتركيا هو في مصلحة تركيا، كما أن تركيا تحصل على الغاز من روسيا بأسعار أقل بعشرة في المئة من أسعار الأسواق العالمية، وإذا ما تدهورت العلاقات التركية الروسية فإنها سوف تنعكس بالضرورة على علاقتهما الاقتصادية ومن شأن ذلك أن يُلحق ضرراً بتركيا أكبر من الضرر الذي يطال روسيا.

في ضوء كل ذلك يبدو أن تحذيرات أردوغان، إما أنها مجرد لغو كلامي في موسم الانتخابات، أو أنها تصريحات غير مسؤولة وغير مدروسة وغير مدركة لما يترتب عليها، إذا وضعت موضع التطبيق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى