خمسة وعشرون عاما على مأساة وادي عربه

بقلم : عبد الهادي الراجح

 

استوقفني كثيرا هذا العام مرور الذكرى الخامسة والعشرين لجريمة وادي عربه بين الأردن الرسمي والكيان الصهيوني التي يسمونها سلام، وسط كم هائل من التجاهل لتلك الجريمة حتى من موقعيها والموافقين عليها في مجلس الأنس .
ومرت بخاطري تلك النشوة المفتعلة لمن أبرموها وهم يتشدقون أمام وسائل الإعلام بأنهم قد وأدوا فكرة الوطن البديل وللأبد، ثم يعود أحدهم بعد سنوات ليتحدث بكلام آخر .
فقد مرت ذكراها الــ25 في صمت رهيب يشبه صمت القبور خاصة مع الإفرازات الصهيونية لكل انتخابات وتشابه برامج الأحزاب الصهيونية، وأنه لا فرق لديهم بين يمين ويسار، والأخير يسمونه المعتدل وهو من يريد إخلاء كل فلسطين وتوطين شعبنا الفلسطيني في كل مكان من تواجده في العالم .
وهذا ما كان واضحا وسياسة صهيونية ممنهجة في أول جريمة ارتكبها بطل العبور المزيف يهودا السادات عندما ذهب للقدس في زيارته المشئومة، معتقدا أنه سيكون بطل الحرب التي أجهضها مبكرا، والسلام لمجرد حواره مع الصهاينة القتلة وجها لوجه ، ويومها رد عليه السفاح مناحيم بيغن رئيس وزراء كيان العدو، والمجرم شمعون بيرس زعيم المعارضة الصهيونية في ذلك الوقت، وكلامهما كان واحدا : لا عودة لحدود ما قبل الرابع من حزيران يونيو عام 1967م ، ولا لدولة فلسطينية، والقدس عاصمة الكيان الصهيوني الواحدة الموحدة، ويمكن قبول حكم ذاتي للفلسطينيين، ولا عودة للاجئين والنازحين ، أما سيناء المصرية فيمكن التفاوض عليها ضمن الشروط الصهيونية.. وللأسف هكذا كان الامر لدى كل قيادات العدو بمختلف أسمائها المتعاقبة حتى اليوم ، وعلى ماذا كان يتفاوض المتفاوضون من كامب ديفيد حتى اليوم .
وجريمة وادي عربه، شأنها شأن جريمة أوسلو ، وليد لقيط لكامب ديفيد،
لذلك تمثلت الفسادات سابقا في تكريس ثقافة الهزيمة والاستسلام، والركوع أمام العدو الصهيوني ، والموافقة على كل شروطه ، ومعروفة عبارته الشهيرة (التنازل لأجل كارتر حتى نساعده بالنجاح ليجبر العدو على الانسحاب ) والنتيجة سقط كارتر أمام ما هو أكثر ولاء للصهيونية العالمية رونالد ريغان، وقُتل الخائن السادات، حيث احترقت أوراقه وأصبح وجوده عبئا حتى على مشغليه ، وليجعلوا منه بعد قتله البطل وشهيد السلام، كما نرى ونسمع اليوم في الإعلام المصري .
أنهم يريدون استمرار نهجه بدون وجوده ، وذكرى جريمة وادي عربه التي سارت على نفس الطريق ، ونذكر تصريح الملك حسين الشهير بأنه مجبر على وضع يده بيد الشيطان، يقصد رابين، لأجل مصلحة وطنه وشعبه، مع أن رابين ليس أول شيطان يضع الملك يده بيده .
وكانت ديون الأردن في ذلك الوقت لا تتجاوز الستة مليارات، فماذا لو عاد الملك حسين اليوم ليرى واقع الأردن اليوم بعد تلك الجريمة وحجم الدمار الشامل الذي خلفته ، وباعدت بين الحاكم والمحكوم، وكل مصائب الأردن جاءت بلا شك إفرازا لتلك الجريمة التي كشفت لنا أنها كانت لمصلحة العدو وعملائه، وتكريس الدور الوظيفي المرسوم للأردن .
لذلك فأول خطوة نحو التحرر الوطني والاقتصادي، وإعادة ما نهب من الوطن وأراضيه ، وإعادة الاعتبار للوطن والشعب معا، إلغاء تلك الجريمة ومحاسبة من اقترفها، وهذا ليس مطلوباً من الأردن فقط، حتى لا يقول البعض أننا نريد للوطن أن ينتحر، ولكن بإجماع عربي وموقف موحد بعد كل الصفعات والرفض الذي تلقوه من العدو .
اسألوا ماذا استفادت مصر والأردن وفلسطين من الاعتراف بالعدو الصهيوني غير خسارة المصداقية والكرامة أمام الشعب العربي في تلك الدول وأمام العالم كله .
لذلك.. نعم لعودة خيار المقاومة ، تسقط جريمة كامب ديفيد وكل إفرازاتها الخطيرة في أوسلو ووادي عربه ، ولا نامت أعين الجبناء .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى