ليس بهذا الاسلوب يكرم علماء الامة ياحكومة النهضة !!!

تقول الحكمة التايلاندية (شعب لايعرف الوفاء شعب لايعرف التقدم ) وانا اقولها بصريح العبارة : حكومة لاتعرف الوفاء للعلماء والمفكريين والمثقفين لن تنهض، ولن تتقدم خطوة واحدة الى الامام .

تعد الجامعات في الدول التي تحترم ذاتها منابر تنوير فكري واشعاع علمي، ويثمن عاليا دورها و دور قادتها ومن يديرونها من رؤساء ومساعدين واداريين كونهم من خلاصة النخب العلمية والفكرية والتربوية المقدرة قيمة وقامة والذين يقع على كواهلهم نهضة المجتمعات وتقدم الامم حضاريا وعلميا، فهم من يشكلون الرأي العام للامة وهم بناة الوجدان و الضمير الجمعي الوطني المتفاني في خدمة اهداف الدولة التنموية والحضارية والانسانية، ولا يمكن لامة ان تنهض او تتقدم الى الامام خطوة دون تاثير لدور الجامعات و دور من يشرف على ادارتها لكن في هذا الوقت – وقت القلة والذلة والكحل الاسود – وقت من هبطوا الى الوظيفة العامة بالمظلات، وقت ظلم العلم والعلماء بطرق ملتوية لان العالم والاستاذ الجامعي لايكون على مقياس بعض الاجهزة الرسمية التي اصبحت تصول وتجول في غياب المحاسبة الوطنية الصادقة وغياب الاجهزة الرقابية والتنفيذية التي تؤمن بالوطن وتعرف قيمة الرجال الاوفياء للوطن والواجب في ظل هذا الغياب، يتربع في الواجهة اناس ضعاف يخافون ممن هم افضل منهم علما وفكرا وانتمائا، لهذا فتبدأ عمليات الدس الرخيص تجاه هذه القامات الوطنية والعلمية وطعنهم من الخلف من اجل الجلوس مكانهم.

 ان محاولة الاساءة الى رؤساء الجامعات بما يسمى تقيمهم هو عين المصيبة، فكيف لفاقد الشىء ان يقيم عالما في مجاله هو قيمة علمية للجامعة التي يشرف على ادارتها، فالعديد من المعاهد العلمية ومنها الجامعات عرفت ليست باسمها بل باسم من ادارها وقدمها للعالم بابهى الصور واصدقها. ان مجرد التفكير في التعامل مع رؤساء الجامعات كموظفين فئة رابعة هو في حد ذاته عمل منقوص وهو الخسران المبين.

من هنا فان علينا ان نكبر على حكومة النهضة اربع تكبيرات، ان ماحدث من اقالات لرئيس جامعة اليرموك وجامعة الملك حسين يتجاوزكل معايير الكياسة والاخلاق والقانون بل هذا شىء معيب ومهزلة لايقبلها عقل ولا منطق ولا ابسط مبادىء التعامل الاداري !

هل يعقل ان يقال عالم الاثار رئيس جامعة اليرموك بهذه الطريقة التعسفية؟ وكذلك عالم الجيولوجيا والزلازل رئيس جامعة الحسين ! من موقعيهما دون سابق انذار، وان يعلما بنبأ الاقالة من خلال وسائل الاعلام ومنصات التواصل الاجتماعي ؟ وماهو الدافع الحقيقي لمثل هذا التصرف الذي لاينم عن دراية وخبرة في ادارة الشأن العام وكيفية التعامل مع علماء الوطن الذين قدموا عصارة جهدهم للوطن، وقدموا الاردن بابهى صوره في المؤتمرات واللقاءات العلمية والفكرية، وخلدوا تاريخه باحرف من نور في المتاحف والمنصات العلمية والمنابر الدولية؟

 والله الذي لا اله الا هو – انها قمة النكران غير المسبوقة في تاريخ هذا الوطن الذي بني مداميكة الاولى الشرفاء امثال الاستاذ الدكتور زيدان كفافي العالم الذي شارك في أعرق المؤتمرات المتعلقة بتخصصه ليكون علما خفاقا في سماء العلم والمعرفة، فرأيه يحترم، وكلمته تسمع من اقرانه العلماء في تخصصهم المميز في علم الاثار؛ الذي حاز ولأكثر من مرة على جوائز عديدة، واوسمة رفيعة، وقدم الكثير من الأوراق والبحوث العلمية التي تسجل بماء من ذهب في مختلف المحافل ذات الاختصاص، وعلى امتداد العالم كله تزخر علاقاته المعرفية مع العلماء الاخرين في رفد مسيرة العطاء والتميز والابداع لبناء عالم حديث تسوده المعلومة والقيمة الحقيقية للإنسان. وكذلك الاستاذ الدكتور نجيب ابو كركي الذي له من اسمه نصيب وهو العالم في علم الجيولوجيا والزلازل والذي كان يتصدر المؤتمرات واللقاءات العلمية الدولية ويرفع راس الاردن عاليا في هذه المحافل العلمية الدولية.

ان ما قامت به حكومة النهضة ستبقى ندبة سوداء في صفحاتها وصفحات المشرفين عليها مدى الدهر، اما زيدان الكفافي ونجيب ابو كركي فسيبقيان شامة مضيئة على جبين الوطن مدى الدهر نزين بها مجالسنا ومنتدياتنا العلمية والفكرية، وسيبقيان خالدين في وجدان الامة وذاكرتها التي لاتعرف النسيان والنكران، وكأني بالعالمين الكريمين يرددان بصوت خفي..

وَإِنَّ الَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَ بَنِي أَبِي
وَبَيْنَ بَنِي عَمِّي لَمُخْتَلِفٌ جِدَّا
أَرَاهُمْ إِلَى نَصْرِي بِطَاءً وَإِنْ هُمُ
دَعَوْنِي إِلَى نَصْرٍ أَتَيْتُهُمُ شَدَّا
فَإِنْ أكُلُوا لَحْمِي وَفَرْتُ لُحُومَهُمْ
وَإِن هدِمُوا مَجْدِي بَنَيْتُ لَهُمْ مَجْدَا
وَإِنْ ضَيَّعُوا غَيْبِي حَفِظْتُ غُيوبَهُمْ
وَإِنْ هُمْ هَوَوا غَيِّي هَوَيتُ لَهُمْ رُشْدَا
وَإِنْ زَجَرُوا طَيْرَاً بِنَحْسٍ تَمُرُّ بِي
زَجَرْتُ لَهُمْ طَيْرَاً تَمُرُّ بِهِمْ سَعْدَا
وَإِن هَبَطُوا غَوْرَاً لِأَمْرٍ يَسُوءُنِي
طَلَعْتُ لَهُمْ مِمَّا يَسُرُّهُمُ نَجْدَا
فَإِنْ قَدَحُوا لِي نَارَ زَنْدٍ يَشِينُنِي
قَدَحْتُ لَهُمْ فِي نَارِ مَكْرُمَةٍ زَنْدَا
وَإِنْ بَادَهُونِي بِالعَدَاوَةِ لَمْ أَكُنْ
أُبَادِهُهُمْ إِلَّا بِمَا يَنْعَتُ الرُشْدَا
وَإِن قَطَعُوا مِنِّي الأَوَاصِرَ ضِلَّةً
وَصَلْتُ لَهُمْ مِنِّي المَحَبَّةَ وَالوُدَّا
وَلَا أَحْمِلُ الحِقْدَ القَدِيمَ عَلَيْهِمُ
وَلَيْسَ كَرِيمُ القَوْمِ مَنْ يَحْمِلُ الحِقْدَا

البريد الإلكتروني: [email protected]

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى