العراق .. الثورة الدائمة !
بقلم : اسماعيل أبو البندورة
تبقى الآمال القومية الكبرى معقودة على العراق العربي مهما حل به من نوازل ونكبات .. ويبقى ضرع دجلة الدرّار .. على الرغم مما تعرض ويتعرض له منذ عام 2003 ففي العراق عروبة وبطولة وكرامة لا تنضب ، وفيه حضارة تتأبى على الظلامية والنكوص ، وفيه الشعب العربي الأبي الذي هزم مشروعا استعماريا أمريكيا – صهيونيا – ايرانيا طويلا عريضا في العصر الحديث ، ذلك المشروع الهمجي الذي كاد أن يخرج الأمة بأكملها من التاريخ ، وفي العراق تلك الجمرات المشتعلة التي لا تنطفىء .
ذلك هو العراق وسيبقى ، وتلك هي سمات العراق ومداخل فهمه وهي الكيمياء العراقية التي ألمح اليها الشهيد المجيد بثاقب رؤيته قبل رحيله .
وعبثا حاول الاستعمار وأعوانه من العملاء في الداخل ومنذ عام 2003 تحديدا من تغيير هوية العراق العروبية أو اجتثاث روحه الوطنية ومرجعياته القومية ، أو إسكات صوته الهادر على الرغم مما فعلوه وحاكوه من مؤامرات ومحاولات وتوليفات عديدة للعبث بهذه الروح الثابتة والراسخة ، إلا أنها تكسرت وتهاوت أمام هذه الحقيقة العراقية الفاقعة التي لا يمكن أن يعرفها ( لويس وعجمي ومكية وخامنئي وبيريز والمالكي ومن لف لفهم من الدهاقنة وأصحاب المعارف البرّانية الزائفة ) .
وعلينا أن لا نعجب من هذا العراق العربي (وهذا الفينيق الذي ينبعث من الرماد ) الذي كان ولا يزال ومنذ عام 2003 في ثورة دائمة على الاحتلال حتى هزمه وأخرجه من العراق مهزوما مدحورا ، وعلى أعوان ومرتزقة الاحتلال والعملية السياسية حتى أفشلهم ومزق صفوفهم وأظهرهم على الملأ سرّاقا وفاسدين وأصحاب غرض مدنس ، وعلى من استلم راية وتركة ومهمة الاحتلال الأمريكي من ملالي ايران فتصدى لهم وفضح مآربهم وواجههم في أكثر من منازلة واصبحت أصداء ذلك تظهر واضحة في المظاهرات الجديدة والمتجددة باللاءات الكبيرة ضد ايران واستباحتها للعراق وسيادته تنطلق من حناجر عراقية عربية تعرف ما يخطط لهم نظام الملالي وترفض أن يكون العراق حديقة خلفية لهذه الدولة الطامعة بأرض العراق وإذلال شعبه والثأر منه .
المظاهرات العراقية الحاشدة المتجددة وعلى الرغم من التحليلات والآراء التي تقال حولها وعن أسباب نزولها وقيامها إلا أنها تعيد إنتاج موضوعة المقاومة الدائمة للاحتلال وامتداداته ومشاريعه التقسيمية ،كما أنها تطرح عناوين ومؤشرات واضحة عما نقوله بأن في العراق الأمل التاريخي المخبوء دائما بقراءة عميقة لتاريخه ، وفي العراق عروبة لن يجتثها أوغاد ايران والاستعمار والعملاء وهذا ما نشهده منذ احتلاله وحتى لحظتنا هذه ، وفي العراق شعب حضاري فائر الحيوية والشجاعة والانتباه وقادر على مواجهة الأعداء على اختلاف ألوانهم ومشاربهم ونواياهم وهذا ما تؤكده اشتعالات ساحة التحرير ومعاني ودلالات نصبها ورسومها الحضارية الخالدة .
العراق يثور الآن على الفساد السياسي- الاقتصادي والطغيان الطائفي والاستبداد التابع ومؤامرة تقسيمه وانتهاك سيادته وارتهان قراره لأمريكا ودولة الملالي ، ويثور على البنية والاملاءات السياسية المرجعياتية البالية والمحاصصة والتكوينات الطائفية التي فرضها بريمر وايران عليه ، والعراق يدافع الآن عن هويته وثرواته المهدورة ، والعراق في النهاية لا يريد أن يكون – بهمة وعزيمة هذه الجماهير الثائره في لهيب آب – دولة فاشله .. أودولة أميّة وأرامل وأيتام .. أما وقد ضاقت عليه الأرض بما رحبت وضيقها عليه أتباع وعملاء ووكلاء الاستعمار وايران حتى بلغ السيل الزبى ، فقد أصبح لسان حاله بعد مخاضاته الصعبة كما نحسب :
فإما حياة تسرّ الصديق وإما ممات يغيض العدا
ولا غالب إلا الله !!