التطبيع مع العدو الصهيوني.. ابعاده ومخاطره

ليس من السهل التحكم بموضوع مجابهة التطبيع مع العدو الصهيوني خاصة في ظل توقيع معاهدات واتفاقيات معه فالحكومات التي وقعت مثل هذه المعاهدات وتلك التي تقيم معه علاقات مباشرة أو غير مباشرة دون التوقيع على اتفاقيات وأصحاب المصالح في القطاع الخاص التجاري والسياحي فهؤلاء جميعا يعترضون ويقاومون دعوات مقاطعة العدو الصهيوني بل يشنون حملات سياسية وإعلامية ضد منظمات مقاومة التطبيع ويروجون ويسوقون بضائع صهيونية, دون النظر للمصالح العليا للأمة ودون الأخذ بعين الاعتبار طبعا بأن هذا الكيان الغاصب يمثل العدو الذي يشكل خطرا كبيرا على مصالح الأمة ووجودها, وكذلك دون التوقف عند قضية ارض وشعب عربي طرده من هذه الأرض.

بمعنى أن الدعوات إلى مقاطعة العدو الصهيوني تجاريا وزراعيا وسياحيا وسياسيا واقتصاديا وثقافيا يعتبرها أصحاب المصالح الذاتية الضيقة فعلا تصادميا مع هذه المصالح مما يدفعهم إلى تشويه منظمات المقاطعة, وتوظيف وسائل إعلامية معنية لشن حملات ضدها وضد القائمين عليها، مثلما تحاول الجهات الرافضة للمقاطعة العمل على عدم وصول حملات المقاطعة إلى الإعلام الرسمي للحكومات المطبعة, وكذلك محاصرة وسائل الإعلام الوطنية التي تدعم مقاطعة العدو الصهيوني.

لكن ورغم كل الحملات وكثافتها واتساعها ودعمها ماديا وإعلاميا فإن منظمات مجابهة التطبيع تحقق انجازات متواصلة, مهما كانت متواضعة, حيث تقوم هذه المنظمات بتعرية الجهات المطبعة امام الشعب الذي هو بمعظمه ضد العدو الصهيوني وإقامة العلاقات معه مهما كانت هذه العلاقات خاصة, وهي ترى هذا العدو يشن العدوان تلو الأخر على الشعب العربي في فلسطين ولبنان وسورية مثلما يمارس القتل والإجرام بكل أنواعه البشعة ضد أبناء الشعب العربي في هذه الأقطار العربية، مثلما يقوم بالتدمير والخراب واستنزاف طاقات الأمة البشرية والمادية والعسكرية ويقوم بدعم الإرهاب الذي يستهدف المقاومة في سورية ولبنان والعراق ومصر.

ويزداد حقد العدو الصهيوني على الشعب العربي في الأقطار العربية حيث توجد منظمات مجابهة التطبيع. التي تعمل جاهدة من اجل توعية المواطن العربي وتفعيل دوره في المقاطعة, خاصة وان المقاطعة هي عمل سلمي وسهل ولا يحتاج إلى استخدام العنف أو المواجهة مع الذين يطبعون مع العدو الصهيوني بل بذل الجهد من اجل تراجعهم عن هذا التطبيع والذين لا يتراجعون يتم كشفهم للمواطنين من اجل مقاطعتهم لإشعارهم بالخطأ الذي يرتكبونه في التعاطي مع العدو الصهيوني الذي يهدد الأمة في أمنها واستقلالها ومستقبل أجيالها ووحدتها وسيادتها والتحكم بثرواتها لصالح أبنائها.

ولا شك ان منظمات مواجهة التطبيع ومقاطعة العدو تخدم الاقتصاد الوطني وحماية المقدرات والإنتاج الوطني من طغيان المنتوجات الصهيونية، ولنا أن نؤكد على أن مقاطعة العدو التي تأخذ مداها وفاعليتها هي مقاطعة تلحق بالعدو أضرارا وخسائر كبيرة اقتصاديا وماديا وسياسيا. مثلما تعود – كما أسلفنا- بالنفع على المواطن وإنتاجه ومصانعه والعمالة العاملة في مؤسسات ومعامل ومصانع الوطن.

وحتى تحقق المقاطعة اكبر قدر ممكن من الانجازات يتوجب التنسيق بين قطاعات الشعب بأحزابه وعماله والنقابات المهنية وكل المنظمات والمؤسسات الوطنية المؤمنة حقا بحماية الوطن من أطماع العدو في الأرض والمقدرات والتوسع على حساب الأمة. وبالتالي فإننا نؤكد على أن مجابهة التطبيع مع العدو ومقاطعته تمثل حركة مناهضة لمخططات ومشاريع الحركة الصهيونية التي وضعها مؤسس الحركة في مؤتمر “بال” السويسرية عام 1897م والتي تهدف إلى إقامة “إسرائيل الكبرى” من الفرات إلى النيل, مثلما تشكل خطوة على طريق إضعاف العدو وتحرير الأرض المغتصبة في فلسطين والجولان العربي السوري والجنوب اللبناني. وبالتالي وضع حد لمشروع الحركة الصهيونية وإنهاء وجودها طال الزمان أم قصر.. فالمقاطعة سلاح فعال وقليل التكلفة إذا ما أحسن استعماله.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى