هزيمة انتخابية ساحقة لحزب السلطان اردوغان

امس وقع رجب طيب اردوغان في شر اعماله واقواله وسياساته الرعناء, فقد اظهرت نتائج الانتخابات النيابية التركية تقهقر حزبه وتراجع شعبيته وعدد المقاعد التي نجح فيها بنسبة 41.2٪ فقط من أصوات الناخبين، في حين تمكن حزب «الشعوب الديمقراطي» الكردي من تجاوز الحاجز الانتخابي بحصوله على 12.3٪ من الأصوات، ليكون بذلك أول حزب سياسي كردي يدخل البرلمان التركي.

وبحسب النتائج الأولية، التي صدرت بعد فرز 98 % من صناديق الاقتراع, فقد حصل حزب «العدالة والتنمية» الحاكم على نسبة 41.2 % من أصوات الناخبين، مقابل 49.9 % حصل عليها في الانتخابات البرلمانية السابقة في عام 2011، وذلك في تراجع ملحوظ يضع الحزب أمام صعوبات كبيرة في تشكيل حكومة بمفرده أو صياغة دستور جديد للبلاد يمكنه من تغيير نظام الحكم إلى رئاسي يتربع على قمته السلطان اردوغان.

وحصل حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة على نسبة 25.2 % من أصوات الناخبين وبذلك يحصل على 130 مقعداً في البرلمان دون أي تقدم حقيقي يمكنه من تغيير شكل الحكم في البلاد. بينما حل حزب الحركة الديمقراطية ثالثاً بنسبة 16.6%، وحصل بذلك على 82 مقعداً.

وفي المركز الرابع حل حزب «الشعوب الديمقراطي» ذو الأغلبية الكردية بنسبة 11.8% من أصوات الناخبين، بعدما تمكن من تعدي عتبة الـ10% من أصوات الناخبين، وحصوله على 78 مقعداً.

وبموجب القانون التركي يمنح الحزب الحاصل على أكبر عدد من مقاعد البرلمان حق تشكيل الحكومة، بشرط الحصول على ثقة البرلمان، لكن حزب العدالة والتنمية لن يتمكن من تحقيق طموح مؤسسه وزعيمه الروحي الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان بكتابة دستور جديد للبلاد وتحويل نظام الحكم إلى رئاسي دون اللجوء إلى التحالف مع إحدى الكتل البرلمانية الثلاث الأخرى بالبرلمان للحصول على نسبة 50+1 أو ثلثي أعضاء البرلمان لتمرير الدستور الجديد من خلاله.

ويرى مراقبون أن حزب العدالة والتنمية سيلجأ للعمل على التحالف مع «الشعوب الديمقراطي» الكردي من خلال ترغيبهم بامتيازات في الدستور الجديد المنوي كتابته، أو مع حزب «الحركة القومية»، مع استبعاد التحالف مع حزب الشعب الجمهوري. لكن من غير الواضح كيف سيكون شكل الحكومة المقبلة الذي انفرد حزب «العدالة والتنمية» بتشكيلها على مدار السنوات الماضية، وفي حال فشل الأحزاب في تشكيل حكومة خلال المدة القانونية يمكن أن تتجه البلاد لانتخابات مبكرة.

ويحكم حزب العدالة والتنمية البلاد منذ عام 2003، إلا أن تراجع النمو الاقتصادي وتفاقم المشاكل السياسية التي افتعلها اردوغان في المنطقة، وأزمة اللاجئين السوريين، ساهمت في تراجع شعبيته، وتزايد النقمة الشعبية التركية عليه.

وقد سلطت الصحف البريطانية والعالمية الضوء على هزيمة أردوغان في هذه الانتخابات، حيث حملت صحيفة التايمز الصادرة اليوم عنوانًا يقول «الأكراد ينطلقون والناخبون يطيحون بأردوغان» مع صور لاحتفالات الأكراد بفوزهم للمرة الأولى بدخول البرلمان.

أما في صحيفة الغارديان فقد كتب كونستانز ليتش من اسطنبول «الانتخابات أذلت أردوغان» وأضاف الكاتب يقول : أن أردوغان قد تلقى أسوأ هزيمة انتخابية منذ أكثر من عقد من الزمان, لدى خسارة حزبه أغلبيته في البرلمان وسعيه بالتالي للبحث عن تحالف مع حزب آخر لتشكيل الحكومة.

حدث هذا بينما كان أردوغان يأمل في أن يحقق حزبه انتصارا كاسحا يمكنه من تغيير الدستور حتى يتمكن من الحصول على المزيد من الامتيازات السياسية كرئيس للجمهورية, لكن النتائج الانتخابية أنهت حكم الحزب المنفرد الذي تواصل لمدة 12 عاما.

واوضحت بجلاء رفض المصوتين لفكرة تغيير الدستور ومنح أردوغان سلطات أكبر في الحكم.

وكان حزب أردوغان يحتاج إلى أغلبية الثلثين أي 367 مقعدا للقيام بهذا التعديل إلا أن الحزب لم يحقق سوى نحو 259 مقعدا وهو أقل بكثير مما كان يتوقعه بل ما لا يكفي لمجرد تشكيل حكومة بمفرده.

وفي نفس الصحيفة كتب سايمون تسدول تحليلا سياسيا حول نتائج الانتخابات بعنوان «الناخبون يعاقبون سياسات جنون العظمة», حيث قال الكاتب إن أردوغان قطع تركيا طولا وعرضا في حملة انتخابية ليضمن فوز حزبه بأغلبية 330 مقعدا على الأقل ليتمكن من تغيير الدستور والحصول على سلطات أكبر, لكنه فشل في الحصول حتى على الحد الأدنى لتشكيل الحكومة بمفرده وهو267 مقعدا.

واكد الكاتب إن تباطؤ الاقتصاد، والبطالة، والحقوق المدنية، والتدخل في الازمة السورية والمخاوف من إعطاء أردوغان المزيد من الصلاحيات في السلطة تحوله إلى ديكتاتور, كانت السبب في تراجعه الشديد.

وخلص الكاتب في مقاله إلى أن الانتخابات شكلت عقابا لأردوغان وتقليصا لحجمه وتراجعا لتأثيره ونفوذه, ومقدمة لافول نجمه ولو بعد حين.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى