الدول العربية والاسلامية تتنصل من الحرب السعودية على اليمن

رفض البرلمان الباكستاني بالاجماع امس مشاركة جيش بلاده في الحملة العدوانية السعودية التي تحمل عنوان “عاصفة الحزم” ضد اليمن, وصوت على قرار يقضي بالتزام الحياد في هذه الأزمة، وهو ما قد يضعف خيار التدخّل البريّ من جانب السعودية، ويشكل صفعة مدوية للغرور السعودي.

وبرغم إعلان الحكومة الباكستانية التزامها بأيّ قرار يصدر عن البرلمان، فقد استمرّت الرياض في ممارسة ضغوطها بعدما اعتبرت أنّ «الموقف الذي أعلن هو موقف البرلمان، والحكومة الباكستانيّة لم تعلن موقفاً رسمياً حتى الآن»، بحسب ما صرّح المتحدث باسم «التحالف» أحمد عسيري.

وبعد خمسة أيام على بدء الجلسات الماراثونية، صوّت البرلمان الباكستاني بالإجماع لمصلحة قرار يحثّ الحكومة على التزام الحياد في الأزمة اليمنية، رافضاً طلب السعودية مشاركة إسلام آباد في «التحالف» العسكري الذي تقوده.

وبدلاً من الدعم العسكري، دفعت باكستان في اتجاه بذل جهود ديبلوماسية بعد محادثات مع مسؤولين إيرانيين وأتراك زاروا إسلام آباد في محاولة لتمهيد الطريق أمام تسوية من شأنها أن تنهي الحرب، إذ دعا القرار، الذي تبناه البرلمان، الحكومة إلى بدء العمل مع مجلس الأمن الدولي و «منظمة التعاون الإسلامي» للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في اليمن.

وفيما حثّت غالبية النواب رئيس الحكومة نواز شريف على عدم إرسال قوّات باكستانية للانضمام إلى القتال، أكّد القرار الذي تم تبنّيه خلال جلسة استثنائيّة للبرلمان، أنّ على باكستان أداء دور الوسيط وعدم التورّط في القتال.

وهكذا فقد وجهت باكستان صفعة قوية للتحالف الذي ارادت السعودية تشكيله لاشعال حرب مذهبية في المنطقة ، لا تخدم الا “اسرائيل ” واعداء العرب والمسلمين.

اللافت للانظار ان هذا الرفض الباكستاني وإن جاء بشكل علني وعبر البرلمان ، الا انه لم يكن اقوى من الرفض المصري، الا من ناحية الشكل فقط ، فصمت القاهرة امام الحاح السعودية, كان “اعلى صوتا” من الرفض الباكستاني، لما كانت تعتقده الرياض ان القاهرة ستهرول نحو الحرب بإشارة صغيرة منها، لتسديد ثمن المساعدات التي قدمتها لمصر.

الرفض المصري لم يكن عبر الصمت “الناطق” فحسب ، بل من خلال تأكيد القاهرة لرؤيتها لحل الازمة في اليمن، عبر الوسائل السياسية والحوار بين مختلف مكونات الشعب اليمني، كأنجع وسيلة لتجنيب اليمن المزيد من الدمار، والمنطقة المزيد من الحروب.

الرفض المصري للانضمام الى التحالف السعودي، جاء ايضا عبر  المظاهرة الضخمة التي شارك فيها العديد من المصريين امام السفارة السعودية في القاهرة امس، حيث رفع المتظاهرون شعارات نددت وبشكل علني، بالعدوان السعودي على الشعب اليمني ، وهي تظاهرة حملت العديد من الرسائل للداخل والخارج . كما اتفقت اغلب وسائل الاعلام المصرية ، المقروءة والمسموعة والمرئية  رغم اختلاف توجهاتها السياسية ، على ضرورة عدم توريط الجيش المصري في المستنقع اليمني تلبية لنزوات السعودية.

الرفض الباكستاني “العلني” ، والرفض المصري “الصامت الناطق ” ، ترافق مع رفض تركي “تدريجي” ، فأنقرة حاولت ان تخوض في البداية مع الخائضين في العدوان السعودي على الشعب اليمني، وذلك عندما صرح الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ، بتصريحاته النارية حول اليمن و دور “ايران” ، الا ان الرجل غير موقفه “تدريجيا” ايضا ، وعاد ليتحدث عن ضرورة الحلول السياسية ، والعمل على حث جميع الاطراف في اليمن للجلوس الى طاولة الحوار ، لايجاد حل للازمة دون ادخال المنطقة في صراع هي في غنى عنه ، كما لمحت تركيا الى  استعدادها للتوسط في هذا الشان.

اما مواقف بقية الدول التي حاولت السعودية توريطها في المستنقع اليمني، وهي السودان والمغرب والاردن، فقد جاءت متحفظة على هذا العدوان وغير متحمسة له دون ان ترفض علنا الانخراط فيه.

وازاء هذا الرفض الباكستاني والعربي للانخراط في الحرب السعودية على اليمن, فقد دعا الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ, مفتي عام السعودية رئيس هيئة كبار العلماء، امس إلى اعلان التجنيد الإجباري للشباب السعودي، وذلك لتشكل السعودية “قوة لا تغلب”.

وقال الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، خلال خطبة الجمعة في جامع الإمام تركي بن عبدالله بالرياض: “لابد من الاستعداد والتسلح الدائم لمقاومة أي شيطان، والتجنيد الإجباري لشبابنا أمر مهم ومطلوب، لتكون لنا قوة لا تغلب، مدربة تدريباً جيداً”.

وأضاف “لابد من تهيئة شبابنا التهيئة الصالحة، ليكونوا لنا درعاً للجهاد في سبيل الله ضد أعداء الدين والوطن، لابد أن نهتم بشبابنا ونهيئهم، والتجنيد الإجباري، سيساهم في إعداد الشباب لأداء المهام”.

من جانبه قال الكاتب المصري الكبير محمد حسنين هيكل أن القمة العربية الاخيرة قد واجهت مأزقا عقب اندلاع “عاصفة الحزم” وذلك لأن الفعل سبق الاجتماع.

وانتقد هيكل في سلسلة حواراته مع لميس الحديدي على فضائية سي بي سي امس هذه القمة وقال: انها لم تكن مؤتمرا كما تعودنا، وإنما كانت إعلان مواقف فقط.

وحذّر هيكل من أن الصراع السني الشيعي سوف يؤدي الى تقسيم العالم العربي، مشيرا الى أن إيران مثلها مثل باقي الدول لها طموحات ومطامع ، وقد تحتك ببعض الدول من أجل مطامعها، مشيرا الى أن أول ما قامت به العولمة أنها أزالت الحدود بين الدول.

وقال هيكل إن مصر يمكن أن تلعب دورا مهما جدا بالنسبة لدولا الخليج، عسكريا وسياسيا وثقافيا وبالتخطيط، وليس على طريقة أبو العلاء المعري:

تلوا باطلا وجلوا صارما.. وقالوا صدقنا فقلنا نعم

وأنهى هيكل حواره متمنيا أن يتحرك النظام في مصر وهو يعلم مواقع خطاه، مؤكدا أنه يرفض المشاركة المصرية وغيرها في حرب على اليمن بالتحديد، لأنه يعرف طبيعة اليمن وما يمكن ان يترتب على الحرب فيها من مآس ومصاعب وازمات بعيدة الامد.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى