تأجيل انعقاد المجلس الوطني.. أسئلة تنتظر الإجابة
بقلم : محمد العبد الله
جاء المؤتمر الصحفي لرئيس المجلس الوطني الفلسطيني “سليم الزعنون” حاملاً للشعب الفلسطيني القرار الإيجابي بتأجيل انعقاد الدورة الاستثنائية التي كانت وراء طرحها مؤسسة رئاسة سلطة الحكم الإداري الذاتي المحدود، وجوقة من “الكومبارس” الذين توزعت مواقعهم مابين فصائل “توابع الرئاسة” وكتاب أعمدة صحفية ومحللون وباحثون يتواجدون في مدارات “الرئاسة”. وإذا كان الإعلان عن التأجيل،متوقعاً، فإن المستهجن كان مايردده ويصر عليه، لما قبل التأجيل بيوم واحد، أحد أبرز قيادات فتح والمنظمة _المكلف بتوجيه الاستدعاءات لحضور جلسة المجلس _ بأن “التحضيرات جارية وسيعقد المجلس دورته بـ”من حضر” بلهجة من التهكم والاستخفاف بقوى سياسية، تاريخية، مناضلة.
استدعاء بواسطة الابتزاز
لم تستمر طويلا زوبعة الغبار التي أثارتها حملة الاستقالات الملتبسة من عضوية اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، كأعضاء “النصف+الرئيس”، من خلال تمرير الدعوة عبر التفسير المجتزأ للمادة 14/ج من النظام الأساسي للمنظمة التحرير لاستخدامه بشكل تضليلي لخدمة دوافع الدعوة، والتي تتطلب لتصبح نافذة، انعقاد دورة للمجلس، أرادها البعض استثنائية والآخر عادية، رغم مايشوب الأولى من محاذير وخروج عن النظام الأساسي.وإذا كان مرور عقدين من الزمن، مع ماحملهما من عدوان وحروب ومجازر دموية على الشعب الفلسطيني، وماتعيشه الساحة السياسية والتنظيمية من إنقسام واصطفاف حول قطبي الأزمة، وارتهان لقوى فاعلة في الإقليم، لم تحرك السكون المطبق على تلك المؤسسات واللجان المرتبطة أو المنبثقة عن المنظمة والسلطة والحركة القائدة_ كما هو قائم في شخص رئيسها_من أجل دعوة المجلس الوطني للانعقاد !.لهذا كان اللافت لعدة قوى سياسية وتيارات جماهيرية واسعة،ولنظر العديد من المراقبين توقيت تلك “الحركة الرئاسية وامتداداتها الفصائلية” في تحريك اللجنة التنفيذية من خلال الاستقالات ومايرتبط بها من دعوة لعقد جلسة للمجلس الوطني .
عوامل دفعت للتأجيل
بقرار التأجيل، يكون نهج “الفهلوة والشطارة والرعونة والتفرد” قد سقط في هذه المرحلة، ومن أجل عدم عودته للحياة مرة أخرى _وهذا مشكوك به!_ فإن مواقف متجذرة وصلبة يجب أن تبادر لها وتتمسك بها القوى السياسية المناضلة والمقاتلة، المتناغمة والمؤتلفة مع تيار واسع داخل الشعب الفلسطيني _عابر للفصائل، أيضاً_، بدأ يسجل حضوره في أكثر من مناسبة سياسية وميدانية، يرفض رهانات القوى النافذة، على المفاوضات و”السلام الاقتصادي” ويندد بشدة بكل أشكال التنسيق مع العدو،خاصة،الأمني والمعلوماتي، هذه الكتلة الشعبية والسياسية الواضحة، تُقْدم على طرحها، شعبياً، قوى أساسية، فاعلة ومؤثرة_كالجبهة الشعبية_مدعومة بتحرك جماهيري واسع عبّر عنه بيان الألف توقيع، الداعي لانعقاد مجلس وطني وحدوي بمواصفات توافقية وبمشتركات جماعية لاتستثني أحداً، خارج القطبية والثنائية والتفرد، وحول برنامج مقاوم، ومستنداً على حراك واسع داخل تنظيم فتح ، قادته شخصيات ذات ثقل داخلي _ قرأت الدعوة وإعادة التعيينات المقبلة من زوايا شخصية وتنظيمية وسياسية ، رأت فيها إعادة ترتيب لمواقع لاوجود لها فيها_ وبدعم من قوى شبابية داخل التنظيم في الجامعات وفي الكتائب المسلحة، كل ذلك أدى على الصعيد الوطني/المحلي للذهاب نحو التأجيل، خاصة ،أنه قد ترافق مع أجواء ووجهات نظر_تقرأ:ضغوطات_مارستها عواصم إقليمية ذات وزن وتأثير متفاوت على أكثر من صعيد: مالي، وسياسي، وجيواستراتيجي. كالدوحة، وعمّان، والقاهرة، على الصعيد الاقليمي, والولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي, على الصعيد الدولي.
عن الممثل الشرعي
يبرز في خضم تلك الاهتزازات التي شهدتها الساحة السياسية الفلسطينية على مدى الأسابيع الأخيرة، خاصة،مع اعتماد قرار التأجيل، دور مؤسسة الرئاسة في تمرير القرار واعتماده. فمن المؤكد أن رئيس السلطة ، قرأ تداعيات الدعوة وملابساتها، وردود الفعل عليها، بدءاً من الدائرة الدولية إلى الإقليمية، وصولا للمحلية. خاصة، وأن صعوده لمنبر هيئة الأمم المتحدة بعد أيام قليلة، كممثل للشعب الفلسطيني “منظمة وسلطة” وهو يعاني- في حال التأم المجلس بصفته التمثيلية الناقصة- من تشققات في الجسد السياسي ناهيك عن التمزقات في الجغرافيا الفلسطينية، سيضعف من وزنه السياسي. إن من يريد أن يتحدث باسم الشعب والقضية من على أهم منصة دولية يجب أن يكون الشعب بغالبية قواه، متحد خلفه.
إن وصول مؤسسة للقناعة بصوابية تأجيل الانعقاد لموعد يحدد بموعد أقصاه ثلاثة أشهر،قد استجاب للحالة الداخلية في تنظيم فتح، ولرفض قوى مؤسسة للمنظمة هي (الجبهة الشعبية والجبهة الشعبية–القيادة العامة ومنظمة طلائع حرب التحرير الشعبية-الصاعقة)وحركتين أساسيتين في الواقع السياسي والقتالي الميداني هما (الجهاد الإسلامي وحماس) ولمئات الأعضاء في المجلس، ولعدة آلاف من النشطاء والأكاديميين وصنّاع الرأي العام، المطالبين بضرورة العمل على صياغة رؤية وطنية مشتركة لكافة مجالات النضال الوطني ومؤسساته، بعد عقود من الشلل والتهميش_سياسة رسمية لإعاة صياغة الولاء_ لهيئات ونقابات(الإتحادات والمؤسسات الشعبية)،ناهيك عن الخروج، من اللغو الموسمي والثرثرة المتكررة التي نجدها في الخطاب والبيان، عن إعادة تفعيل منظمة التحرير وإحياء دورها!.
لتبادر قوى المقاومة للفعل المباشر
إن المواقف الانتظارية التي يسعى البعض لإبقاء السياسة الفلسطينية أسيرة لها، إنسجاماً وتماهياً مع نهج “المفاوضات حياة” و”التنسيق الأمني المقدس” و”السلام الاقتصادي…المزيف” بما أشاعه من أوهام كاذبة عن “الرفاهية والتنمية” من خلال قروض بنكية، جعلت، ليس دخل مئات الآلاف من المواطنين، رهناً للبنوك، بل حياتهم بكاملها، مما وفر بيئة استهلاكية، رخوة، شكلت عوامل إضعاف للتحركات النضالية الوطني أو المطلبية.
إن إصرار البعض على دعوة الإطار القيادي المؤقت للاجتماع، على افتراض قدرته على انتشال الحالة المحزنة للمنظمة ومؤسساتها، هو نوع من التمنيات، لأن إحياء وتفعيل ذلك الإطار، يتطلب توسعته، بإشراك قيادات من التحرك الشبابي الميداني المستقل، في القدس والضفة وغزة، ومن نشطاء التجمعات في مناطق اللجوء والاغتراب،وفتح الملفات الأساسية الراهنة بعد ممارسة النقد للمرحلة السابقة من أجل رسم خطة طريق، تشاركية، تلزم كل الأطراف التي تشارك في صياغتها ورسمها، من خلال الاتفاق على عدد أعضاء المجلس الحالي ودعوتهم لعقد آخر دورة له، تمهيداً لإقرار آلية جديدة لتشكيل المجلس الجديد.