بعد 47 عاما.. بريطانيا تخرج من عضوية الاتحاد الأوروبي وتدخل في دوامة الخلاف والانقسام/ فيديو

 

عند الساعة 11 من ليل الجمعة في لندن لم تدقّ ساعة بيغ بن الشهيرة كونها تخضع للصيانة، لكنّ الآلاف من مؤيّدي بريكست احتشدوا أمام مبنى البرلمان حيث احتفلوا على وقع التصفيق والنشيد الوطني بخروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي.

وقبل ثلاثين ثانية من حلول الساعة 11 ليلاً بالتوقيت المحلّي (منتصف الليل بتوقيت بروكسل) بدأ المحتشدون حول قصر ويستمنستر، مقرّ البرلمان البريطاني، العدّ التنازلي ليعلو في نهايته التصفيق والهتاف وصيحات الفرح مصحوبة بإطلاق بالونات في السماء وتبادل العناق.

وردّد مؤيّدو بريكست الذين رفعوا الأعلام البريطانية والإنكليزية كلمات النشيد الوطني “ليحفظ الله الملكة” التي عرضت أمامهم على شاشة عملاقة، قبل أن يطلقوا العنان للألعاب النارية.

ونظّم الحفل الجماهيري أمام مبنى البرلمان عتاة المتحمسين لبريكست يقودهم نايجل فاراج الذي خسر بخروج بلاده من الاتحاد الأوروبي مقعده في البرلمان الأوروبي لكنه حقق حلمه القديم.

وإذ كان عدد من مؤيّدي بريكست قد أحرقوا خلال النهار العلم الأوروبي، فإنّ الأجواء التي سادت احتفالات المساء تميّزت بالفرح والصخب.

ويأتي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بعد 47 عاماً من الزواج الصاخب بين لندن وبروكسل وبعد ثلاث سنوات ونصف سنة من المفاوضات الشاقة، لتفتح صفحةً جديدة من تاريخها.

وبعدما أرجئ موعده ثلاث مرّات، دخل بريكست حيز التنفيذ في الساعة 23,00 بتوقيتَي لندن وغرينيتش والساعة صفر من فجر اليوم السبت بتوقيت بروكسل.

بعيد دقائق من دخول بريكست حيز التنفيذ، وعد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بتعزيز العلاقات الثنائية بين واشنطن ولندن.

وقد أحدث الجدل حول مغادرة الاتحاد الأوروبي أو البقاء فيه انقساما في المجتمع البريطاني، إذ خرج الكثيرون للاحتفال بهذا اليوم حاملين الأعلام البريطانية أمام ساحة البرلمان، بينما يخيم الصمت على بعض المناطق من بريطانيا.

جونسون يدعو للوحدة

وقد دعا رئيس الوزراء، بوريس جونسون، إلى الوحدة، واصفًا هذه الخطوة بأنها فصل جديد في تاريخ الأمة.

وسيكون تأثير الخروج محدودا في البداية، لأن العلاقة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي لن تتغير كثيرا في المرحلة الانتقالية التي اتفق عليها الطرفان.

وستبدأ مباشرة مفاوضات شاقة على شروط العلاقة الجديدة، التي يأمل جونسون أن تنتهي في نهاية شهر ديسمبر/ كانون أول 2020 باتفاق شامل.

وقال جونسون في بيان أصدرته رئاسة الوزراء إنه “يتفهم شعور المتخوفين” من تأثير الخروج من الاتحاد الأوروبي على حياتهم”. مؤكدًا أن مهمة الحكومة هي “لم شمل جميع البريطانيين والمضي بهم قدما”.

وأضاف: “إنه فجر مرحلة جديدة لا نقبل فيها أن تكون حظوظ نجاحك مرهونة بالمنطقة التي نشأت فيها، إنها اللحظة التي نبدأ فيها بناء الوحدة والمساواة، نزرع الأمل ونفتح الفرص في جميع مناطق بريطانيا”.

وأعلن ما وصفها بأنها مرحلة جديدة من التعاون الودي بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي.

“خسارة حقوق”

في ايرلندا الشمالية، رُفعت لافتة كتب عليها “هذه الجزيرة ترفض بريكست”. وفي اسكتلندا، قالت رئيسة الوزراء نيكولا ستورجن إنه “وقت حزين جدًا تُواكبه مشاعر غضب”. وأكدت تصميمها على المضي قدمًا في تنظيم استفتاء على الاستقلال، رغم رفض لندن. وسيظل العلم الأوروبي يُرفرف على برلمان اسكتلندا.

في بروكسل، أُنزِل العلم البريطاني الذي كان يرفرف أمام المجلس الأوروبي. ومن بروكسل إلى برلين، مرورًا بباريس، عبر القادة الأوروبيون عن أسفهم لخروج بريطانيا.

ورغم تاريخية هذا اليوم، إلا أنه لن يقود فورًا نحو تغييرات كبيرة ملموسة. فلكي يتم الانفصال بسلاسة، ستواصل المملكة المتحدة تطبيق النظم الأوروبية، من دون أن تشارك في قرارات الاتحاد طيلة الفترة الانتقالية الممتدة حتى 31 كانون الأول/ديسمبر 2020.

ولن تكون هذه النهاية سوى بداية فصل ثان من مسلسل بريكست الطويل، يتمثل في المفاوضات المعقدة حول العلاقات التي ستربط لندن وبروكسل في مجالات التجارة والأمن، أو حتى الصيد.

وترغب لندن في الانتهاء من ذلك خلال وقت قياسي، قبل نهاية العام، وترفض أي تمديد للمرحلة الانتقالية إلى ما بعد 2020. وتعتبر بروكسل أن مهلة كهذه ضيقة جداً.

وتسعى الحكومة البريطانية لأن تكون 80% من مبادلاتها بموجب اتفاقات للتبادل الحر خلال السنوات الثلاث المقبلة. وستتمكن البلاد اعتبارا من السبت، من بدء مفاوضات مع دول اخرى كالولايات المتحدة بعد ان وعد الرئيس دونالد ترامب باتفاق “رائع”.

وسبق لرئيس الوزراء البريطاني الذي سيقدم رؤيته التفصيلية في بداية الأسبوع المقبل، أن أعلن بوضوح أنه يرغب بالتوصل إلى اتفاق تبادل حر على غرار الذي تم التوصل إليه بين الاتحاد الأوروبي وكندا، لا يشترط أن يكون متوائماً مع قواعد الاتحاد الأوروبي إضافة إلى رفض الضوابط الجمركية، بحسب وسائل الإعلام.

واعتبرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن بريكست يمثل “تغييراً جذرياً” للاتحاد الأوروبي، وفق ما نقل عنها المتحدث باسم الحكومة شتيفان سيبرت في مؤتمر صحافي.

وعبر سيبرت ايضاً عن رغبة برلين في أن تبقى المملكة المتحدة “شريكا وثيقا وحليفا”، مضيفا “نأسف (لبريكست)، ونعتقد أن غالبية الشعب الألماني يشعر بالأسف أيضا، لكننا نحترم قرار الشعب البريطاني”.

ويشكل تحويل بريكست إلى واقع ملموس انتصارًا لجونسون الذي نجح حيث فشلت رئيسة الوزراء البريطانية السابقة تيريزا ماي التي خاضت مفاوضات طويلة وصعبة مع الاتحاد الاوروبي ولم تتمكن من اقناع البرلمان بتمرير الاتفاق.

وبعدما أعاد التفاوض على النص في الخريف مع بروكسل، تمكن رئيس بلدية لندن السابق من تمريره في البرلمان في نهاية كانون الثاني/يناير بعد حصوله على غالبية برلمانية قوية، قبل ان يصادق عليه أيضا البرلمان الاوروبي في جلسة كانت مؤثرة جدا للنواب البريطانيين الاوروبيين عند رحيلهم.

https://web.facebook.com/Channel4News/videos/225402291799288/

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى