إيّاكَ أنْ تبتلّ بالماءِ

” آهِ يا شامُ.. كيف أشرحُ ما بي

وأنا فيكِ دائما مسكونُ

يا دمشقُ التي تُفشي شَذاها

تحتَ جلدي كأنّهُ الزيزفونُ

قادمٌ من مدائنَ الريّحِ وحدي

فاحْتَضنّي، كالطفلِ، يا قاسيونُ “.

هذه هي الشام، بل سورية، كما يراها الذين عشقوها عبر التاريخ. وليس كما يراها المتآمرون.

ألقاهُ في اليمّ مكتوفا وقالَ لهُ      

إيّاكَ إيّاكَ أن تبتلّ بالماء

ورغم أن هذا البيت ينتمي إلى عالم الصوفية وبالذات الحلاج، إلا أنه يصور الحالة التي وصلنا إليها في عوالم الإرهاب والتآمر..

إياك أن تبتلّ بالماء

بعد أن سلطوا على سورية كل وحوش الأرض، وأحاطوها بكل الذئاب المتوحشة، وتآمرت عليها ثمانون دولة، ويقولون بعد ذلك: عليكِ أن تحمي حدودك.

ويخرج علينا”أحدهم” عبر إحدى الفضائيات المحلية التي تشحذ سكاكينها لتواصل ذبح الدولة السورية ليقول: على بشار الأسد أن يرحل. ضحكتُ لتلك السذاجة. هل المشكلة في كلّ ما حلّ بسورية هو الدكتور بشار الأسد، أم في المخطط المرسوم مسبقا من قبل الغرب المتوحش للقضاء على كل صوت عروبي أصيل، وتفتيت الأمة من خلال السيطرة على مقدراتها وحماية الكيان الصهيوني ليتمدد على الدول المفتتة وإقامة مخططه في”إسرائيل الكبرى”.. ؟؟

ثم يقول”أحدهم”: إن بشار الأسد لم يستطع أن يقيم حوارا مع المعارضة، وكأنه لا يدرك أن هذه المعارضة هي التي وضعت يدها في يد الإرهاب لتدمير سورية العروبة والحضارة والتاريخ العبق بالفخر والازدهار.. مع العلم أن كلّ الذين يدّعون محاربة الإرهاب، هم أنفسهم من أسس لهذا الإرهاب.

نشروا إرهابهم في العراق وسورية وليبيا وتونس ومصر واليمن، وقبضوا ملايين الدولارات لتنفيذ المخطط الإرهابي ضد سورية وغيرها، لتصبح هذه الأمة ألف ملة وطائفة، فيسهل ابتلاعها.

صمود سورية وخاصة الجيش العربي السوري البطل، هو عزّ لكل أبناء الأمة العروبيين الذين يعرفون من هي سورية، فليست سورية هي الأرض فقط، وإنما حضارة شامخة يشهد لها التاريخ بأنها قاومت الغزاة وبقيت صامدة ترعى تراثها وشعبها، وهي التي قال عنها الزعيم الراحل عبد الناصر” قلب العروبة النابض “.

وستبقى قلب العروبة النابض..

ويريدونها مرتعا لكل من هبّ ودبّ من المأجورين، أدوات قذرة لكل من تآمر على سورية.

يقول نزار قباني، الوجه المشرق من سورية الحضارة:

” سافرت كثيرا.. حتى وصلت إلى حائط الصين العظيم، ولكنّ حمائمَ الجامع الأموي لا تزال تطلع من جيوبي حيثما اتجهت. ولا تزال القطط الشامية تموء تحت سريري في كل فندق أنزل فيه. ولا تزال رائحة الخبّيزة والقرنفل تطلع لي من كل حقيبة أفتحها..”.

هي الشام،

فترفقوا بها، فهي كرامتكم، ولا تتخبطوا في تصريحاتكم من أجل إرضاء أسيادكم. فالذين يبيعون سورية لأجل رائحة الدولار، سيجدون أنفسهم ذات يوم قريب، عراة في الصحراء بعد أن يبيعهم سيدهم، ويلقي بهم في مزابلها.

رفقاً ببردى العظيم..

والماءُ يبدأُ من دمشقَ، فحيثُما  

   أسندتَ رأسَكَ، جدولٌ ينسابُ

  والدهرُ يبدأُ من دمشقَ، وعندَها  

  تبقى اللغاتُ وتُحفظُ الأنسابُ”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى