مشعل يتعرض لاشرس محاولات “اغتيال الشخصية” ونزال يفند مزاعم المغرضين

يتعرّض المجاهد خالد مشعل، رئيس حركة حماس إلى حملة إعلامية وسياسية ضارية ، ومرّكبة ، تشارك فيها أطراف عديدة ومختلفة ومتباينة ، لا يكاد يجمعها جامع غير الهجوم والتهجّم على هذا الرجل بشكل شخصي وحصري ، يتجاوز في كثير من الاحيان حدود النقد والاختلاف والاعتراض المشروعة والمفهومة، ليدخل أبواب التحريض السافر ، واغتيال الشخصية.
ربما اخطأ ”أبو الوليد” في غير موقف، وربما اختلفنا واختلف الكثيرون معه في بعض المسائل والاجتهادات، ولكن كل هذا لا يبرر حملة التهجّم على شخصه، والتحامل على تاريخه، وكيل الاتهامات له جزافاً وبالجملة دون سند أو دليل، بل بغير وازع أخلاقي ، أو رادع من ضمير، رغم أنه أكثر القيادات الحمساوية ، وحتى الفلسطينية تهذيباً ، وتعقلاً ، وتعفّفاً في القول والفعل.
مؤخراً، اشتعلت الشائعات المغرضة من حوله، وتعدّدت المزاعم والأقاويل والأخبار المفبركة، فمن قائل : إن مصر قد رفضت استقباله، ومن قائل إن إيران اشترطت لتحسين علاقتها مع ”حماس” تنحيه عن سدة قيادة الحركة، ومن قائل : إن قطر قد اضطرت تحت وطأة الضغوط السعودية إلى إبعاده عن أراضيها إلى تركيا، ومن قائل : إن المعارضة الداخلية الحمساوية له قد تصاعدت كثيراً في الآونة الأخيرة.. الخ.
”المجد” التي ترتبط مع هذا القائد الفلسطيني بصداقة قوية وقديمة رغم اختلافها مع بعض مواقفه وسياساته، اتصلت هاتفياً به في الدوحة، وبعد السلامات والتحيات واستعادة الذكريات القديمة، استفسرت منه بصراحة عن كل ما يثار من حوله، وسمعت منه على مدى نصف ساعة أو اكثر إجابات واضحة ومباشرة وعفوية بلا إعداد أو تحضير مسبق، وبما يعبّر عن هدوء هذا الرجل وتواضعه ، وزهده الإعلامي ومصداقيته المعهودة. ولكنه طلب أن تكون مكالمته ” نند لُْكمز ” أي ليست للنشر الإعلامي ، مؤكّدا في الوقت ذاته أن كل ما يقال عن مغادرته الدوحة عار عن الصحة ، ولا يمثّل سوى أمنيات مريضة ومغرضة وحاقدة .
” المجد ” احترمت رغبة الصديق العزيز أبي الوليد ، وتوجّهت بأسئلتها إلى الصديق الآخر محمد نزال عضو المكتب السياسي ” المخضرم ” في حركة حماس ، حيث هاتفته في ” اسطنبول ” التي كان يوجد فيها ، فسخر نزال من المزاعم التي ترددت مؤخرا ، حول قرب غياب خالد مشعل ، عن قيادة الحركة ، بدعوى فشل رهاناته وتحالفاته السياسية ، وبناء على اشتراطات ورغبات بعض الدول العربية والإقليمية ، ونظراً لتصاعد نفوذ التكتل الحمساوي والقسامي الداعي إلى تنحيه كما يشاع .
وقال نزال ، في حواره مع ” المجد : ” إن الأخ ” أبو الوليد ” ما زال يحظى بثقة ودعم المحطات القيادية والكادرية في حركة حماس ، سواء داخل الأراضي الفلسطينية أو في مناطق الشتات ، ناهيك عن التقدير الكبير الذي تكنّه كتائب الشهيد عز الدين القسّام المجاهدة.
