الإقتراب من النهايات .. اقتراب من النصر

تتسارع اللقاءات الإقليمية السياسية منذ نحو أسبوعين في موسكو والرياض والدوحة وطهران ومسقط, السري منها (الذي لم يعد كذلك) والعلني، وهي اللقاءات التي كان مجرد تخيلها ضرباً من العبث، حيث وصف نائب رئيس الوزراء  وزير الخارجية  السوري وليد المعلم مبادرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بإمكانية توسيع قاعدة الحرب على الإرهاب بحيث تشمل تركيا والسعودية، بـ المعجزة، فبوتين رجل (المعجزات) الذي تمكن من رفع روسيا من حضيض غورباتشوف ويلتسين إلى الدولة العظمى الصاعدة مستعيدا مكانة وتاريخ بلاده، كما أعاد للعالم  توازنه على غير صعيد.

لكن تسارع اللقاءات لا يعني أن محاربة جادة حقيقية للإرهاب ستحلّ بفورها، وأن الحروب العدوانية الإرهابية على سورية والعراق واليمن وليبيا ومصر والجزائر وفلسطين ولبنان ستتوقف جميعها وفورا.

فالحروب قبل حلول التسويات تتصاعد تكتيكيا واستراتيجيا، بأمل الحصول على أكبر قدر من المزايا وأكبر قدر من حفظ ماء الوجه، بالنسبة للمهزومين وأشباههم.

لا بد أن روسيا عندما طرحت مبادرتها على سورية، لم تطرحها هكذا اعتباطاً أو من فراغ، فقد سبقتها زيارة ولي ولي العهد السعودي (مع بقية مسمياته) وإنما على أرضية قناعات توصلت اليها السعودية من عبثية الاستمرار في طريقها المغلق المكلف جدا بل والمرتد عليها، بخاصة في سورية والعراق واليمن ولبنان.

لقد حصدت العصابات الإرهابية بكل مسمياتها على الأرض السورية، متواليات من الفشل، وتراجعت رقعة الأراضي الواقعة تحت سيطرتها، كما افتقدت الحاضنات الشعبية التي كانت مخدوعة بها في البدايات، وأصبحت محشورة في مناطق حدودية مع دول مجاورة، وجيوبا صغيرة قليلة متناثرة لا إتصال بينها، ما يؤكد أنها أصبحت محكومة بخيارات العودة الى الدول التي انطلقت منها وجيشت لها من كل الدول والجنسيات ودربتها وسلحتها ومولتها ودعمتها سياسيا وإعلامياً.

وقد بدأت مؤشرات تلك العودة والإنتشار في تلك الدول واضحاً للعيان، فالعصابات الإرهابية كـ الفايروس في الجسد، لا ينتشر في عضو دون آخر، بل يتمدد، بالتدريج، حتى يقضي على الجسد كله، ولا يكتفي بالبقاء في جزء منه، فالمنطقة إقليم واحد، جسد واحد، قد يبدأ بالكبد ـ مثلاً ـ ليأتي على الحنجرة لاحقاً.

بل أن فيروس الإرهاب، لا ينتظر حشْره أو فشله أو نجاحه لكي يتمدد، فهو عابر للحدود والظروف والمقتضيات ولا يؤمن بتحالف أو عهد، ولا خطوط حمر عنده أو لديه، ومن ليس منه فهو عدوه حتى لو كان إرهاباً مثله، جهالياً غامضا عاقا متخلفا شاذا، كل شيء مبرَّر عنده طالما هو في خدمته، لذا هو خطر على الجميع، وقد توصلت الأطراف المعتدية على الأمة من داخل الأمة وخارجها الى هذه القناعة بعد لأي، بعد مراهنات غبية على إمكانية استخدامه ضد خصومها وأعدائها من العرب والإقليم، فإذا هو يرتد عليها، فجأرت بالصراخ متوجهة الى روسيا علها تنقذها من حال هو أكثر من ورطة ومنزلق خطير.

وفيروس الإرهاب إيدز وكوليرا وطاعون، معا، يحمل كل (المزايا) الكارثية، لمسمياته العديدة لن يتوقف عند حدود إقليمية، وقد رأينا كيف استقطب جهاديات نكاح أوروبيات غربيات وامريكيات ومن جهات الأرض الأربع !؟ كما استقطب الإرهاب (جهاديين) مزعومين أغبياء مغفلون جهاليين، بينهم وبين الجهاد الحقيقي فراسخ وعالم غير معلوم لديهم.

وبالرغم من كل دواعي الإستيقاظ من الغفلة التي وضع هؤلاء أنفسهم فيها من عديد الدول والجهات ومسميات غوث إنسانية كاذبة، لكن مفردات وبيانات وإجراءات (عنطزة) وكلام فارغ، ما زالت تظهر على السطح، هي في حقيقة الأمر كحشرجات الموتى، أو الضباع الجريحة في أحسن حالاتها، قد تكون شرسة في لحظاتها الأخيرة، وهي كذلك، وقد تكون غادرة مناورة ـ تريد التضليل وكسب الوقت.

قد نكون في ربع الساعة الأخير من الصراع (داخل الأسوار) الذي فُرض على الأمة في سنوات خمس وشيكة الإنتهاء.. لكن هذا الربع قد يكون الأخطر فيها، والأشد قسوة وضراوة وتآمراً، ما يستدعي صبراً أكبر، وارتقاء أعلى بالمعنويات، وحذراً أشد ويقظة أشمل، وتضحيات أوسع، وبصيرة لا تضاهى.

وبعد النصر العظيم، الوشيك، ستكون أمتنا امام مرحلة جديدة وحرب مفتوحة مع الذات (الجهاد الأكبر) والبناء والتنمية والمصالحات الوطنية وتطهير الداخل من الدنس والعمالة، والانطلاق الى مرحلة جديدة،من الصراع مع العدو الإستراتيجي القديم الجديد، الكيان الصهيوني، وتطهير القدس، وتحرير فلسطين من الماء إلى الماء ومن غزة إلى وادي عربة ..

بكلمات، ستتوالى اللقاءات وتتسع رقعة أطرافها والمشاركين فيها، لكن العامل الحاسم في نتائجها، في كل الأحوال، ما يتحقق من انتصارات على الأرض السورية بخاصة وفي مناطق الحرب الأخرى، وفي استمرار تماسك أطراف محور المقاومة وحلفائه.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى