جرائم العدوان على اليمن ومسؤولية مصر لإيقافها

بقلم : د. محمد أشرف البيومي 

 

إلحاقا للرسالة العاجلة المفتوحة للرئيس عبد الفتاح السيسي بتاريخ 28 اذار الماضي، أوجه هذه الرسالة للجميع خاصة للمثقفين المصريين والإعلام المصري، صحافة وتليفزيون.

المسؤولية الإنسانية

لا بد على من يتابع بعض وسائل الاعلام العربي، وحتى الاعلام الغربي، أن يكون شاهد الصورالاليمة لضحايا العدوان السعودي على الشعب اليمني، وخصوصا من الأطفال، ولا بد أن يكون عصره الألم والغضب الشديد، اللهم إلا إذا تجمدت أو اختفت مشاعره. فعلى المستوى الانساني البحت، رأينا نتائج العدوان الهمجي السعودي الخليجي الأمريكي من مئات الضحايا ومن جثث متفحمة وآلاف الجرحى من أطفال وشيوخ ونساء. ومن البجاحة أن يحاول المعتدون أن يضعوا المسئولية علي مدافع “الحوثيين” واتهام المقاومين باستخدام المدنيين كدروع بشرية. وهنا نلاحظ وجه الشبه الواضح بين جرائم الصهيونية والرجعية العربية. ففي العدوان علي غزة  اتهم الكيان الصهيوني ضحايا العدوان بأنهم المسئولون عن خسائر المدنيين. كما لم يتورع كلا من الصهاينة والنظام الرجعي الوهابي من استخدام أسلحة محرمة دوليا. فمتي يتحرك الشعور الانساني والالتزام الأخلاقي العام لدي المثقفين المصريين ويدينون بشدة هذه الجرائم البشعة بصرف النظر عن انحيازاتهم وآرائهم ؟ أيعقل أن ترتفع اصوات حقوقية أجنبية تحتج وتدين بشدة سقوط العديد من الضحايا المدنيين، بينما لا نسمع إلا القليل من الأصوات العربية التي تدين أو تعترض علي قصف المدنيين؟

المسؤولية الوطنية والثقافية

نري علي المستوي الوطني والثقافي كيف يروج العديد من “مثقفي النخبة” مفاهيم خادعة مثل تصوير الصراع في اليمن وكأنه صراع بين السنة والشيعة، وتوصيف هدف المعركة كحملة لردع إيران من تمددها في عدد من الدول العربية، وليس رغبة السعودية في استمرار هيمنتها علي اليمن ومنع هذا القطر العربي  من الخروج عن طاعتها. لم يتعظ أو يستفيد بعض هؤلاء المثقفين

من انجرارهم وراء أكاذيب سابقة روجتها ادوات الامبريالية من الاصرار علي وجود أسلحة دمار

شامل في العراق إلي وادعاء استخدام الحكومة السورية الغازات الكيمائية. هذا بينما تصور إيران كالعدو وإغفال دعمها للمقاومة اللبنانية والفلسطينية وسوريا والذي ساهم في انتصار 2006 علي الكيان الصهيوني في لبنان. هذا بالاضافة لمساندة سوريا في مواجهة العدوان الغربي والارهابي عليها لم يمنع أحد دول الخليج من دعم المقاومة ماليا وعسكريا  كما كنا ننادي بل أنهم شاركوا، وبقوة، دعم الإرهاب ممثلا في مساندة القاعدة وجبهة النصرة وداعش وغيرها.بل أن هذه الدول  نفسها هي التي دعمت الغزو الأمريكي للعراق “عاصفة الصحراء” وحملة “الصدمة والترويع” وحملة حلف الناتو التي دمرت ليبيا. كانت نتيجة هذه الحملات خلق فراغ أمني، تملأ إيران بعضه الآن. لا يمكن أن نتناسي إن حكام البترول هم الذين شجعوا القوي الغربية للعدوان علي مصر عبد الناصر كما تثبته الوثائق الأمريكية التي رفع عنها السرية.

لا شك أن حماية باب المندب ضرورة تفرضها دواعي الأمن القومي المصري ولكن الذي يهدد مصر هناك ليس الحوثيون إنما القواعد العسكرية الأمريكية والتواجد العسكري الإسرائيلي هناك.

أما الحديث عن تهديد “الحوثيين” لأمن الخليج فها هو “السيد الأمريكي” أوباما الذي أيد العدوان السعودي يعلن اليوم أن الخطر علي  دول الخليج لا يأتي من الخارج إنما من “السخط  داخل بلادهم لا سيما من قبل الشبان الغاضبين والعاطلين والاحساس بعدم وجود مخرج سياسي لمظالمهم.

كما حث أوباما علي “إجراء حوار مثمر بشكل أكبر مع الإيرانيين”

إننا ننادي المثقفين الملتزمين برفع أصواتهم منددين بالعدوان الأئيم علي اليمن وشعبه وفضح أهدافه الحقيقية والمستفيدين منه والامتناع عن تغذية مفاهيم طائفية منبثقة من افتراضات خاطئة وتصوير إيران وكأنها العدو الجديد و تناسي العدو القديم الحقيقي، الكيان الصهيوني، المدجج بمئات القنابل الذرية الآن بالفعل، والذي تقف وراؤه الإمبريالية والرجعية العربية. لايلغي موقفنا هذا من حق الاختلاف مع إيران فيما يمس الأمن القومي العربي.

مكانة الدولة المصرية بجيشها وشعبها تحتم إيقاف المشاركة في العدوان

إن ما نشاهده من ملايين الشعب اليمني في كافة مدن اليمن يعبرون عن غضبهم جراء العدوان، ويعلنون عزمهم علي المقاومة ووحدتهم من أجل الصمود، يذكرنا بمشهد مماثل في مصر عندما انتفض الشعب المصري في 30 يونية 2013 مطالبا جيشه الوطني إنقاذه من حكم الاخوان البغيض. ورغم التعتيم الاعلامي المصري الذي نلاحظه بالنسبة إلي الحرب علي اليمن فإن شرائح واسعة من الشعب المصري تندهش من مشاركة القوات المسلحة المصرية في ائتلاف العدوان علي الشعب اليمني ويتذكرون المصيدة التي نصبتها السعودية للجيش المصري في اليمن في الستينات والأموال التي أغدقوها لشراء بعض القبائل لقتل أبنائهم. كما أن حلف العدوان يضم أمريكا التي باركت وشاركت وإسرائيل التي هللت والتي لها وجود عسكري بالقرب من باب المندب؛ وهناك أخبار بمشاركة طيرانها في العدوان. إن أحد القوي التي يدعمها التحالف الخليجي والذي تشارك به مصر هو حزب الإصلاح اليمني أي الإخوان المسلمين التي اعتبرها النظام المصري منظمة إرهابية. ألا يشكل هذ وساهمت في انتصار 2006 علي الكيان الصهيوني في لبنان ا تناقضا صارخا؟ إن الشعور العام المصري هو تجنب المشاركة والانسحاب من هذه الخطيئة كما فعلت باكستان.

أولوية محاربة الإرهاب تتطلب مواجهة جماعية

وإن كانت أولويتنا الآن هي حرب الإرهاب فهو متواجد في سيناء ودماء الجنود المصريين والمدنيين لم تجف بعد من جرائمهم منذ أيام قليلة في سيناء وأجزاء أخري من الوطن المصري. أما إذا أراد جيشنا الوطني أن يضرب الإرهاب خارج مصر كما فعل في ليبيا فهناك في سوريا  الآلاف من نفس الإرهابيين ونفس الجرائم ونفس الأهداف. بل أن قوي العدوان علي اليمن لا تستهدف ارهابي القاعدة في جنوب شرق اليمن بل تستخدم بعضهم لتحقيق اهدافها العدوانية.

ولأن الإرهاب المتواجد في العديد من الدول العربية هو نفسه فمن المنطقي مواجهته بصورة شاملة والتصدي له في سوريا وليبيا والعراق بالتنسيق مع هذه الدول من أجل التصدي للإرهاب بقوة وحسم.

مسؤولية الإعلام

وهنا نتسائل أين الإعلام المصري وأين الالتزام المهني؟ لا نتحدث هنا عن انحيازهم الواضح للعدوان ولكن عن أمانة نشر الحقائق. علي العكس تماما نري تعتيم وانتقاص من الحقائق وتشويه يصل الي الكذب الصريح.  يتم هذا دون مسائلة من نقابة الصحفيين التي يقع في قمة مسئولياتها الإلتزام بالأمانة الصحفية. لهذا نطالب بحد أدني من الأمانة الصحفية التي تميز بين الرأي والخبر الصحفي الذي لابد ألا يكون مجتزء أو محرفا أوكاذبا وأن تلتزم وسائل الإعلام بذلك. فانحدار وسائل الإعلام في تناولها لأحداث مصيرية لايمكن السكوت عنه.

مسؤولية الدولة المصرية:

إدانة الجرائم التي ترتكب في حق المدنيين وتدمير البنية التحتية اليمنية وأهداف مدنية بحتة مثل مصنع الألبان الذي أحرق مؤخرا.

قيادة الجهود الانسانية لمعالجة الجرحي وتزويد المستشفيات اليمنية بحاجاتها العاجلة فشعب اليمن باقي ولن ينسي من ساعده ومن اعتدي عليه.

لا يمكن أن نهدر رصيد حب الشعب اليمني لمصر والمصريين بالمشاركة في القصف لا بد أن تكون مصر الدولة الرائدة فهي المؤهلة لقيادة الحوار الذي أجهضته السعودية تمهيدا للعدوان المبيت منذ شهور كما أعلن سفير السعودية في أمريكا. مصر يجب أن تكون القائدة وليست التابعة، وكما ذكر أحد الكتاب (أ. خضر خروبي) في هذا الشأن مصر يجب أن تبقي القاطرة لا المقطورة، واضيف القائدة وليست التابعة.  ِ

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى