تصريحات رئيس وزراء الأردن الأسبق لا تعبّر عن رأي الشعب الأردني

في الوقت الذي يواجه فيه الفلسطينيون محاولات إسرائيل لضم أراضيهم وتصفية قضيتهم، ويحتاجون إلى مزيد من الدعم العربي الرسمي والشعبي لتعزيز صمودهم ومقاومتهم لجرائم دولة الاحتلال ونواياها التوسعية ليس في فلسطين فقط، بل في الوطن العربي ولا تخفي نواياها بطرد الفلسطينيين وإقامة ما يسمى ب” الوطن البديل ” في الأردن، يخذلهم تهافت بعض الأنظمة العربية وبعض المسؤولين العرب الحاليين والسابقين ممن لم يكتفوا بالتطبيع السياسي، أو الرياضي، أو الاقتصادي معها، بل امتد ليشمل التطبيع الثقافي والتدليس وتجاهل الحقائق وتسخيرها لخدمة أهداف الاحتلال الخبيثة، وتدهشهم تصريحات رئيس وزراء المملكة الأردنية الهاشمية الأسبق فايز الطراونة الأخيرة التي قال فيها ” شو دخل الأردن بمشروع ضم الأغوار الفلسطينية ” و ” إنه من غير الصحيح القول إن الاحتلال يريد ضم أرض أردنية من غور الأردن، فهذا غور فلسطيني، فالأردن رسم حدوده واتفق عليها، ولم يتم ضم أرض أردنية، فلا يوجد أي خطر على الأردن من فكرة الضم، لأننا وضعنا خطا فاصلا للحدود، والأردن مكتمل السيادة ولا يوجد شيء يهدد أمنه.”

تصريحات السيد الطراونة الذي خدم في كل المواقع العليا في الدولة الأردنية، وكان رئيسا للوزراء بين عهدين، عهد الملك الحسين ابن طلال وعهد نجله الملك عبد الله الثاني، ويعتبر قطبا من أقطاب الدولة الأردنية العميقة، فاجأت الجميع وأثارت المزيد من ردود الفعل الأردنية الرافضة لها والمستغربة لتوقيتها، خاصة وإنها تتعارض بشكل صارخ مع الموقف الرسمي الأردني الرافض لضم المستوطنات والأغوار الذي عبر عنه بصراحة ووضوح الملك عبد الله الثاني ووزير الخارجية الأردنية أيمن الصفدي!

ومع احترامنا للسيد الطراونة، وللتوضيح، لا بد من ذكر بعض الحقائق التي تؤكد وحدة وتداخل مصالح الشعبين الأردني والفلسطيني، وتميز العلاقات بينهما، وتتناقض مع قوله ” شو دخل الأردن … ” ومن أهمها: أولا، إن الأردنيين والفلسطينيين أخوة في العروبة وفي السراء والضراء، وأقاموا وحدة سياسية كانت وما زالت هي الأنجح في تاريخ الوطن العربي الحديث، وتجمعهم علاقات عائلية واجتماعية متشابكة، وروابط أخوة وأرض واقتصاد وثقافة دائمة عصية على رغبة ومحاولات إسرائيل بتخريبها؛ ثانيا، الأردن لا يستطيع أن يرسم حدوده مع فلسطين التي ما زالت محتلة، وأن هذه الحدود سترسم بعد زوال الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية، وبالاتفاق مع الدولة الفلسطينية وليس مع دولة الاحتلال وفي ظل الاحتلال؛ ثالثا، إن ضم إسرائيل للأغوار يشكل خرقا لاتفاقية وادي عربة التي تنص على تحقيق سلام عادل ودائم وشامل في المنطقة مبني على قراري مجلس الأمن الدولي 242 و 380، وقرارات الشرعية الدولية الأخرى التي تطالب إسرائيل بالانسحاب من الأراضي الفلسطينية التي احتلتها عام 1967؛ ورابعا، ان قول الطراونة ” لا يوجد شيء يهدد أمن الأردن ” مستغرب جدا بعد أن ضمت دولة الاحتلال القدس، وابتلعت معظم الضفة الغربية، وضمت الجولان، وحاولت انهاء الوصاية الهاشمية على الأماكن الاسلامية والمسيحية المقدسة في فلسطين، وتهدد وتخطط لطرد فلسطينيي الضفة الغربية وإقامة ” الوطن البديل “، الفكرة الصهيونية التي يرفضها كل فلسطيني وأردني وعربي مخلص لأمته.

تصريحات الطراونة المتعلقة بضم الأغوار لا تعبر عن رأي وقناعات الشعب الأردني! الأردن له دخل بفلسطين وفلسطين لها دخل بالأردن، وغرب النهر وشرق النهر ملك لشعبين شقيقين مصيرهما واحد، وما يضر ويهدد وجود أحدهما يضر ويهدد وجود الآخر؛ ولهذا فإن رفض الأردن لنوايا إسرائيل بضم المستوطنات والأغوار يحمي مصالحه، ويدعم الموقف الفلسطيني، ويعبر عن تلاحم وتعاضد الشعبين الشقيقين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى