الاردن الرسمي يتولى دور ”العراب التطبيعي” بين اسرائيل والدول الخليجية

علمت ”المجد” ان مجلس الوزراء قد وافق بصورة اولية على مشروع تطبيعي استراتيجي جديد يتمثل في اقامة مناطق حرة اردنية – اسرائيلية مشتركة في منطقة الاغوار، دون التشاور مع السلطة الفلسطينية التي تمتلك جانباً من هذه الاغوار.

وقال مصدر موثوق ”للمجد” ان رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور قد طرح هذا الموضوع، خلال جلسة مغلقة لمجلس الوزراء مؤخراً، واسهب في تعداد الفوائد والمكاسب التي ستعود على الاقتصاد الاردني من وراء هذه المناطق الحرة المشتركة.. داعياً الوزراء الى سرعة بحثه والموافقة عليه لدى انجاز صيغته النهائية.
واكد المصدر ان جميع الوزراء قد وافقوا مبدئياً على هذا المشروع التطبيعي الذي لا يزال قيد التفاوض، بمن فيهم الوزراء الثلاثة الذين يدعون انهم ”يساريون وقوميون” حيث لم ينبس اي واحد منهم بكلمة اعتراض او حتى نقطة استفسار واحدة.
ولفت هذا المصدر الموثوق الى ان حكومة النسور الذي سبق له ان استقال من منصب وزير الخارجية عام 1991 حتى لا يحضر مؤتمر مدريد، قد ضربت الرقم القياسي في مضمار التطبيع الاستراتيجي مع العدو الاسرائيلي عبر مشروع قناة البحرين، وصفقة الغاز الاسرائيلي، ومشروع المناطق الحرة المشتركة الذي ينتظر ابرامه والاعلان عنه قريباً جداً.
كما لفت المصدر الى ان الدكتور محمد ذنيبات، نائب رئيس الوزراء، وزير التربية والتعليم حالياً كان قد استقال من حكومة عبدالسلام المجالي عام 1994 حتى لا يضطر الى التوقيع على معاهدة وادي عربة المشؤومة.. وسبحان مغير الرجال والاحوال.
وبالتوازي مع هذا التطبيع الثنائي المتسارع بين عمان وتل ابيب، فقد عمدت السلطات الاردنية مؤخراً الى القيام بدور ”العراب” التطبيعي بين تل ابيب وعدد من العواصم العربية – الخليجية تحديداً – التي يفترض انها لا تعترف باسرائيل، ولا ترتبط بمعاهدات صلح وسلام معها.
والغريب ان تأتي هذه الجهود التطبيعية الاردنية متزامنة، مع اشد موجات الغلو والتطرف الاسرائيلي، بل اليهودي الليكودي، بقيادة رئيس الوزراء العنصري نتنياهو الذي لا يقيم وزناً للسلام مع العرب، ولا يخفي سعيه لبناء ”الدولة اليهودية” وتقاسم الحرم القدسي، علاوة على رفضه المعلن لقيام دولة فلسطينية.
سياسيون اردنيون اعربوا ”للمجد” عن مخاوفهم من تصاعد هذا الدور الاردني، المرفوض وطنياً وقومياً، في قادمات الايام بدعوى ان ايران اصبحت الآن العدو المركزي المشترك للعرب ولاسرائيل معاً، وان من شأن ”وحدة العداء” لا يران تمهيد الطريق لبناء تحالف عربي – اسرائيلي من منطلق القاعدة المعروفة بان عدو عدوي صديقي.
وقال هؤلاء السياسيون في حوارية مختصرة نظمتها ”المجد” يوم الخميس الماضي، ان نفض اليد السياسي والعسكري الامريكي التدريجي من مشاكل وازمات منطقة الشرق الاوسط ليس بريئاً، بل هو انسحاب تكتيكي مدبر ومحسوب بدقة وهادف الى دفع السعودية وباقي الدول الخليجية التي تشعر بخذلان الحليف الامريكي لها، للانفتاح على اسرائيل، واعتبارها بديلاً اقليمياً لامريكا المتباعدة، وحليفاً قوياً يمكن التشارك معه في التصدي ”للعدو الايراني”.
واوضح هؤلاء الساسة ان قنوات التعامل السرية مفتوحة منذ زمن غير قصير بين الدوائر الخليجية والاسرائيلية، ولكن واشنطن التي تشجع الاردن على لعب دور ”العراب التطبيعي” ترغب في تقوية مركزه لدى الدول الخليجية التي ادارت ظهرها له وتقاعست في الآونة الاخيرة عن دعمه، وهو ما حمل الادارة الامريكية مؤخراً على زيادة العون المالي له بغية التخفيف من ضائقته الاقتصادية.
قالت مصادر أردنية أن المساعدات الأمريكية للأردن للسنة الحالية تبلغ مليار دولار خصص منها مبلغ 400 مليون دولار كمساعدات عسكرية، و600 مليون مساعدات اقتصادية و58 مليونا أخرى لدعم اللاجئين السوريين.
وأضاف المصدر أنه بموجب مذكرة تفاهم عقدت بين الأردن والولايات المتحدة، لتزويد الأردن بمساعدة سنوية مليار دولار على مدى 3 أعوام ، 2017 – 2015 بهدف ما وصفه المصدر ”تعزيز جهود التنمية الاقتصادية والإصلاح السياسي والاقتصادي والإجتماعي في الأردن”.
وكانت الاذاعة الإسرائيلية قد كشفت يوم الاثنين الماضي عن عقد اجتماع تم في الأردن، بحضور امريكي واوروبي، بين ممثلين عن اسرائيل وآخرين من دول عربية لا تقيم علاقات دبلوماسية مع تل ابيب.
ولم تحدد الإذاعة الإسرائيلية موعد عقد الاجتماع الذي لم يكشف عنه سابقا أو الدول العربية المشاركة فيه أو مستوى تمثيلها، بل قالت الإذاعة ”عُلم أن ممثلين من دول عربية لا تقيم علاقات دبلوماسية مع اسرائيل قد التقوا مؤخرا مع ممثلين إسرائيليين خلال اجتماع عقد في الأردن، وشارك فيه أيضا دبلوماسيون من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
ولم يصدر تعليق فوري من الحكومة الإسرائيلية أو الأردن أو الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حول ما ذكرته الإذاعة الإسرائيلية، ولكن ”بعض الممثلين العرب قالوا إنه على دول المنطقة الاستعداد لواقع أمني يتراجع فيه النفوذ الأميركي في المنطقة.
وأشارت الاذاعة إلى أن ”ممثلي الدول العربية أبدوا الرغبة في دفع التعاون الأمني بين دول عربية ”سنية” و”إسرائيل”، لكنهم أشاروا إلى أن الجمود السياسي بين ”إسرائيل” والفلسطينيين لا يسمح بالاعلان عن مثل هذا التعاون.
وتكشف وسائل إعلام إسرائيلية بين وقت وآخر عن اجتماعات لمسؤولين عرب وإسرائيليين في عواصم أوروبية وعربية دون الكشف عن أسماء الدول العربية التي تشارك في هذه الاجتماعات.
وفي لقائه مع وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فون دير لدى زيارتها لاسرائيل الاسبوع الماضي، قال نتنياهو ”وقعنا اتفاقات سلام مع اثنتين من جاراتنا العربية، مصر والأردن، لكن ثمة حالياً قوى جديدة في المنطقة قد تطالنا تهديداتها وأيضاً جيراننا العرب الذين توصلنا معهم إلى السلام، ويتيح هذا الواقع فرصة لتكوين تحالفات مع دول عربية أخرى ، إلا أننا نواجه في الوقت ذاته تهديد التشدد ”السني” متمثلاً بداعش والقاعدة وجبهة النصرة”.
وأضاف نتنياهو ”غير أن أكبر تهديد نتعرض له بنظرنا، وفي رأيي جيراننا أيضاً، هو التهديد الناجم عن إيران”.
وعلى هذا الصعيد التطبيعي ذكر موقع ”رأي اليوم” الالكتروني امس الاول ان شخصيات سعودية قد تلقت من خلف الستار عرضا إسرائيليا بنقل تقنية ”القبة الحديدية” للحفاظ على عمق الأمن الإستراتيجي لمنطقة جيزان السعودية المحاذية لليمن والتي تعرضت لقصف صاروخي عدة مرات.
ونقلت تقارير دبلوماسية غربية تمكنت ”رأي اليوم” من الإطلاع عليها عن مصدر واثق الإطلاع القول بأن أطرافا سعودية وعلى هامش لقاءات عقدت في العاصمة الأردنية مؤخرا، وإستضافتها السفارة الأمريكية في الأردن، قد تلقت عرضا من الجانب الإسرائيلي بإمكانية العمل على تطوير منظومة القبة الحدودية الدفاعية والصاروخية للجانب السعودي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى