( ميزان القوى ) و ( ميزان الرعب )

1▪︎ كان ميزان القوى أو توازن القوى يتجسّد بأمرين :
ميزان القوى التقليدي ، وميزان القوى الاستراتيجي… وكلا الأمرين ، كانت ” إسرائيل ” تتمتع بهما ، بل تتفوق بهما على كامل الدول المحيطة بها ، بقرار أمريكي وبريطاني وفرنسي ، منذ قيامها وحتى الآن ، بمعنى توفير تسليح نوعي متطور جداً ، يكون متفوقاً ، بمراحل ودرجات ، على التسليح الذي يمكن أن يتسلح به العرب..
وهذا ما أدّى إلى تحقيق انتصارات إسرائيلية في نكبة ” 1948 ” وفي نكسة ” 1967 ” ، لا بل وأدى إلى عدم قدرة الجيشين المصري والسوري ، مجتمعين ، على تحرير أرضهما المحتلة في ” سيناء ” و” الجولان ” ، عام ” 1973 ” ، ناهيك عن عدم تحرير ” فلسطين “.
2▪︎ وهذا ما أدى بالرئيس حافظ الأسد ، إلى اجتراح طريق ثالث ، تتمكن خلاله الأمة العربية ، من الصمود أمام ” إسرائيل ” ومنعها من الاستمرار في تكبيد العرب ، هزائم متلاحقة ، ومنعها من مصادرة القرار العربي…
وتَفَرَّغَ الرئيس حافظ الأسد لإيجاد البنية والصيغة والوضعية الكفيلة بمواجهة المشروع الاستعماري الصهيوني الجديد..
ومن هنا ظهرت إلى الوجود مسألة فكرة ونهج ومنظومة ” المقاومة والممانعة ” بمعنى تزاوج المقاومة المسلحة ضد العدو الإسرائيلي ، مع الممانعة السياسية في مواجهة المشروع الصهيو – أميركي ، والاستمرار – في الوقت نفسه – في تطوير كل ما يمكن تطويره والحصول عليه من أسلحة تقليدية وأسلحة إستراتيجية.
3▪︎ وكان منطلق الرئيس ” حافظ الأسد ” هو ” الصراع العربي – الإسرائيلي ” المصيري الوجودي ، والإصرار على عدم تقزيمه واختزاله إلى ” نزاع عربي- إسرائيلي ” ثم ” نزاع فلسطيني- إسرائيلي ” ثم ” خلاف فلسطيني – إسرائيلي ” وصولاً إلى ” تواطؤ وتعاون وتحالف أعرابي – إسرائيلي ” ضد كل عربي أو مسلم أو مسيحي مشرقي ، يرفض الاندراج والانضواء في قطيع الالتحاق بالمشروع الصهيوني في المنطقة.
ولذلك وقف الرئيس حافظ الأسد ، بقوة ، ضد زيارة ” أنور السادات ” إلى ” القدس ” في عام ” 1977 ” ، وانتهج نهج الممانعة السياسية ضد هذا المشروع الاستسلامي الجديد الذي دشنه ” السادات ” حينئذ .
4▪︎ ونذكّر ضعفاء الذاكرة، بأنّ ” إيران ” كانت شاهنشاهية حينئذ ، وكانت في الخندق الصهيوني..
كما نذكّر ضعفاء الذاكرة ، بأن ” حزب الله ” لم يكن قد ظهر إلى الوجود في ذلك الحين..
ومع ذلك ، استطاع الرئيس حافظ الأسد ، وضع الأسس الكفيلة ، بتأسيس وترسيخ ” نهج المقاومة والممانعة “..
وعندما اندلعت الثورة الإيرانية وانتصرت في ” شباط 1979 ” ، انتقلت ب ” إيران ” من خندق التبعية للمشروع الصهيو – أميركي في المنطقة ، إلى خندق ” المقاومة والممانعة ” ..
ثم انضم إلى هذا الخندق ” حزب الله ” إثر تأسيسه عام ” 1982 ” في مواجهة العدوان الإسرائيلي على لبنان ، في ذلك الحين ..
وَهُمَا مَن انتقلا ، إلى خندق المقاومة والممانعة الذي اختطّه الرئيس ” حافظ الأسد ” ، وليس العكس.
5▪︎ وعندما استمرت سورية في هذا النهج ، بعد أن تسنّم الرئيس ” بشار الأسد ” سُدّة الحكم ، لا بل جرى ، في عهده ، تصليب وتعميق وتمنيع وتحصين ” نهج المقاومة والممانعة ” بحيث تمكّن ” محور المقاومة والممانعة ” من تحقيق ” توازن رعب ” ليس في مواجهة ” إسرائيل ” فقط ، بل في مواجهة المحور الصهيو – أميركي وأذنابه النفطية والغازية…
و هذا ما أدّى إلى استنفار هذا الأخير – أي المحور الصهيو -أميركي – ضد سورية ، والعمل على كسر منظومة المقاومة والممانعة ، عبر محاولة تهشيم قلب ورئة هذه المنظومة وعمودها الفقري المتجسد بـ ” سورية الأسد ” ، بغرض القضاء على التوازن الإستراتيجي الجديد الذي حققته منظومة المقاومة والممانعة ..
وبغرض السيطرة على سورية والانتقال بها من محور المقاومة والممانعة ، إلى محور الاستسلام والإذعان والخنوع الأعرابي النفطي والغازي ، تمهيداً لتفكيك الدولة السورية ، وتفتيت البنية الاجتماعية السورية ، وإدخال سورية في حرب ” داحس وغبراء ” جديدة مديدة لعشرات السنين ، عبر ” داعش ” وشبيهاتها ، وبما يؤدّي – طبقاً لمخططاتهم – إلى ملايين الضحايا ، ليس في سورية وحدها ، بل في هذا الشرق العربي ..
من أجل تمهيد الطريق لتكريس ” يهودية الدولة الإسرائيلية ” وتحويل ” إسرائيل ” إلى الدولة الوحيدة القائمة في هذه المنطقة ، بعد تحوّل الدول العربية الحالية ، إلى عشرات – إن لم يكن مئات – ” الإمارات ” الداعشية الإرهابية الظلامية التكفيرية المتصارعة المتحاربة.
6▪︎ ولكن الصمود السوري الأسطوري وغير المسبوق في التاريخ ، والتضحيات السورية الهائلة التي قدّمتها الدولة الوطنية السورية – شعباً وجيشاً وأسداً – أدى ذلك إلى إجهاض وإفشال المخطط الاستعماري الجديد..
و لسوف تنتفض سورية مجدداً ، كطائر الفينيق ، لتعود أفضل مما كانت ، بل ولتكون عاصمة الشرق وحاضرة العالم الجديد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى