عبد الناصر المعجزة

الاعجاز هو حصول ما هو غريب او مستحيل  الوقوع والحدوث  الا بارادة خارقة ، عادة ماتكون الاهية . والرجل فعلا كان وما زال معجزة ، فرغم سعة جبهة الاعداء التي واجهت مشروعه القومي ظل صلبا ، قويا ، شجاعا لايبالي ولايخاف . عن شجاعته ، وواحد مثله بمثل هذا الحجم من الاعداء كان يتنقل بسيارة مكشوفة ويخرج لكل المناسبات العامة ، ونحن نرى الان كيف يتنقل المسؤولين العرب  باعداد كبيرة من السيارات المصفحة من نفس اللون والنوع ، كي لايعرف احد باي سيارة  يركب المسؤول .

المشكلة ان اعدائه ظلوا يخافونه حتى بعد مماته ، فقد تنادت كل قوى الشر  واصطفت تريد تشويه صورته ، غير ابهة  بسرد الاكاذيب والروايات المفبركة عن قمعه وظلمه ، ومساوئ ليست فيه ، وانكار او تسفيه لانجازاته ، حتى ان الكاتب المصري حسنين كروم احصى مئات  الحملات الاعلامية من صحف وكتب  وكتاب وادباء وصحفيين ظلت تتطاول على هذا الرجل المعجزة ، ففي كتابه ( عبد الناصر المفترى عليه ) وبحجم  215 صفحة . .، يعرض كروم  شتى التهم التي الصقت بالرئيس ناصر ولم يتوقف الحقد عند هذا الحد بالاقوال بل تبعوه الى القبر الذي تعرض للحرق مرتين.

اغرب ما في هذه الحملات المضادة ان بعضها قاده زملاءه ورفاق دربه من الضباط الاحرار حتى ان عبد اللطيف البغدادي لا يتورع عن ان يظهر فرحته في خسران العرب  لحرب حزيران 1967 ، شماتة بعبد الناصر . فهو يقول في الجزء الثاني من مذكراته  ، ص : 291 “فجاءت النهاية – نهاية نظامه ، خزي وعار على الامة – ربما يكون خيرا من يدري، ربما اراد الله انقاذ الامة  من استعباد جمال عبد الناصر لها  ومن تاليههم له، واستمرار هذه الصورة كان سيؤدي بها الى اسوأ مصير ، فربما اراد الله بهذه الامة ان تصحو من غفوتها وتحطم الالهة – وتصحو  لنفسها ، وان لاتدع شخصا  اخر يسيطر عليها  كما سيطر جمال  –  من  يدري – .

وقدرنا هذا المساء ان جمال وعبد الحكيم عامر لابد ان ينتحرا ، بعد هذا الذي جرى وليس امامها من مفر من ذلك.”

لم ارى خسة ووضاعة  وسقوط اخلاقي ، يمكن ان تصل الى هذا الحد من الشماتة والفرح بدمار الامة والجيش المصري والاف  الضحايا فقط شماتة بعبد الناصر . ونكاية به . .

من هنا تتضح  معالم المعجزة !؟

رغم كل هذا الحقد ، وكل هذه المحاولات لتشويه صورته  ، لكنا ما زلنا نرى الاف بل ملايين الشباب الذين حتى لم يدركوا عهده ، بل الاطفال باعمار صغيرة ، يرفعون صوره ، وينشئوا المواقع على النت والفيس بوك لنشر افكاره ومنجزاته التي دمرها من جاء بعده .

اعتقد انها معجزة فعليا ان يبقى الرجل في راي وعقل وقلوب الاجيال بطلا  ورمزا لعزتهم وكرامتهم القومية. لا اريد الاطالة في كيفية تشكل عناصر هذه المعجزة ، غير القول انه كان ضميرا للامة يعبر عن امالها في تحقيقة التحرر والاستقلال والتخلص من التبعية بكافة اشكالها ، وتحقيق التنمية العربية لتقف الامة بمصاف الامم المتقدمة وهي تمتلك كل مقومات هذه التنمية .

واتوقف هنا عند نقطة لاحظتها من خلال الانتقادات او التعليقات التي كتبها بعض من الاصدقاء على ما نشرت من روابط عن عبد الناصر ومنجزاته على صفحتي في الفيس بوك ، علق احدهم بما يلي : ( كم عدد السجناء في مصر ايام هاد الطاغية ) وعلق ايضا ( هو اكبر طاغية ، كيف يؤمن بالديمقراطية )

