”ستائر العتمة”.. فيلم يجسّد صمود الأسرى

جنين - قدس برس

من عتمة ”سجن الفارعة” قضاء طوباس شمال الضفة الغربية المحتلة، وأقبية التحقيق الشاهدة على تلك العذابات التي عانى منها آلاف الأسرى الفلسطينيين، خرجت رواية ”ستائر العتمة” للكاتب الفلسطيني وليد الهودلي إلى النور في فيلم سينمائي أخرجه الفلسطيني محمد فرحان الكرمي.
رواية ”ستائر العتمة” التي صدرت عام 2001، ولاقت اهتماما واستحسانا كبيرين في حينه، تحولت إلى فيلم سينمائي يحاكي التجارب الاعتقالية للأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
وقال الكاتب الهودلي في حديث خاص لـ”قدس برس”، ”مع تطور الحياة وتقدم الإنتاج المرئي كان لزاما أن تخرج الرواية من صفحات الكتاب إلى الشاشات المرئية عبر عين الكاميرا، لتجسد تلك العذابات التي مر بها الكاتب نفسه وآلاف الشباب الفلسطيني في سجون الاحتلال”.
وأوضح الهودلي، أن فكرة الرواية بدأت بعد بداية إنتفاضة الأقصى الثانية، حيث بدأ وقتها بدخول الأسر مئات الشبان الذين كانوا يفتقرون لأدنى معلومات يمكن أن يواجهوا بها المحققين الإسرائيليين ومكائدهم، مضيفا ”كان التوجه لإيجاد مادة مكتوبة تصل للشباب قبل دخولهم الأسر، وتكون بمثابة الإعداد والتثقيف لهؤلاء الشباب على شكل رواية حية لانها أفضل من الابحاث والدراسات الجافة”.
وقام الهودلي بكتابة الرواية وهو في سجون الاحتلال عام 2000، وتهريبها لخارج السجن، وبقيت لمدة سنة مختفية حتى تم طباعتها في نسختها الأولى عام 2001، وانتشرت بشكل كبير، لتطبع بعد ذلك 9 طبعات أخريات.
من جانبه، قال المخرج الفلسطيني محمد الكرمي ”إن الأسير الفلسطيني ليس رقما، لذلك كانت هذه رسالة الفيلم للعالم، فهو يعبر عن واقع الأسرى المرير، ويوفر مادة عن صمود الأسرى المسلحين بإيمانهم وانتمائهم الوطني رغم آلامهم وتعذيب عائلاتهم”.
وأوضح الكرمي، أن السجن الذي تم تصوير مشاهد الفيلم في زنازينه وغرفه أضفى واقعية للمشهد المرير، فالمخرج نفسه كان أسيرا عام 1995 في السجن ذاته الذي انسحبت قوات الجيش الإسرائيلي منه عام 1995 بعد اتفاقية ”أوسلو” للسلام الموقعة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، وتحوّل إلى مركز لتأهيل الشباب.
وقدم الفيلم في عرضه الأول بمدينة رام الله الاسبوع الماضي، قصة الأسير ”عامر” الذي اعتقل بعد تنفيذه هجوما على دورية إسرائيلية مع مجموعة مقاومة، لكنه رفض الاعتراف رغم سلسلة طويلة من أساليب التحقيق النفسية والجسدية متمثلة بشتى أنواع الترغيب والترهيب.
عامر الذي جسّد شخصيته الشاب محمد العاروري، يواجه محاولة المحققين الإسرائيليين ابتداءا بخداعه بالمعاملة الجيدة حتى أن أحدهم دعاه لمشاركته السجائر والفضفضة معا، ثم إيهامه باعتراف رفاقه وانكشاف تفاصيل تخطيطهم وتنفيذهم للعملية.
ويمثل عامر شخصية الأسير الصلب الذي يرفض الاعتراف ويشكك في كل ما يجري حوله، فيتحول المحققون إلى أسلوب الضغط عليه نفسيا باعتقال زوجته وتهديدها، وصولا إلى تعذيبه جسديا وعزله في زنازين انفرادية.
ذكر الروائي الهودلي، أن المشكلة الأساسية في الإنتاج الدرامي تكمن بالتكلفة الباهظة، لافتا إلى أن الترجمة السينمائية لروايته احتاجت ميزانية زادت عن 150 ألف دولار، واعتمدت على جهد مجموعة من الأفراد ”قاموا بمغامرة إن لم تنجح فلن يكون هناك أي إنتاج آخر بهذه القوة”.
وأضاف الهودلي، ”وسائل الإعلام الفلسطينية تقبّلت، ولديها الاستعداد لاستقبال مثل هذه المواد، لكن المشكلة الأساس هو عدم وجود ميزانيات عالية لتنفيذ مثل هذه الأعمال بهذه التكلفة، وتجربة الأفراد إن لم يلحقها ويدعمها المؤسسات والجهات المختصة فإنها ستموت وستضعف، فهم حاليا ينتظرون النجاح في التسويق حتى يقرروا الاستمرار أو لا”.
وشدد الهودلي، على أن هذه الدراما يجب أن تشكل ”ثقافة عامة”، فهي جزء مهم في الصراع مع المحتل، وإفشال مخططات العدو الإحتلال في كي الوعي الفلسطيني، مؤكدا أن ”الصراع اليوم هو صراع أدمغة ووعي ومعرفة، وأن الجهل عدو وقد تصل إلى أن تكون خيانة من غير علم”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى