الاردن يقرر ضمن تحالف دولي الانخراط في الحرب على ”داعش” بالعراق

كتب ساطع الزغول

بات في حكم المقرر ان تساهم القوات المسلحة الاردنية، ضمن تحالف دولي يقوده الناتو، في القتال ضد تنظيم داعش في العراق بادئ الامر.

وعلمت ”المجد” ان الملك عبدالله قد اجتمع بصفته القائد الاعلى للقوات المسلحة، مع قادة سائر التشكيلات العسكرية، قبيل سفره مصحوباً برئيس الاركان الى بريطانيا الاسبوع الماضي، وطلب منهم الاستعداد لنشاط عسكري وشيك في مواجهة تنظيم داعش الارهابي الذي يحتل مساحات واسعة من الاراضي العراقية.
وقالت مصادر حسنة الاطلاع ”للمجد” ان الملك الذي لم يتطرق في هذا الاجتماع الى اي نشاط عسكري اردني ضد داعش في سوريا، قد تحدث مطولاً حول دواعي ومبررات الانخراط الاردني في الحرب على هذا التنظيم الارهابي، ضمن تحالف عريض يقوده حلف الناتو، وتشارك فيه عدة دول عربية تخشى من تمدد داعش الى اراضيها وتهديد امنها وسلامتها، وترى ان مشاركتها الآخرين في توجيه ضربات وقائية له في معاقله الحالية افضل كثيراً من انتظار تمدده داخل حدودها، والتصدي له انفرادياً.
واعربت هذه المصادر عن قناعتها – استراتيجياً- بان نجاح هذا التحالف الدولي الذي عكفت الادارة الامريكية على تشكيله مؤخراً، في قصم ظهر داعش على الاراضي العراقية سوف يقود بالضرورة الى ضربه فوق الارض السورية، غير ان الخلاف ما زال قائماً بين فريقين داخل هذا التحالف حول التنسيق بهذا الخصوص مع النظام السوري او العمل بمعزل عنه، وفق ما ترتأي فرنسا.
واكدت هذه المصادر ان الاردن يتمتع بحضور شعبي كبير في محافظة الانبار العراقية، ويحظى بثقة واحترام اغلب رجال الدين وشيوخ العشائر هناك، وهو ما يشكل ارضية ملائمة للقوات الاردنية المجوقلة في حال اضطرارها للتقدم والتموضع هناك لدواعي الاشتباك مع عصابات داعش الارهابية.
وكان رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون قد اعلن عن توظيف خبرات حلف ”الناتو” في تدريب وتعزيز القوات المسلحة الاردنية بالاضافة الى القوات العراقية بمجرد ان تتشكل حكومة جديدة لمواجهة الجماعات الارهابية، مشيرا الى ان ذلك سوف يكون بمثابة الخطوات الاولى لتنفيذ التزام طويل الامد ”لمساعدة اصدقائنا وحلفائنا حول العالم”.
وقال كاميرون في كلمة أمام قمة حلف الناتو فى ويلز يوم الجمعة الماضي، أن تهديدات الجماعة الإرهابية وفى مقدمتها تنظيم ”داعش ” لن تزيد دول حلف شمال الاطلسى ”الناتو” سوى تصميما وعزيمة على مواجهتها والحاق الهزيمة بها وطالب بتشكيل قوة انتشار سريع متعددة الجنسيات للوصول الى مناطق الصراع ومواجهة التهديدات الارهابية التى تتعرض لها دول الحلف بهدف توفير الامن والاستقرار لشعوب اعضائه.
ومن جانبه صرح نائب مستشارة الأمن القومي الأمريكية بن رودس بأن الرئيس باراك أوباما قد التقى الملك عبد الله، على هامش أعمال قمة (الناتو) في ويلز ببريطانيا.
وأوضح المسؤول الأمريكي، في تصريحات للصحفيين، أن اللقاء تركز على بحث التهديدات التي يمثلها تنظيم داعش وسبل مواصلة دعم الأردن في التعامل مع التحديات الأمنية التي يواجهها.
وكان الأردن قد عزز في وقت سابق قواته العسكرية على طول الحدود مع العراق وسورية بهدف مواجهة أي خطر من قبل التنظيم الذي أعلن مؤخراً أن الأردن ستكون جزءا من ‘الدولة الإسلامية’ في المستقبل.
وكان مسؤولون أمريكيون، قد اعلنوا يوم الجمعة الماضي، تشكيل نواة لتحالف من 10 دول للتصدي لتنظيم داعش، الذي ينشط في العراق وسوريا.
وقال وزير الدفاع الأمريكي تشارك هيغل: ان ”مجموعة من 10 دول ستشكل نواة هذا التحالف، ثم يمكن بعد ذلك توسيع هذا التحالف”.
والدول العشرة التي تحدث عنها هيغل، والتي شاركت في الاجتماع الذي حضره أيضا وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، هي: الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، وكندا، وأستراليا، وتركيا، وإيطاليا، وبولندا، والدنمرك.
من جانبه، عبر كيري عن أمله في ان يتمكن هذا التحالف من وضع ”خطة شاملة” لمحاربة تنظيم داعش قبل اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك هذا الشهر.
وقال بيان مشترك لكل من كيري وهيغل عقب الاجتماع الدولي الذي انعقد في بريطانيا : لقد تم الاتفاق، على أنه لا يوجد وقت لإضاعته في بناء تحالف دولي واسع ليدمر وينهي التهديد الذي يمثله تنظيم داعش.
البيان، الذي نشره موقع وزارة الخارجية الأمريكية أوضح هدف التحالف، قائلا: ”سوف نقوم بتدمير قدرات تنظيم الدولة، والتأكد من أنه لم يعد يهدد العراق والمنطقة والعالم”.
وأوضح البيان أنه ”تم الاتفاق على تشكيل قوة متعددة الجنسيات، تكون مهمتها تبادل المزيد من المعلومات حول تدفق المقاتلين الاجانب إلى سوريا ومن سوريا إلى العراق؛ لما يمثله هؤلاء المقاتلين من تهديد حاد للحلفاء في ناتو”.
وأشار إلى أنه سيتم خلال الأيام المقبلة مواصلة النقاش مع الشركاء في المنطقة، الذين لديهم دور هام، مضيفاً أن ”هذا الجهد سيكون محور اهتمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في وقت لاحق من الشهر الجاري”.
هذا وقد اثار قرار المشاركة الاردنية في الحرب على داعش جدلاً واسعاً وتبايناً في الاراء ما بين مؤيد ومعارض، حيث تبدى ذلك جلياً في المذكرة النيابية التي حملت توقيع 21 نائباً، وتبناها النائب خليل عطية، والتي طالبت الحكومة بعدم الاشتراك مع اي طرف يريد ان يزج الاردن في تلك الحرب تحت شعار القضاء على تنظيم داعش في العراق.
وقال النواب في مذكرتهم : ”.. اننا نطالب الحكومة بعدم التنسيق مع اي طرف بهذا الخصوص، اخذين بعين الاعتبار ان الحرب التي تشن ليست حربنا، منوهين انه يوجد لهذا التنظيم متعاطفون”، و”نرفض بشكل قاطع اي اسهام اردني في معركة ليست معركتنا”، قائلين : ”ان كل جهة عليها قلع شوكها بيديها”.
ووقع على المذكرة النواب.. خليل عطية، وقصي الدميسي، وياسين بني ياسين، وعبدالجليل العبادي، ومحمد هديب، وعلي السنيد، وعبد المجيد الاقطش، وعساف الشوبكي، ونعايم العجارمة، ومريم اللوزي، ومحمود الخرابشة، وعبدالله عبيدات، وفاتن خليفات، ووصفي الزيود، وعوض كريشان، وسمير عويس، وتامر بينو، ومحمد الظهراوي، ونايف الليمون، ووفاء بني مصطفى، وامجد آل خطاب.
وقد برر مراقبون توقيع هذه المذكرة النيابية بالقول : ان ما دفع النواب الى توقيع هذه المذكرة هو مخاوف من وجود انصار للتنظيم على الاراضي الاردنية، مشيرين الى ان قراءات محلية كشفت عن تأييد عدد كبير من اتباع التيار السلفي والمقدرة اعدادهم بنحو تسعة آلاف مقاتل للتنظيم.
اما النائب عطية، فقال في تصريحات صحفية، ان ما دفع النواب الى توقيع هذه المذكرة هو وجود ”ضغوطات على الاردن للاشتراك في حلف دولي يخوض حرباً على داعش.. هي ليست حربنا، وقلت في المذكرة كل يخلع شوكه بيديه.. لدينا جيش قادر على حماية حدودنا”.
ورأي عطية في تصريحاته ان الاردن ليست دولة مفككة على غرار العراق التي اخترقتها التنظيمات المتطرفة، معتبراً ان ربط الموقف الاردني بمساعدات مالية من الخارج ليس مقبولاً، في الوقت الذي تحملت فيه البلاد على مدار ثلاث سنوات تداعيات اللجوء السوري.
اما مؤيدو هذه المشاركة فيقولون انها ستكون مشاركة ايجابية كونها ستحقق للاردن الامن والامان من جهة، والعون المالي الذي ستقدمه عدة دول وجهات خليجية واجنبية من جهة اخرى، مشيرين الى ان سياسة النأي بالنفس لن تمنع القوى الارهابية من محاولة العبث بالامن والاضرار بالناس والممتلكات شأن ما حدث عام 2005، وبالتالي فان التصدي المسبق لعصابات الارهاب ضمن تحالف دولي، اجدى وافضل للاردن من الوقوف بانتظار وصول الشر والارهاب الى حدوده، لان خير وسيلة للدفاع هي الهجوم.
وفي هذا السياق نسبت صحيفة الحياة اللندنية تصريحا لوزير أردني لم تكشف عن هويته قال فيه أن الحكومة قد شكلت خلية أزمات برئاسة عبدالله النسور لمواجهة التهديدات المحتملة من قبل تنظيم داعش .
ونقلت الصحيفة تأكيد الوزير أن مجلس السياسات الذي يرأسه الملك ” قد اختار الأسبوع الماضي رئيس الوزراء عبد لله النسور لترؤس الخلية التي تمثلت فيها كل المؤسسات السياسية والأمنية”. وقال إن ”الخلية ستعكف على تحديث وإعادة صياغة الاستراتيجيات الخاصة بمكافحة الإرهاب والفكر المتشدد”. وأضاف: ”ستوضع أسس فاعلة للتعامل مع البؤر التي يشتبه في إنتاجها التيارات المتطرفة، ومواجهتها سياسياً وأمنياً واجتماعياً وحتى فكريا”.
واعتبر الوزير أن ”تعاظم نفوذ التيارات الجهادية في المنطقة يشكّل دافعاً رئيسياً لتشكيل الخلية، وأن الدولة ستتخذ الخطوات كافة لمراقبة التيارات المتشددة وتحصين نفسها ضد التفكير المتطرف”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى