نظراً لأهمية فلسطين التاريخية والدينية، وموقعها الاستراتيجي الهام، وقربها من أوروبا، ونظراً للثروات الطبيعية الهائلة من النفط والغاز وغيرها في الوطن العربي والأطماع الأوروبية فيها، وعداء الغرب للعروبة والإسلام قرر الاستعمار البريطاني إقامة إسرائيل في فلسطين (قلب الوطن العربي) كنقطة ارتكاز وانطلاق للتحكم بالمنطقة العربية وثرواتها، والعمل على تجزئتها والمحافظة على تخلقها والحيلولة دون وحدتها وتطورها ونهب ثرواتها وتفتيتها ومسح شعوبها.
كان تيودور هرتسل مؤسس الحركة الصهيونية عام 1897 أول من طالب «بإقامة كومنولث شرق أوسطي يكون فيه لدولة اليهود شأن قيادي فاعل ودور اقتصادي قائد وتكون المركز لجلب الاستثمارات والبحث العلمي والخبرة الفنية” وبالتالي يتخلّص الأوروبيون من اليهود في أوروبا لحل المسألة اليهودية ويشكّلون في الوقت نفسه حصناً لأوروبا في الشرق العربي الإسلامي معادياً لشعوب المنطقة لنهب ثرواتها وحليفاً استراتيجياً للدول الغربية».
لقد أبرز ضابط البحرية البريطاني الفرد ماهان مصطلح الشرط الأوسط في كتاب نشره عام 1903، وصدر في عام 1907 تقرير كامبل بنرمان وزير المستعمرات البريطاني والذي وضعه مؤتمر عقدته مجموعة من علماء التاريخ والسياسة والاقتصاد بمشاركة عدد من السياسيين الأوروبيين وتناول الوضع في الوطن العربي وجاء فيه:
«يكمن الخطر على الغرب في البحر الأبيض المتوسط لكونه همزة وصل بين الشرق والغرب ويعيش في شواطئه الجنوبية والشرقية شعب واحد تتوافر له وحدة التاريخ واللغة والجغرافيا، فضلاً عن نزعاته الثورية وثرواته الطبيعية»، وأكدتقريركامبل أنه ستحل في الإمبراطوريات الأوروبية الضربة القاضية إذا انتشر التعليم والثقافة في المنطقة لذلك يجب منع تحقيق وحدته وتقدمه عن طريق العمل على تجهيل شعوبها و:
أولاً: إقامة حاجز بشري غريب وقوي مانع يفصل بلدان المشرق عن بلدان المغرب العربي وإقامة قوة قريبة من قناة السويس عدوة لشعب المنطقة وصديقة للدول الأوروبية.
ثانياً: العمل على تفتيته إلى دول وكيانات طائفية ومذهبية وعرقية متعددة.
بدأت الصهيونية العالمية منذ1897تعمل على إقامة «إسرائيل» في فلسطين وتعميم مصطلح الشرق الأوسط بديلاً للوطن العربي والشعب والأمة الواحدة لموقعه الاستراتيجي الهام وثرواته الطبيعية الهائلة.
واحتل الوطن العربي مكانة هامة في التنافس الاستعماري بين بريطانيا وفرنسا، كما ظهر في لندن عام 1909 كتاب بعنوان «مشاكل الشرق الأوسط» لمؤلفه هاملتون وضح فيه أهمية المنطقة لأوروبا والعالم، وطالب بضرورة السيطرة عليها، وأعلنت بريطانيا عام 1911 عن إدارة خاصة للشرق الأوسط تشرف على شؤون فلسطين وشرق الأردن والعراق.
كانت برلين آنذاك مقر الحركة الصهيونية وكانت اللغة الألمانية هي اللغة الرسمية في المؤتمرات الصهيونية وتعهدت الصهيونية بخدمة المصالح الألمانية في الشرق إذا تعهدت ألمانيا بدعم الهجرة اليهودية لدى حليفتها تركيا، ولكن ألمانيا لم تستطع تحقيق ذلك بسبب رفض الخليفة التركي للهجرة اليهودية، فانتقلت الحركة الصهيونية من برلين إلى لندن وارتمت كلية في أحضان الاستعمار البريطاني.
فصلت بريطانيا وفرنسا في اتفاقية سايكس ـ بيكو الاستعمارية 1916 ومؤتمر فرساي 1919جنوب سورية أي فلسطين عن الوطن الأم سورية تمهيداً لإقامة اسرائيل فيها.
وأصدرت بريطانيا وعد بلفور عام 1917 الذي تضمن إقامة الوطن القومي اليهودي في فلسطين العربيةوقرر مؤتمر فرساي فصل جنوب سورية اي فلسطين عن سورية1919، واقترح فلاديمير جابوتنسكي (الأب الروحي لمناحيم بيغن وشامير وشارون ونتنياهو) عام 14922 مشروعاً لإقامة سوق شرق أوسطية.
ووضع مؤتمر بلتمور الصهيوني في نيويورك عام 1942ثاني أهم المؤتمرات الصهيونية الحجر الأساسي لإقامة نظام الشرق الأوسط، حيث أقر: «إقامة قيادة يهودية للشرق الأوسط بأكمله في ميداني التنمية والسيطرة الاقتصادية».وتعمل السعوديةوالامارات والبحرينمن خلال التطبيع والتعاون والتحالف مه اسرائيل على تحقيقه.
غرس يهود بريطانيا والولايات المتحدة فكرة نظام الشرق الأوسط في صلب السياستين البريطانية والأميركية إبان الحرب العالمية الثانية، وعقد اجتماع في 18 تشرين الثاني 1943 عن ممثلين من وزارتي الخارجية الأمريكية والبريطانية في لندن ووضعوا المخططات لبلدان الشرق الأوسط بعد انتهاء الحرب لنهب ثروات المنطقة والهيمنة عليها ومنع وحدتها.
وساعدت جرائم ألمانيا النازية ضد اليهود غير الصهاينة وتعاون الصهيونية مع النازية لتهجير اليهود الى فلسطين فقط إلى قيام إسرائيل في أيار 1948 وتحقيق المخططات الصهيونية والاستعمارية بعد ارتماء الحركة الصهيونية كلية في أحضان الاستعمار الأميركي.
وأصبحت إسرائيل أداة عسكرية في يد الدول الاستعمارية للحيلولة دون وحدة العرب وتطورهم والسيطرة عليهم ونهب ثرواتهم وتدمير منجزاتهم.
اقترح بن غوريون (مؤسس إسرائيل) على الرئيس الأميركي إيزنهاور عام 1958 «إقامة سد منيع ضد التيار القومي العربي وللوقوف أمام التوسع السوفييتي من أميركا وإسرائيل وتركيا وإيران والحبشة، وجرى طرح عدة مشاريع منها حلف السنتو وحلف بغداد ومشروع جونسون ومبدأ ايزنهاور ومبادرة فهد وريغان وفريدمان لتصفية قضية فلسطين والهيمنة على المنطقة».
أشعلت إسرائيل عام 1956 بالاشتراك مع بريطانيا وفرنسا حرب السويس العدوانية، ثم أشعلت عام 1967 حرب حزيران العدوانية بالتفاهم والتنسيق الكاملين مع الولايات المتحدة، وترفض حتى اليوم تنفيذ قرارات مجلس الأمن.
نظمت إسرائيل عقد المؤتمرات الثلاث للمليونيرية اليهود في 1967 و1968 و1969 لإحكام سيطرتها الاقتصادية على البلدان العربية واستغلالها تحت ذريعة الأرض مقابل السلام.
تأسست في إسرائيل عام 1968 جمعية «السلام في الشرق الأوسط» مهمتها وضع الخطط والبرامج والمشاريع لفرض هيمنة «إسرائيل» الاقتصادية على البلدان العربية، وحددت نوعية الصناعات والإنتاج لكل بلد عربي من بلدان المشرق وطرح حزب العمل الإسرائيلي إقامة اتحاد اقتصادي إسرائيلي ـ فلسطيني ـ أردني على غرار اتحاد بنيلوكس بين بلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ، وطرحت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة العمالية منها والليكودية إقامة مشاريع للتعاون الاقتصادي على أساس شرق أوسطي وليس على أساس عربي كي تكون المركز والقائد للمنطقة وتقضي على الوحدة الاقتصادية العربية.
وبمعنى آخر تبنت «إسرائيل» الفكرة التي نادى بها هرتسل حول إقامة نظام الشرق الأوسط وقرار مؤتمر بلتمور الصهيوني، بجعل دولة اليهود المركز والقائد للنظام الجديد، وظهر ذلك بجلاء في المفاوضات المتعددة الأطراف التي انبثقت عن مؤتمر مدريد.
وضع شمعون بيرس سفاح قانا وأبو مفاعل ديمونا الذري في كتابه الذي ظهر بعد توقيع اتفاق الإذعان في أوسلو في نهاية عام 1993 بالانكليزية تحت عنوان: «الشرق الأوسط الجديد» وضع فيه تصوراته للنظام الجديد في المنطقة من شقين اقتصادي وأمني ودمج الاقتصادي بالأمني عبر تشابك المصالح لإقامة «إسرائيل العظمى الاقتصادية» من خلال مشروع الشرق الأوسط الجديد.ويتشابه مع مشروع الشرق الاوسط الكبير الي وضعه المستشرق اليهودي الجاسوس برنارد لويس وتبناه الكونغرس الامريكي.
ماذا يعني مشروع الشرق الاوسط الجديد؟……. إن نظام الشرق الأوسط الكبير الذي وضعه برنارد لويس وتبناه الكونغرس الامريكيومشروع الشرق الاوسط الجديد الذي وضعه بيرس واعلنه بعد توقيع إتفاق الاذعان في اوسلو وطرحه الرئيس بوش ووزيرة خارجيته رايس في خضم حرب الإبادة والتدمير وسياسة الأرض المحروقة الامريكية البريطانية على العراق 2003والأميركية والإسرائيليةعلى لبنان 2006مصطلح صهيوني استعماري النشأة والأصل والتخطيط، لخدمة أهداف الصهيونية والإمبريالية. وجاء من أوروبا والولايات المتحدة فهو خارجي وغريب عن المنطقة ويخدم مصالح القوى التي وضعته على حساب مصالح وأهداف وحقوق شعوب المنطقة، ويقضي على تحقيق الوحدة العربية وعروبة القدس وفلسطين والجولان .ويهدف إلى تغيير هوية المنطقة العربية الإسلامية وأمركتها وصهينتها ونهب ثرواتها بدعم من أنظمة الخليج وإتفاقات الاذعان ومحاربة العروبة والإسلام وتصفية قضية فلسطين والجولان والتطبيع والاعتراف والتحالف وإنهاء الصراع وجعل اسرائيل القائد والمركز والحكم وإقامة اسرائيل العظمى الاقتصاديةمن خلال نيوم السعودية ومشروع الشرق الاوسط الجديد
وتفتيت الدول العربية والإسلامية على أسس طائفية ومذهبية وعرقية وإعادة تركيبها لفرض هيمنة اليهودية الامريكيةواسرائيل على الشرق الاوسط وامريكا على العالم.