قبل الحديث عن الديمقراطية بالمفهوم الناصري ، نتكلم عن حديث القمع والسجناء :عندما اختلف البعثيون مع عبد الناصر ايام الوحدة بين مصر وسوريا ،ظلوا يروجون لفكرة انه نظام بوليسي قمعي ، وفي محادثات الوحدة الثلاثية بين مصر وسوريا والعراق ، عاتبهم عبد الناصر قال ان كل اللي تم سجنهم في سوريا ايام الوحدة التي دامت 3 سنوات ، وفي عز الصراع مع الشيوعيين ، بلغ 70 سجينا، والتفت الى وزير الداخلية السوري وساله كم عدد السجناء عندك الان ، فذكر رقما بالالاف ، ثم التفت الى علي صالح السعدي ، وزير الداخلية العراقي في حينها ، وانت ياعلي كم عندك من السجناء الان فقال علي : قول عشرات الالاف . فقال لهم انا تقولوا علي نظام بوليسي ولم اسجن غير 70 شيوعيا خلال ثلاث سنوات ، وانتم لم تستلموا الحكم الا لشهر او شهرين وتسجنون الناس بالالاف .

وهناك شهادة اخرى من احد الحاقدين على عبد الناصر ، وهو عبد اللطيف البغدادي ، يقول ان عدد السجناء السياسيين الذين وجدوا في السجون بعد الانفصال كانوا  95 شخصا منهم 70 من الشيوعيين .( المذكرات ص :135 )

فاين هو القمع والطغيان .!؟

وشهادة اخرى من سيد فهمي وزير الداخلية المصري في زمن السادات ادلى بها امام مجلس الشعب ، ان عدد كل الذين تعرضوا للسجن في زمن عبد الناصر ( طيلة 18 سنة من حكمه ) كانوا 14 الف سجين من الشيوعيين والاخوان المسلمين ، وهذا الرقم يشمل من تم اعتقاله لايام قليلة واطلق سراحة او من تم سجنه مرتين ( من الاخوان خاصة ) يعني نفس السجين الواحد ياخذ عدد(2) .

ولو قارنا هذه الارقام مع اي دولة عربية في اي زمان او عهد وبحسابات نفس عدد السنين . مع الاخذ بنظر الاعتبار الحجم السكاني لمصر ، قد يتضاءل الرقم ويبدو تافها.

اما من تم اعدامهم او ماتوا تحت التعذيب . مات تحت التعذيب عضو واحد ينتمي للحزب الشيوعي المصري هو شهدي عطية ، ولم تظهر اي حالة وفاة بالتعذيب غيره رغم مرور اكثر من 45 سنة على وفاة عبد الناصر ، وكان وراء عمليات التعذيب هذه هو شمس بدران ( معاون مدير المخابرات ثم وزير الدفاع المصري فيما بعد ) وبدون علم من عبد الناصر .

اما من اعدم من الاخوان المسلمين فهم خمسة فقط ، اثنين كانا قد شاركا في مؤامرة اطلاق النار على الرئيس جمال في ميدان المنشية عام 1954، وسيد قطب واثنين من اعوانه ممن ثبت انهم يتعاملون مع المخابرات الاميركية والاتفاق على تنفيذ انقلاب ضد عبد الناصر . وبعد محاكمة قضائية عادلة ولم يظهر لحد الان اي دلائل تشير الى غير هذا الرقم .

وهي ارقام تتضاءل امام ما جرى في كل العهود في اي من الدول العربية .

فاين هو طغيان الطاغية عبد الناصر هذا .

اعترف الان وانا ناصري بقناعة ودراسة ان اسوأ ما في عبد الناصر واكبر اخطاءه التي سببت لنا النكسات الكبيرة كانت طيبته واخلاقه والتزامات الوفاء مع اصدقاءه ورفاقه ممن شاركوا بالثورة ، وخاصة عبد الحكيم عامر الذي كان يجب ان يطرد او يحال للتقاعد منذ ان حصلت جريمة الانفصال ، وتصرفاته واعوانه كانت السبب الرئيسي في ذلك . فكانت هزيمة حزيران

وقد طال الحديث يحتاج مفهوم الديمقراطية في الفكر الناصري الى فرصة اخرى .

اما من تساءل عن انجازاته وهي اكثر من ان يتم حصرها في مقال ، فقد نقلت بعض مما كتبه بعض الاخوة على الفيس بوك عن هذه الانجازات التي عمل على الغائها ومحوها اعداء الشعب المصري من الحكام الذين استلموا بعده ، فقبل الثورة كانت مصر تستورد كل حاجاتها  من ابرة الخياطة الى السيارة من الخارج ،وخلال عشرة سنوات بدات تصنع حتى السيارة الجرار الزراعي ، وكل ادوات المطبخ  الكهربائية ،وصناعات الادوية  والنسيج . والحديد والصلب وغيرها من الصناعات الثقيلة ،.  وغيرها ، مما يشكل ركزة وبنية تحتية  متينة لتحقيق وانجاز  استقلال مصر  الاقتصادي والتخلص من التبعية.

اما لماذا تم تدمير وايقاف هذه الصناعات ، وبامر من  ، ولصالح من . لاشك ان الخبر اليقين  لايعرفه الا السادات وجيهانه ..

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى