في تحذيرات اطلقها باحث ايطالي ..الاخوان المسلمون اخطر على الغرب من الجماعات الجهادية

اعرب باحث اكاديمي ايطالي في شؤون الحركات الاسلامية عن قناعته بان الفكر الجهادي ليس اخطر على اوروبا من الدهاء الاخواني.

ففي كتابه عن انتشار الإسلاموية (أو الإسلام السياسي) في أوروبا يتحدث لورونسو فيدينو وهو (أكاديمي وخبير أمن ايطالي متخصص في الإسلاموية والعنف السياسي في أوروبا) عن الإسلاموية باعتبارها ”حركة سياسية شديدة التنوع ودائمة التطور”، وهو يقسم الإسلاميين إلى ثلاثة أصناف أساسية هي: الرافضون العنيفون (أو الجهاديون)، والرافضون غير العنيفين، والتشاركيون.
ويختلف كل مكون من مكونات الإسلام السياسي هذه، عن غيره في الحضور والهيكلة وطريقة العمل، ومن ثم يمثل كل منها نوعا مختلفا من التحديات أمام القارة الأوروبية، التي أصبحت أخيرا تهتمّ بخطر ”الجهادية” وشرعت في صنع حلول جديدة لاحتوائها.
وقد نتج ذلك بالخصوص عن توجّه المئات من الجهاديين الذين ترعرعوا في أوروبا للقتال في سوريا، وخطر التشدّد الذي سيعودون به إلى الديار، إن نجوا من الحرب. لكن في ما يتعلّق بالنوعين الأخيرين من الحركة الإسلامية، فمازال فهم الأوروبيين لهما محدودا.
ويقول الباحث فيدينو إن الرافضين العنيفين، وعادة ما يوصفون بالجهاديين، هم أفراد وشبكات كثيرا ما يكونون مرتبطين بالقاعدة أو هم يستلهمون من فكرها، وهم يرفضون المشاركة في المنظومة الديمقراطية ويستعملون العنف لخدمة أهدافهم. وعادة ما يكونون المستهدف الرئيس، إن لم يكن الوحيد، من قبل البرامج الأوروبية المقاومة للتطرف.
أمّا الرافضون غير العنيفين، فهُم أفراد وجماعات (مثل السلفيين وحزب التحرير) يرفضون صراحة شرعية أيّ نظام حكم لا يعتمد على الشريعة الإسلامية، لكنهم لا يدعون بشكل صريح إلى استخدام العنف لخدمة أهدافهم. حيث تدعو السلفية إلى العودة إلى العصر الذهبي الإسلامي عن طريق الرجوع إلى المصادر المحضة المتمثلة في القرآن والسنة فحسب، أما حزب التحرير فهو يهدف رسميا إلى نشر فكره ومعارضة الأمر الواقع دون النزوع إلى العنف.
أمّا الإخوان المسلمون وغيرهم من الحركات الإسلامية التشاركية، حسب نظرة فيدينو، فهي موجودة في قاعدة الهرم الإسلامي الواسعة في أوروبا، إذ يمثل هذا الصنف الجزء الأكبر عددا.
والتشاركيون هم أفراد وجماعات يدعون إلى التفاعل مع المجتمع الواسع سواء على المستوى الصغير من خلال النشاط القاعدي، أو على المستوى الكبير من خلال المشاركة في الحياة العامة والمسار الديمقراطي.
ويلاحظ الباحث أنه على عكس الرافضين، فقد اتخذت هذه المنظمات قرارا واعيا بتجنب المواجهات غير الضرورية ولجأوا عوضا عن ذلك إلى انتهاج سياسة ذكية ومرنة للدخول إلى المؤسسة الأوروبية والانخراط فيها.
وفي ذات السياق والمنهج الذي يسير عليه فيدينو في بحثه هذا، هناك استعراض للخطوط العريضة لهذا الدور الذي تسعى الجماعة للاضطلاع به في كتاب الداعية الإخواني يوسف القرضاوي في كتابه ”أولويات الحركة الإسلامية في المرحلة القادمة”، الذي صدر في سنة 1990، حيث خصص القرضاوي قسما كبيرا من كتابه لحضور الأقليات المسلمة في البلدان الغربية، والفرصة غير المسبوقة لما يمكن أن تمثله هذه الظاهرة للحركة الإسلامية في توجيه عقول المهاجرين المسلمين في بلاد الغرب وتشكيلها.
ولتحقيق هذا الهدف يدعو القرضاوي إلى خلق شبكة من المراكز الإسلامية ومجموعات التفكير والمجلات والمساجد والمؤتمرات لكي تتمكن الحركة الإسلامية من نشر قراءتها المسيسة للإسلام بين مسلمي البلدان الغربية.
وفي ذات الوقت يدعو إلى الاعتدال والتفتح النسبيين عند التعامل مع غير المسلمين، فالمواجهة على الأقل في هذه المراحل لا تؤدي إلا إلى الإضرار بالحركة، في حين أن إظهار الوجه المعتدل سيمكن الإخوان من العمل ”تحت شاشة الرادار”.
أمّا الهدف الثاني الذي تجمع عليه كلّ المنظمات الإخوانية في أوروبا، حسب فيدينو، فهو تعيين ممثلين للجالية المسلمة يمثلون بلدانهم سواء بشكل رسمي أو بحكم الواقع وكونها هي الشريك المفضل، إن لم يكن الحصري، للحكومات والنخب الأوروبية، من شأن ذلك أن يخدم أهدافا متعددة، أوّلها المساهمة الإيجابية في مستقبل المجتمع الأوروبي، إذ يقدم الإخوان أنفسهم كقوة معتدلة تشجع المسلمين على الاندماج في المجتمع ونشر المبادئ الإسلامية الّتي ستعود في النهاية بالفائدة على الجميع.
عن طريق بناء هذه العلاقة يهدف الإخوان المسلمون في الحقيقة، بحسب فيدينو، إلى كسب ثقة الحكومات الأوروبية في إدارة كلّ مظاهر حياة المسلمين في كل بلد.
والغاية المثلى هي أن يصبحوا مكلفين من قبل الحكومات بإعداد البرامج الدراسية، واختيار مدرسي التربية الإسلامية في المدارس العمومية، وكذلك تعيين الأئمة في المؤسسات العامة مثل الجيش أوالشرطة أو السجون، بالإضافة إلى الحصول على دعم مالي حكومي من أجل القيام بمختلف الخدمات الاجتماعية.
هذا ”الدهاء الإخواني” يحيل إلى فضيحة مدارس برمينغهام، التي فجرتها وثيقة سرية تم تسريبها وتتضمن خطة بعنوان ”عملية حصان طروادة”، تعكس بشكل واضح جدا نظرة القرضاوي لانتشار الحركة الإسلامية في الغرب، وتمثّل نموذجا للاستراتيجية التشاركية.
فبموجب هذه الخطة تم اختراق المؤسسات التعليمية بشكل تدريجي بغاية الاستيلاء عليها، طبعا حصل ذلك دون اندلاع العنف، فالسر يكمن في الضغط (المكثّف) . هذا هو الوجه غير العنيف للإسلام، لكن خلق ثقافة الخوف والترهيب في المدارس، وتهميش المعلمين أو إقصائهم من عملهم، وجعل أطفال في مدرسة غير دينية يتغنون بنشيد معادٍ للمسيحية، وإلغاء نشاط مسيحي عادي، كلّ هذه الممارسات، يمكن اعتبارها ”عنفا متخفيا” كذلك.
فالإسلام السياسي بصدد توسيع مجاله تدريجيا على ايدي الاخوان المسلمين عبر جعل التعبيرات الإسلامية المعتدلة أكثر اعتدالاً من جهة، وعبر انتشار المساجد والاستيلاء على التقاليد والمؤسسات في البلدان الغربية، من جهة أخرى. وحتى الأحداث العنيفة فهي تعدّ مجدية في ظلّ هذه الاستراتيجية، إذ أنّ أحداث العنف الجسدي القليلة، تعطي جماعة الاخوان فرصة التضامن مع الحكومة ضدّ هؤلاء ”الأشرار” في الوقت الذي يدّعون فيه أنهم هم ”الأخيار”، والنتيجة هي حلقة مفرغة من سياسات التهدئة التي تنتهجها السلطات المحلية مما يضاعف انتشار الإسلام السياسي، ويسبب للسكان من غير المسلمين، شعورا يمينيا متطرفا غير مرحب به في المجتمع.
بناء على ما تقدم، وجدت الحكومات الغربية نفسها مجبرة أن تفكر جيدا في الحدود التي يجب وضعها في ما يتعلق بتمظهر الإسلام السياسي. حيث أنّ ثقافة ”التهدئة” تجعل مواطني البلدان الغربية عرضة لتلاعب الإسلاميين عموماً، والاخوان المسلمين بشكل خاص

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى