الحركة الاسلامية تركب الموجة لغرض استعادة شعبيتها وحشر اهل الحكم في الزاوية الحرجة
لاحظ المواطنون اختلاف المواقف حيال العدوان الهمجي الصهيوني على قطاع غزة بين الاردن الرسمي الذي قابل هذا العدوان بمواقف باهتة وسلبية وتبريرية، وبين الاردن الشعبي الذي استشعر معاناة وآلام الاشقاء في غزة، وعبر عن ذلك بالمظاهرات والاحتجاجات وجمع التبرعات.
حكومة النسور غطت موقفها الذي لم يرق الى المستوى المطلوب بتصريحات ذرائعية من بينها حرصها على بقاء السفير الاردني في تل ابيب من اجل ايصال المساعدات للغزيين وغيرهم من الفلسطينيين المتضررين من الاجرام الاسرائيلي، والعمل على حماية القدس من كيد الكائدين، واستمرار الولاية على الاماكن المقدسة.
مقابل ذلك حاولت الحركة الاسلامية احراج الاردن الرسمي من خلال ركوب موجة العدوان لاستعادة شعبيتها ووحدة صفوفها وقيادتها للشارع بعد ان انحسر وجودها وتراجع طيلة اكثر من عام مضى، جراء ما وقع للاخوان المسلمين في مصر وغيرها من الاقطار العربية.
وقد لاحظ المراقبون السياسيون والاعلاميون ان موجات الغضب التي فجرها هذا العدوان، ليس على الصعيد الشعبي العربي فحسب بل العالمي ايضاً قد جاءت في الوقت المناسب تماماً بالنسبة للأخوان الذين تراجعت شعبيّتهم بشكل لافت في الفترة الأخيرة.
الأخوان وجدوا في هذا المتغيّر ما يستوجب العودة إلى البوصلة التي طالما شكّلت ركيزة التنظيم الأساسيّة في استقطاب الشارع: القضيّة الفلسطينيّة. وفي الأردن نشطت الحركة الإسلاميّة تحت عنوان فلسطين والمقاومة، مهتبلة الحالة الشعبيّة الرافضة للعدوان الصهيوني والمنسجمة تماماً مع خطاب الكفاح المسلّح، باعتباره اللبنة الأساسيّة للمقاومة والتحرير.
التطوّر اللافت الذي شهدته الساحة الأردنيّة يتلخّص بعودة الحراك السياسي لفرض نفسه على المشهد تحت شعار المقاومة الفلسطينيّة، بعد انحساره في الآونة الأخيرة مقابل تصاعد الحراك الاجتماعي المطلبي، فالشعارات السياسيّة عادت إلى فرض نفسها على المشهد المحلّي، شعارات ومطالب مرتبطة بمستقبل الأردن الذي لا يمكن فصله عن القضيّة الفلسطينيّة، وقد وجدت الحركة الإسلاميّة في هذه التطوّرات ما يمكّنها من العودة إلى الشارع تحت عنوان >التضامن مع غزّة< مقابل احراج الحكومة ودوائرها واظهارها بمظهر التراخي ورفع العتب واللامبالاة.
وفي سياق التباين الملحوظ بين الموقفين الشعبي والرسمي اعتبرت الهيئة الشعبية للدفاع عن المسجد الاقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية، ان تصريحات رئيس الوزراء د. عبد الله النسور، شكلت إهانة للمسجد الأقصى ومغالطة تاريخية وسياسية، >واستخداماً مبتذلاً لا نقبله للمسؤولية الدينية والأخلاقية الأردنية الهاشمية<، وطلبت اليه تقديم اعتذار .
وقالت الهيئة في بيان لها ان تصريحات رئيس الوزراء حول العلاقة مع اسرائيل هي مجرد استخدام سياسي لأحد أقدس المقدسات وندعوه للاعتذار عنها.
وقالت ، انها تفاجأت كما كل الأردنيين من التصريحات الغريبة التي أطلقها د. النسور والتي حاول فيها إضفاء صفة الشرعية على استمرار العلاقات الدبلوماسية بين الأردن والكيان الصهيوني في ظل العدوان على غزة باسم المسجد الأقصى المبارك.
وفندت الهيئة في بيانها تصريحات النسور بالتأكيد على أن المسجد الأقصى المبارك هو آية في كتاب الله وأول قبلة للمسلمين في هذه الأرض وثاني مسجد وضع فيها، وثالث المساجد التي تشد إليها الرحال، وهو منتهى الإسراء ومبتدأ المعراج، ولا يحق لأحد كائناً من كان أن يضعه في موضع الاستخدام السياسي المبتذل ليغطي به عجزه، أو يبرر به سياساته، كما رفضت استخدام الدور الهاشمي لتبرير خيارات سياسية خاطئة، حيث يشكل هذا الاستخدام إهانة له وإساءة لهذه المسؤولية الدينية والأخلاقية.
وقد شددت الهيئة الشعبية في بيانها على ان الدور الهاشمي تجاه القدس ومقدساتها سابق على معاهدة وادي عربة وليس بحاجة لتوقيع معاهدة وادي عربة المشؤومة، وسفراء وعلاقات تطبيع.
وعلى صعيد ذي صلة اقيمت العديد من الفعاليات والمهرجانات والاعتصامات والمسيرات في عمان ومختلف المحافظات، وعملت لجان التنسيق الوطنية تنسيق الجهود الشعبية والحزبية والنقابية انتصارا للشعب العربي الفلسطيني ومقاومته الباسلة في غزة المحاصرة والضفة المحتلة .
فقد اقام ائتلاف الأحزاب القومية واليسارية مسيرة تضامن مع الشعب العربي الفلسطيني ومقاومته الباسلة في غزة انطلقت من امام مقر مجمع النقابات المهنية في الشميساني حتى مقر رئاسة الحكومة عند الدوار الرابع .. اكد فيها الإئتلاف والشخصيات الوطنية المشاركة في المسيرة ، دعمهم لنضال الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة بكل الوانها السياسية ، بمواجهة الحرب الهمجية النازية الفاشية ضد المدنيين الفلسطينيين من اطفال ونساء ومسنين ومرضى وضد مؤسسسات الشعب الفاسطيني المدنية ووكالة الغوث والبنى التحتية من مدارس ومستشفيات ودور عبادة ومراكز طبية وسيارات اسعاف ومنازل واسواق .
وهتف المشاركون في المسيرة ضد الصهيونية واسرائيل وأمريكا والاتحاد الأوروبي المتواطيء مع تل ابيب ، وضد النظام العربي الرسمي والدول العميلة وتركيا، وطالبوا بالغاء معاهدات الذل (وادي عربة وكامب ديفيد واوسلو) وبطرد السفير الإسرائيلي واستدعاء السفير الاردني واغلاق السفارة الإسرائيلية.
وطالب المشاركون في الفعالية بتلبية شروط المقاومة وعدم القبول بهدنه أو توقيع اي اتفاق دون تلبيتها كافة واعتبار السلاح هو القول الفيصل في الصراع مع العدو الصهيوني .
كما نظمت اللجنة الشعبية لدعم فلسطين ونهج المقاومة في مخيم البقعة مسيرة بعد صلاة ظهر يوم الجمعة الماضي، حضرها الالاف من المواطنين والفعاليات الشبابية والشعبية، انتصارا للمقاومة الفلسطينية .
وهتفت الجماهير التي اكدت على حق العودة بسقوط النهج الصهيوني المهيمن على القرار الرسمي العربي انظمة وحكومات، و أدانت العار العربي وليس الصمت فحسب تجاه ما يجري في غزة الصمود من مجازر .
وفي مرج الحمام جنوب غرب العاصمة عمان ، نظم تجمع اهالي المرج مساء الخميس الماضي مهرجانا تضامنيا لنصرة غزة شارك فيه مختلف الفعاليات الشبابية والشعبية في مرج الحمام.
وتحدث في المهرجان نضال العبادي والدكتور امجد قورشة والشاعر ايمن العتوم حيث اكدوا انتصار المشاركين للاهل في غزة و استنكارا للمجازر الصهيونية التي ارتكبت بحق الاطفال والنساء والمسنين .
ودعا المتحدثون في الفعالية التي شارك فيها النائب فواز النهار والنائب لطفي الديرباني وجمع غفير من اهالي مرج الحمام الى وقفة حقيقية مع الاهل لدعم صمودهم البطولي في وجه العدوان الصهيوني الذي فشل في حربه ضد الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة وتكسرت اسطورة الجيش الذي لا يقهر.
كما دعوا الى حملة لجمع التبرعات لدعم الاهل في غزة لتعزيز صمودهم في وجه العدوان الصهيوني الغاشم والوحشي ولارسالها لاسر الشهداء والجرحى ومساعدة المتضررين مبينين ان الدفاع عن فلسطين هو دفاع عن الاردن مستنكرين الصمت العربي على العدوان الصهيوني الذي ادى الى استشهاد ما يقارب من 2000 شهيد و10000 جريح من الابرياء في القطاع .
على صعيد ذي صلة اوصى المشاركون في ملتقى الفعاليات النقابية والحزبية لنصرة الاشقاء في قطاع غزة الذي دعت اليه النقابات المهنية يوم الخميس الماضي، في مجمع النقابات ، بضرورة تكثيف الجهود الرسمية والشعبية لدعم ابناء قطاع غزة ومساعدتهم والتخفيف عنهم بعد تعرضهم للعدوان الاسرائيلي الغاشم ، والبحث عن اليات محددة واضحة تؤمن ادامة وايصال المساعدات العينية والطبية والمالية التي يقدمها الشعب الاردني لاشقائة في غزة.
وعلى ذات الصعيد اتفق المشاركون في اجتماع للأحزاب السياسية المعارضة والنقابات المهْنية الاردنية ، على تشكيل لجنة تنسيق مشتركة ، بهدف توحيد جهود الاغاثة وتنظيمها والبحث عن الوسائل المعززة لصمود الاهل في غزة ، عبر توثيق جرائم المحتل في كافة وسائل الاعلام واقامة المعارض ،خصوصا وان هناك حقائق مؤلمة تتكشف يوما بعد يوم على الارض وان النسبة الكبيرة من الشهداء والجرحى هم من الاطفال والنساء والشيوخ ، كما انه تم استهداف البيوت الامنة والمستشفيات والمراكز الصحية والمدارس وهذه تعتبر جرائم اخلاق بكل الاعراف. كما تداعى مهنيون قوميون اردنيون لتأسيس إطار جامع لدعم مقاومة الشعب الفلسطيني.
من جانب آخر اقيم مهرجان تضامني يوم الجمعة الماضي في الجبل الابيض في مدينة الزرقاء بمشاركة رئيس مجلس النواب المهندس عاطف الطراونة ، كما اعتصم الصحفيون الاردنيون امام مقر نقابتهم في العاصمة عمان تضامناً مع الاهل في غزة.
هذه الهبة الشعبية والنقابية والحزبية الاردنية، قابلها موقف متخاذل لكل من بلديتي عمان واربد حيث طمست امانة عمان الكبرى علم الكيان الصهيوني المرسوم على ارضية الشارع المجاور للمهرجان الذي أقيم في الساحة المجاورة لدوار المشاغل في منطقة طبربور ، من أجل ”نصرة غزة”، كما طمست بلدية اربد علماً للكيان الصهيوني رسم على ارضية احد الشوارع.
اما فيما يخص محاولة الحركة الاسلامية ركوب موجة المقاومة الفلسطينية الباسلة للعدوان الصهيوني على غزة، فقد حشدت الحركة يوم الجمعة الماضي اقصى ما تستطيع حشده لاقامة مهرجان شعبي واسع في عمان تحت عنوان ”غزة تنتصر”، وحاولت التماهي فيه مع حركة حماس وكتائب عز الدين القسام من حيث اللباس والشعارات والهتافات.
وقد افتتح هذا المهرجان الشيخ همام سعيد، المراقب العام لجماعة الاخوان المسلمين، وقال ”اليوم أصبحنا أسياداً بعد عصور من الحرمان والهوان”، لافتاً إلى أن أهل الأردن باتوا يشربون من نهر نصر غزة في تضامنهم الكبير مع قضيتهم، وموضحاً أن الذين ضربوا ”إسرائيل” من كل مكان من فلسطين قادرون عملياً على تحرير القدس.
وعبّر سعيد عن استغرابه أمام تضامن ”أمم الشرق والغرب” التي تعاطفت مع غزة، في الوقت الذي اتخذ بعض المتهافتين العرب موقفاً يدعم ”اسرائيل”، مشيراً إلى أن الحرب الاخيرة قد كشفت سوءات ”الأعراب” الذين ناصروا العدو ضد الضحايا في غزة.
ثم تساءل همام سعيد عن جهود دوائر الحكم الاردنية بصفتها المسؤولة عن الضفة والمسجد الأقصى، وقال سعيد ”لم نر رجولة الحكومة تثور امام حدث غزة”، لافتاً إلى تلك الفجوة البائنة بين الحراك الشعبي المتضامن مع غزة والموقف الرسمي الضعيف، كما تساءل سعيد قائلاً : ”أليس قتل الأطفال في غزة وعسقلان كافياً لطرد السفير من عمان؟” مشيراً إلى صوت الجماهير التي دعت إلى إلغاء معاهدة ”وادي عربة” وإغلاق السفارة وطرد السفير الصهيوني من عمان، وختم مطالباً بإطلاق سراح الدقامسة، الذي عبّر عن انتمائه لعروبته في وجه الصهاينة.
اما الدكتور أحمد نوفل، أستاذ التفسير في الجامعة الأردنية، فقال في كلمة مقتضبة له، بأن غزة انتصرت، داعياً الحضور لأن يقولوا ذلك بالفم الملآن”، كما توجّه بالتحية والإكبار لعشائر بني عبّاد التي خرجت في مسيرة مشهرة أسلحتها، معتبراً أنها استنت سنة حسنة للأردنيين.
وأشار نوفل إلى أن تحرير فلسطين لا يكون إلا بالجهاد، لافتاً إلى سنة الله في التغيير حيث التدرج في فارق أداء رجال المقاومة بين معارك سابقة والمعركة الحالية.
اما مشير المصري، الناطق باسم حركة حماس فقد حيا، في كلمة مسجلة من غزة، الشعب الأردني على مواقفه الداعمة للشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان الاسرائيلي المجرم.
وقال: ”آلمنا العدو.. فقد كنا نعمل ليل نهار بعقول مبتكرة فداء غزة ومستقبل فلسطين، فصواريخنا ضربت في العمق الفلسطيني، فارعبتهم وزلزلتهم في كل مكان ؟؟ كانت طائرات الاستطلاع الخاصة بنا تراقب وهذه سابقة، وفي تطور غير مسبوق ايضاً دخلنا البحر لنوجه رسالة أننا آتون بحراً وجواً، من كل حدب وصوب لنحقق (ان كنتم تألمون فانهم يألمون كما تألمون).
ولفت مشير المصري إلى أن المقاومة وحدت الشعب الفلسطيني، فحتى أولئك الذين لم يكونوا يؤمنون بخيار المقاومة خلعوا القبعة احتراماً لها، موضحاً أن وحدة الدم والمصير سبب قوة المجاهدين والمقاومة، مشيراً إلى أنه وبالرغم من تآمر بعض العرب إلا أننا كنا ندرك أن النصر حليفٌ لنا، فنحن الأقوى بعقيدتنا منذ اللحظة الأولى للمعركة لأننا على طريق ربنا”.
وبيّن المصري أنه وبالرغم من مقومات المقاومة المحدودة في ظل حصار دولي مطبق، إلا أن ذلك كان محفزاً لنا لنحفر انفاقا باظافرنا نرهب بها عدو الله، مؤكداً بأن غزة بمجاهديها كبّدت العدو خسائر جسيمة بمئات القتلى والجرحى، مضيفاً بأن قوة المجاهدين واستعداداتهم أذهلت العدو الصهيوني.
وفجّر المصري مفاجأة عندما أعلن بأن كتائب القسّام تتطلع للإفراج عن الأسرى الأردنيين ضمن ”صفقة وفاء الأحرار 2 ” التي سيُبادَل بها الجندي الصهيوني ”شاؤول آرون” الذي أسرهُ المجاهدون في ساحة القتال والمعركة