ونفى هذا القيادي ـ رفيق درب مشعل منذ أكثر من ثلاثة عقود ـ أن تكون طهران قد تحفظّت على قيادة مشعل ، أو اشترطت إبعاده توطئة لتحسين علاقتها مع الحركة ، وقال : إن الوفد الحمساوي الذي زار إيران مؤخراً لم يسمع مثل هذه الاشتراطات التي تمسّ بالدرجة الأساس استقلالية ” حماس ” ، قبل أن تمسّ مكانة الأخ ” أبو الوليد ”، مشيراً في الوقت ذاته الى ان القيادة الايرانية تربأ بنفسها عن التدخل في شؤون ”حماس” الداخلية والتنظيمية، ناهيك عن ان ”حماس” بكافة مستوياتها ومؤسساتها ومجاهديها ترفض الانصياع لاية شروط وضغوط واملاءات خارجية.
وأعرب ” أبو براء ” عن قناعته بأن ماكينة إعلامية ضخمة ومتعدّدة الأذرع الفلسطينية والعربية تقف وراء هذه المزاعم والشائعات المغرضة ، التي تستهدف النيل من مشعل تحديداً وحركة حماس عموما ، بذريعة الانتساب لجماعة الإخوان المسلمين في ظاهر الأمر ، غير أنها تأتي خدمة لأجندات ” مشبوهة ” ومشوّهة ، وتصبّ آخر الأمر في خدمة العدو الصهيوني والمتواطئين معه سراً وعلانية.
وقال : يعرف هؤلاء المصطادون في الماء العكر إن ”حماس” حركة مؤسسية تخضع لقيادة جماعية، وتخلو من الفردية والجهوية والشللية وعبادة الشخصية، ولكنهم يصوبون سهامهم المسمومة إلى الأخ ”أبو الوليد” بقصد النيل من شعبيته الفلسطينية الواسعة، ورمزيته الحمساوية الكاريزمية التي ترسّخت كثيراً بعد غياب الشيخ احمد ياسين ورجال الرعيل الأول من قادة الحركة ومؤسسيها.
ولفت هذا القيادي إلى أن مشعل قد أعرب، علناً وغير مرة، عن رغبته في مغادرة قيادة الحركة، وإفساح المجال أمام الأجيال الشابة لتسلّم زمام القيادة، ولكن مؤسسات الحركة ومحطاتها المفصلية ارتأت غير ذلك ، وأنه قادر على قيادة سفينة ”حماس” في هذا المأزق الفلسطيني الصعب والبحر العربي والإقليمي الهائج، نظراً لان فترات رئاسته للمكتب السياسي للحركة قد شهدت اكبر الانجازات السياسية والانتصارات العسكرية في عدة معارك مع العدو الصهيوني.
ورداً عن سؤال ”للمجد” حول بعض الأصوات الحمساوية ، التي لا تخفي انتقاداتها لأداء مشعل، قال هذا القيادي : سبق أن أوضحت لكم أن ”حماس” حركة مؤسسية كبرى تسودها روح ”الديمقراطية المركزية” التي لا تصادر تعددية الرأي والاجتهاد في داخلها التنظيمي، ولكن قرارها النهائي محكوم بالانضباط والالتزام والقيادة الجماعية ، وبما يعني خضوع الأقلية لرأي الأغلبية، وأود أن اؤكد لكم أن الأخ ”أبو الوليد” ما زال يحظى بثقة واحترام الأغلبية الحمساوية والقسّامية.
وحول ما يقال بخصوص توجّه ”حماس” لإجراء مراجعة شاملة ، وإعادة نظر في مجمل مواقفها وسياساتها ورهاناتها خلال سنوات ”الربيع العربي”، واختيار قيادة بديلة لتدارك ما فات والتعبير بدقة عن نهج استراتيجي جديد، قال نزال إن ”حماس” لا تحتاج إلى ”وقفة مراجعة” محددة بزمن ، أو سبب معيَن، نظراً لأنها في حالة مراجعة وملاحظة وتقييم دائمة لمجمل سياساتها وممارساتها، وهي تمتلك من الآليات والنظم واللوائح الداخلية ما يكفل ذلك، وإذا كانت هنالك ثمة مراجعات ومصالحات أو تحوّلات تتطلبها مستجدات الأيام ، فيمكن أن تتم بقيادة أبي الوليد ، ولا أظن أحداً يمكن أن ينكر دور هذا الرجل في تحقيق المصالحة الوطنية بين حركتي حماس وفتح التي وضعت، رغم تعثرها أحياناً، حداً لأزمة الانقسام الفلسطينية المزمنة .
وقد امتد الحوار الهاتفي مع نزال ليشمل قضايا أخرى ، تتعلّق بما يشاع عن تشكّل تحالف حمساوي- دحلاني في مواجهة عباس ، حيث نفى نزال ذلك ، مشيرا إلى أن حماس هي أول من أشّر على خطورة المشروع الدحلاني على القضية الفلسطينية برمّتها ، وهي أول من واجهت ميلشياته في قطاع غزة وحسمت المعركة معها ، ولكنه استطرد قائلا : إن حماس ليست على استعداد ، لأن تخوض معركة عباس التي يخوضها الآن ضد محمد دحلان في قطاع غزة ومخيمات لبنان والأردن وغيرها ، فهي معركة ذات أبعاد شخصية ، ولا علاقة لها بالخلاف على الرؤية السياسية ، وبالتالي فان حماس لن تخوض ” معارك ”تستند إلى دوافع وأغراض شخصية .
وحول تعثّر المصالحة الفلسطينية والأسباب الحقيقية لذلك ، أكد نزال ابتداءً تمسّك حركته بالمصالحة الفلسطينية كخيار ضروري لا بد منه ، إذا أريد للموقف الفلسطيني أن يكون صلبا وموحّدا في مواجهة الاحتلال ، مشيرا إلى أن حماس قدّمت تنازلات كبيرة للطرف الفلسطيني الآخر ، وسلّمت له ” الجمل بما حمل ” ، ولكن هذه التنازلات فُهمت على ما يبدو خطأ من بعض الأطراف ، التي رأت أن مزيداً من الضغوط والحصار على حماس ، سيدفعها لـ ” الاستسلام ”.
وأضاف نزال ، إن حماس مع مصالحة تستند إلى أرضية سياسية صلبة ، وإلى إجراءات جدية وعملية لرفع الحصار الخانق والظالم على قطاع غزة ، وإعادة الإعمار الذي من المؤسف القول : إن أطرافا فلسطينية لا تريد له أن ينطلق ، بل يتم استخدامه كـ ” أوراق ابتزاز ”ضد حركة حماس ومواقفها.
هذا وقد اشار السيد حسن نصرالله الامين العام لحزب الله اللبناني الى انه جرى ترميم العلاقة الثنائية بين حزب الله وحركة حماس، وبين ايران وحماس بدرجة عالية بمعزل عن الموقف من سوريا.
واكد نصرالله خلال حديث له مع فضائية الميادين، ان لدى حركة حماس إرادة جدية لترتيب العلاقة مع محور الممانعة بشكل كامل، ولكنه اعتبر ان ترتيب العلاقة بين حماس والقيادة السورية ليس موضع بحث حالياً.
وفيما قام نصرالله بدور ”البشير” قام عمانوئيل نحشون، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الاسرائيلية بدور ”النذير” حيث اعلن في بيان اصدره الاسبوع الماضي ان ”وزارة الخارجية بقيادة الوزير ليبرمان عملت على اقناع دولة قطر لابعاد خالد مشعل عن اراضيها والتوقف عن دعم حماس ومساعدتها.
وقال نحشون في بيانه : ان الوزير ليبرمان ومساعديه قد عملوا على طرد مشعل من خلال قنوات علنية وسرية مع قطر نفسها ومع دول أخرى مؤثرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى