ملاحظات هامة حول مسودة قانون الانتخاب

قال الدكتور سعيد ذياب, أمين عام حزب الوحدة الشعبية أن قانون الانتخاب هو حجر الزاوية لتقدم الأمم ورقيّها، وهو في أهدافه العامة يسعى من خلال مجموعة من القواعد لتنظيم علاقات المجتمع ومصالحه. عند صياغة القانون –أي قانون- بشكل عام، لا يجوز تغييب المجتمع، وهذا شرط لنجاحه والالتزام بتطبيقه.المسألة الأخرى، أن علينا توفير أدوات تطبيق القانون وذلك من خلال وجود هيئات وسلطات تنفذه بل وتسهر على حسن تنفيذه.

وأضاف ذياب, في ندوة حوارية نظمها حزب الوحدة الشعبية في مقره امس الاول, أن 22 عاماً من الفعل الشعبي والحزبي الذي طالب بإلغاء قانون (الصوت الواحد)، الآن، وبعد أن فعل فعله هذا القانون وما أحدثه من تدهور في واقع الحياة البرلمانية، وتراجع في دور البرلمان على مستوى الرقابة والتشريع، دون أن يعني أنه لم يكن هناك نواب جديرين، لكن الهدف من الإشارة لهذه المسألة أن البيئة السائدة التي أفرغها وخلقها قانون الصوت الواحد، جعلت الغالبية إن لم نقل الجميع، من أعضاء مجلس النواب، لا يتجاوز دورهم (نواب الخدمات) وأن يمارسوا الواسطة والمحسوبية.

المسألة الأخرى التي خلقها هذا القانون، ما تركه حول العملية الانتخابية نفسها التي تعرضت لعملية إفساد بشراء الأصوات ونقل الأصوات من دائرة إلى أخرى، بل وحتى وصل الأمر بالتلاعب بصناديق الاقتراع والأرقام والنتائج.

ورأى الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية أن محاكمتنا لمشروع القانون، يجب أن تنطلق من قدرته على تحقيق الأهداف المرجوة منه وعلى رأسها توسيع المشاركة الشعبية وتطوير الحياة الحزبية، وأن يشكل الأساس لإعادة النظر في آلية تشكيل الحكومات وصولاً إلى حكومات برلمانية، إضافة إلى الارتقاء بأداء دور البرلمان وتوفير العدالة في التمثيل، والأهم هو أن يحدث توازناً في الحكم.. أي أننا ننظر له أن يكون جزء من عملية إصلاح متكامل.

وفيما يتعلق بمشروع قانون الانتخاب الذي رفعته الحكومة لمجلس النواب قبل أيام، أشار ذياب إلى أن “هذا القانون نرى فيه، خطوة إيجابية، ولكنها غير كافية”. وحصر إيجابيات المشروع بالنقاط التالية:

أولاً: تجاوز قانون الصوت الواحد.

ثانياً: أعطى للناخب حق بالاختيار بعدد مقاعد الدائرة.

ثالثاً: اعتمد التمثيل النسبي على مستوى الدائرة.

رابعاً: اعتمد التقسيم الإداري كدوائر.

إلا أن أهم ما يؤخذ على مشروع القانون هو تغييب القائمة الوطنية والتمثيل النسبي على المستوى الوطني، إضافة إلى –وهذا أخطر ما احتواه القانون- تقسيم الدوائر الكبيرة إلى دوائر صغيرة، الأمر الذي يفقد فكرة التمثيل النسبي قيمتها الأساسية. فعلى سبيل المثال، تقسيم محافظات عمان والزرقاء وإربد إلى دوائر صغيرة يهدف لتشتيت الأصوات وحرمان الأحزاب الصغيرة من التمثيل البرلماني.

اما الخبير القانوني الدكتور راتب الجنيدي فقد أكد, في هذه الندوة, أن القانون لا يتصف بأنه عصري وتقدمي وديموقراطي إلا من حيث مدى موافقته لأحكام الدستور والمبادئ العامة المتفق عليها بشأن الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية الموجودة في المواثيق والاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها الدولة.

كما أكد الجنيدي احتواء مشروع قانون الانتخاب على مخالفة دستورية، حيث تشير المادة الثامنة من المشروع إلى أن تنظيم الدوائر سيصدر وفق نظام، مبيّناً أنه وفقاً لأحكام المادة (67) من الدستور، فإن تنظيم تقسيم الدوائر الانتخابية وتوزيع المقاعد النيابية لا يكون إلا بقانون عادي يصدرعن السلطة التشريعية. حيث تنص الفقرة ج من المادة (67) من الدستور على أن القانون يجب أن يحتوى الآليات التي تضمن سلامة العملية الانتخابية في مراحلها كافة. مشيراً إلى أن سلامة العملية الانتخابية تستوجب سلامة تقسيم الدوائر الانتخابية وسلامة توزيع المقاعد النيابية فهما من أهم وأخطر مسائل الانتخاب.

وأشار إلى أن التمثيل النسبي (القائمة النسبية) هو النظام المفضل والواجب التطبيق في الدوائر الانتخابية الكبيرة في محافظات (عمان واربد والزرقاء) وليس العكس، سواء جرى تقنين هذا النظام بقانون أو جرى تنظيمه بموجب نظام.

وأكد الخبير القانوني الجنيدي أن الكثافة السكانية هي المعيار الثابت والمعتمد في معظم دساتير وقوانين الانتخاب في دول العالم المختلفة لأغراض توزيع المقاعد النيابية على الدوائر الانتخابية وهي المفترض اعتمادها في قانون الانتخاب تطبيقاً لأحكام المادة (6) والمادة (67) من الدستور واعمالاً لمبدأ الاقتراع العام المنصوص عليه في هذه المادة.كما رأى أن توزيع المقاعد النيابية استناداًإلى اعتبارات دينية وعرقية (مسلم ومسيحي)، (شركسي وشيشان)يخالف أحكام الدستور.

وفيما يتعلق بغياب تحديد نسبة الحسم في القانون، أشار إلى أن تحديد هذه النسبة يجب أن يكون بقانون باعتبارها من المسائل التي تدخل حصراً بسلطة التشريع لما لها أيضاً من تأثير مباشر على نتائج الانتخابات وفقاً لأحكام المادة (67) من الدستور.

وطرح الجنيدي مجموعة من المساوئ للقائمة النسبية كما هي في المادة (9/أ) من مشروع القانون. حيث رأى أنها لا تشكل القائمة النسبية المقصودة بنظام التمثيل النسبي والمعروف والمطبق في أكثر من ستين دولة، وذلك للأسباب التالية:

1_ لأن الناخب في الواقع من الأمر يصوت إلى فرد أو إلى أفراد ممن ذكرت أسمائهم في القائمة وعلى أساس الاعتبار الشخصي لكل واحد منهم.

2_ لأن الناخب يختار القائمة التي يقوم بالتصويت لها من خلال مدى علاقته أو ارتباطاته الشخصية بالأفراد المكونين للقائمة وليس للقائمة بذاتها كما هو الحال بالنسبة للقائمة الحزبية إذ ان الناخب يختار قائمة الحزب على أساس مبادئه وبرامجه.

3_لأن علاقة الأفراد المذكورين في القائمة ستكون في الأعم الأغلب شخصية أو اجتماعية أو مصلحية ويندر أن تكون مشاركة سياسية أو بهدف تحقيق برامج تستند إلى مبادئ سياسية كما أن المنافسة والصراعات سوف تنشأ فيما بين أفراد هذه القائمة لأن كل فرد سيحاول الحصول على أعلى الأصوات لضمان فوزه بالمقعد النيابي.

4_ لأن القائمة المفتوحة لا هوية سياسية لها ولا برامج خاصة بها وإن وجدت فهي مؤقتة.

5_ لأن عيوب القائمة النسبية في مشروع القانون وإن كانت نظرياً تمنح الناخب حق النائب اختيار ممثلين بقدر عدد المقاعد النيابية المخصصة في دائرته الانتخابية،إلا أن طريقة التصويت ستؤدي عملياً إلى ذات النتائج التي تتمخض عن التصويت المجزوء في القانون الحالي خاصة في الدوائر الصغيرة والمتوسطة.

وختم حديثه بالتأكيد على أنه في ضوء ما تقدم “أرى أن مشروع الحكومة لا يشكل المدخل الصحيح لتأسيس مجلس نواب يمثل الإرادة الشعبية ولا إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والتي تعتبر أساساً ومفترضاً سليماً لإشاعة مناخ ديموقراطي تحترم فيه سيادة القانون ومبدأ المشروعية.كما رأى أن الانتخاب بالقائمة على مستوى الدولة واعتبار الأردن دائرة انتخابية واحدة هو أفضل الأنظمة الانتخابية ويحرر قانون الانتخاب من العيوب الدستورية .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى