تباين شديد في الاراء حول انخراط الاردن بالتحالف المناهض لداعش

تباينت بشدة الاراء حول مشاركة الاردن في التحالف المناهض لداعش ما بين رافض لهذه المشاركة ومحذر من نتائجها، وبين مؤيد لها داعياً الى توجيه ضربات استباقية تحول دون تمدد داعش وتمنع عناصره من الاقتراب من الاراضي الاردنية.

ففي هذا الصدد الذي عكس انقسام الرأي العام الاردني وتضارب مواقفه، اصدرت جماعة الاخوان المسلمين بياناً اكدت فيه موقفها المبدأي الرافض للتدخل الاجنبي في الشأن العربي والاسلامي في كل المراحل السابقة، وانها ترفض انخراط الاردن بحلف دولي تقوده اميركا لاشعال الحروب وإثارة الفتن، لتؤكد رفضها لمنهج الغلو والتشدد وما ينتج عنه من سلوك وتصرفات تتجاوز مقاصد الدين الاسلامي الحنيف والاحكام الشرعية المستقرة في التعامل مع المواطنين وحفظ حقوقهم ورعاية عقائدهم وصيانة حرياتهم.
وقال البيان ان ما يحاك من مؤامرات تستهدف الامة في وجودها وكينونتها ومستقبلها وحق شعوبها التواقة لانعتاقها ونيل حريتها وتقرير مصيرها يشكل تحديا حقيقيا لمواجهة المشروع الصهيوني الذي يستهدف الاردن بعد ان ابتلع فلسطين وهود المقدسات ويسعى باستمرار للانقضاض على مقومات الصمود والمقاومة التي اثبتت جدارتها بديلا اصيلا وحقيقيا عن المفاوضات العبثية ومسار التفريط والتسوية.
وفي تحول لافت ومثير قالت في البيان : ولا يخفى على الجميع وبعد معركة غزة الاخيرة وفشل الكيان الصهيوني في تحقيق اهدافه أنه لم يعد قادرا على القيام بدوره الوظيفي برعاية المصالح الغربية، فان اميركا وجدت ضالتها في اعتماد المشروع الايراني شرطيا جديدا يتقاسم النفوذ والمصالح في المنطقة العربية، بدءً من لبنان الى صنعاء مرورا ب دمشق وبغداد والبحرين وبقية الخليج، حيث تمكنت ايران من ترسيخ نفوذها واختراق المنطقة تمهيدا لاعادة تقسيمها ورسم خرائطها من جديد وهذه المرة بتمويل خليجي وعسكرة عربية.
كما اعتبر المكتب السياسي لحزب الوحدة الشعبية أن انخراط الأردن في الضربات العسكرية بعد قرار المشاركة بالحلف الأمريكي لمحاربة التطرف يعرض الدولة الأردنية لمخاطر حقيقية، ويدفع الأردن لمزيد من التورط بأهداف هذا الحلف الذي تسعى الإدارة الأمريكية من خلاله الى العودة عسكرياً للمنطقة العربية، وتقسيمها الى دويلات متناحرة، واستهداف الدولة الوطنية السورية، الأمر الذي يتعارض مع المصلحة الوطنية والقومية، ويضرب مفهوم الأمن القومي العربي في الصميم.
واكد المكتب السياسي على إدانة هذا الحلف الذي يتغطى بمشاركة بعض الدول العربية، كما رفض كل أشكال التدخل الأجنبي في منطقتنا العربية تحت أي عنوان أو ذريعة، لأن من ساهم ورعى ودعم انتشار ظاهرة التطرف هو الإدارة الأمريكية وحلفاؤها، فهي التي تدعم الإرهاب الصهيوني في عدوانه المتواصل على الشعب العربي الفلسطيني.
ودعا المكتب السياسي الى بلورة موقف شعبي أردني وعربي رافض لكل النزعات المذهبية والطائفية، ومتمسك بالدولة الوطنية في مواجهة المخاطر التي يمثلها المخطط الأمريكي في المنطقة.
اما لجنة التنسيق العليا لاحزاب المعارضة الوطنية، فقد حذرت في تصريح صحفي، من مغبة التطورات الميدانية والسياسية الاخيرة المؤدية الى مخاطر الانقسام والاقتتال واعادة هيكلة المنطقة العربية برمتها على اسس دينية وطائفية.
ودعت الناطقة باسم تنسيقية الأحزاب الأردنية عبلة ابو عليه ، أمين عام حزب حشد القوى الوطنية كلها على مساحة الوطن العربي للتوحد ومجابهة مخاطر التقسيم والصراعات الدولية والاقليمية بايد محلية..لاستعادة نهوضها وفرض اجندتها الوطنية الديمقراطية بمواجهة السياسات العدوانية الخطرة ضد منطقتنا العربية.
وحذرت تنسيقية الاحزاب من الاتجاه الرسمي نحو الانضمام للاحلاف العسكرية والمحاور العربية ، حيث من شانه وضع العراقيل في وجه مشروع التحول الديمقراطي وتهيئة المناخات السياسية الداخلية لمزيد من الانقسامات على اساس الموقف من هذه المحاور.
ونبهت التنسيقية الى مسؤولية المجتمع الدولي الذي شرع ببناء تحالفات واسعة ضد الارهاب، مسؤولية اخلاقية وسياسية عن اسناد الشعب الفلسطيني في تحقيق امانيه الوطنية المشروعة في العودة وتقرير المصير والاستقلال الوطني والتحرر من ربقة الاحتلال العنصري وسياسات الارهاب المنظم التي تقودها الدولة الصهيونية.
وختمت اللجنة بالتأكيد على موقفها المبدئي حيال التصدي للتحديات والمخاطر الكبرى المحدقة بالبلاد، السياسية والاقتصادية، الداخلية منها والخارجية، معتبرة ان تحصين البيت الداخلي والشروع الجادّ في الاصلاح بكل ابعاده واستحقاقاته، من شانه ان يؤمن عوامل التماسك الداخلي الكفيلة بمواجهة الاستعصاءات، والتحديات مهما كان حجمها.
من جانبه اعرب المكتب التنفيذي لاتحاد الشيوعيين الاردنيين في تصريح صحفي عن خشيته من أنْ يكون ما سُمي باستراتيجية مواجهة ”داعش”، ليس سوى محاولة لئيمة ومخادعة للالتفاف على ”عقبات” و”عوائق” الشرعية الدولية التي حالت حتى الآن دون تمكين الإمبريالية الأميركية من العدوان بشكلٍ مباشر على سورية.
وقال اتحاد الشيوعيين ان تمادي الإدارة الأميركية تجاه مشكلات المنطقة.. مرده أن الحكومات العربية، ومنها الحكومة الأردنية، تنساق دوماً خلف الولايات المتحدة وحلفائها الأطلسيين، دونما اتعاظ مِنْ عِبَر الماضي القريب والبعيد، حيث شاعت الفوضى العارمة، ومِنْ تفكيكٍ لمؤسسات الدولة الوطنية في عددٍ من البلدان العربية، وانفجارٍ للعصبيات الطائفية والمذهبية والجهوية والقبلية على حساب الهوية الوطنية الجامعة، وانتعاشٍ غير مسبوق لأفكار التطرف والتعصب والتكفير، وتناسلٍ سرطاني لمنظماته وجماعاته.
وحذر الاتحاد من اذعان الحكومات العربية، ومنها الحكومة الأردنية، مجدداً، لضغوط الإمبريالية الأميركية وابتزازها، وانخراطها في حلفٍ غير مقدسٍ تحت شعارٍ مضللٍ يدعي ”مكافحة الإرهاب الداعشي”.. حيث تنقاد الحكومة خلف واشنطن في مشروعها المخادع لمحاربة ”داعش” متجاهلةً بشكلٍ تامّ كل معايير الشفافية وحقّ المواطن الأردنيّ، الذي تساوره مخاوف مشروعة من انتشار الفكر الإرهابيّ المتطرف وتنامي مخاطره في الداخل قبل الخارج، في معرفة الحقائق المتصلة بما يتوجب على الحكومة الأردنية القيام به جراء انضوائها في ”الائتلاف الدولي” الذي شكلته واشنطن، لتنفيذ (استراتيجية تأديب داعش).
واوضح الاتحاد أن تدريب مجموعات في بعض القواعد السعودية ، هدفه الجيش العربي السوري، وليس العناصر الإرهابية ”الداعشية” – ولا بد انه سيتم استخدام الأراضي الأردنية، كممر باتجاه الأراضي السورية، ما سيحوّل الأردن الى طرف ضالع في الأعمال العدائية الموجهة ضدّ سورية، الأمر الذي أكد شعبنا مراراً وتكراراً على رفضه وادانته له، كونه يتعارض مع مصالحه الوطنية، ويعبّر عن الخضوع لإملاءات واشنطن والانسياق لخدمة مصالحها، والاستجابة لابتزاز بعض الدول العربية التابعة.
وطالب المكتب التنفيذي لاتّحاد الشيوعيين الحكومة بمصارحة الشعب بكل ما يجري خلف كواليس الاجتماعات واللقاءات الاقليمية والدولية المعلنة وغير المعلنة، وأن تتبنى موقف الشعب الرافض لأن يكون للنظام السياسي الأردني أي دور يتجاوز حدود لجم الجماعات الإرهابية بكل مسمياتها، وليس ”داعش” فقط، وتدمير بنيتها العسكرية ومختلف أذرعها وأدواتها ووسائلها، بالتنسيق مع جميع الحكومات المعنية، وخصوصاً الحكومة السورية، وبالاستناد إلى الشرعية الدولية وقراراتها، مع ضرورة عدم تمكين أي مِنْ عناصر الإرهاب، مهما كانت مسمياتها وأقنعتها وذرائعها، مِنْ عبور الأراضي الأردنية لتواصل اقتراف جرائم القتل والتدمير في سورية، وتهديد وحدتها واستقلالها وسيادتها على كامل أراضيها.
وحذر من ان مواجهة ”داعش” ومثيلاتها، تقتضي المواجهة الجادة والدؤوبة لثقافة التكفير والتجهيل والعنف” كما أنها تقتضي التخلّص من السياسات الاقتصادية الليبرالية التي تُعتَبر أكبر مولد لبيئة الإرهاب ونزعاته.
على صعيد متصل حذر نشطاء اردنيون من مغبة مشاركة الاردن في التحالف المزعوم المناهض لداعش، والذي وجه الاسبوع الماضي ضربة جوية على تجمع المجموعات الإرهابية في الرقة.
واعتبر كثيرون على مواقع التواصل الاجتماعي تويتر وفيسبوك، أن قرار الأردن في ضرب ‘داعش’ سيُكلف الكثير ،وسيكون المواطن هو الضحية ، لافتين الى أن القرار لم يكن صائبا، موضحين أن ‘داعش’ سترد بالقوة ، وستشتعل المنطقة .
وقال مراقبون ان المعارضين لمشاركة الاردن في تحالف دولي ضد داعش ، تنطلق معارضتهم من قناعة بأن التحالف المناهض لداعش هدفه الحقيقي تبرير توجيه ضربات ضد سورية ، وان داعش في الاساس صناعة امريكية ، وان مواجهتها في الحقيقة يكون في تجفيف مصادر دعمها وضبط الحدود من أن يتسربوا عبر الحدود الاردنية الى سورية وغيرها.
وكانت ”داعش” قد وجهت تهديداً صريحاً لاوباما وللدول المشاركة بالحرب ضده ، وانه قادر على الرد بقوة ودون رحمة على كل من اعتدى على اراضي ومجاهدي الدولة الاسلامية”.
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد اعلنت أن قوات الجوية الأمريكية وقوات الحلفاء أطلقوا ساعة الصفر لبدء ضربات جوية ساحقة على حد تعبير واشنطن ، ضد مواقع ‘داعش’ داخل سورية بمشاركة عدة دول عربية ومنها الأردن.
وكانت القوات المسلحة قد وجهت ضربة جوية لمواقع بعض الجماعات الارهابية بسورية، والتي تتخذها بعض الجماعات الارهابية كمركز انطلاق لعملياتها تجاه الاراضي الاردنية .
وقال مصدر مسؤول في القيادة العامة للقوات المسلحة الاردنية انه : ”على الرغم من التحذيرات المتكررة والاجراءات الحاسمة التي اتخذتها القوات المسلحة على الحدود الشمالية والشرقية في مواجهة عمليات التسلل واطلاق النار تجاه المواقع العسكرية والتزام القوات المسلحة بمبدأ حماية الحدود على امل ان يقوم الطرف الاخر بضبط حدوده والسيطرة عليها الا انه وللاسف ازدادت محاولات خرق الحدود وبشكل كبير خلال الشهرين الماضيين ما اضطر القوات المسلحة الى الرد .
واضاف المصدر انه وفي الساعات الاولى من فجر >يوم الثلاثاء الماضي< قامت تشكيلات من طائرات سلاح الجو الملكي الاردني بتدمير عدد من الاهداف المنتخبة والتي تعود لبعض الجماعات الارهابية والتي دأبت على ارسال بعض عناصرها الارهابية لتنفيذ اعمال تخريبية داخل المملكة الاردنية الهاشمية وعادت جميع الطائرات الى قواعدها سالمة .
واوضح المصدر العسكري ان القوات المسلحة واذا ما تكررت مثل هذه المحاولات فانها لن تتردد في توجيه رسالة حاسمة لتلك الجماعات في اوكارها بان امن الحدود وسلامة المواطنين الاردنيين لن تكون محل مساومة وتهاون

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى